عرض مشاركة واحدة
قديم 05-26-2012, 05:34 PM
المشاركة 696
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
</strong>
2 .5: شعرية النص:‏ </strong>
ينتج عن كل الملاحظات التي إليها أشرنا أننا يمكن أن نعد رواية "صخب البحيرة" لمحمد البساطي، في النهاية، على حد عبارة صبري حافظ استعارة كلية أو صورة استعارية شاملة عن الوضع البشري"(103) مفادها كيف يستطيع الزائدون عن الحاجة المقذوف بهم إلى الهامش أن يحولوا أنفسهم إلى ذوات فاعلة وأن يحققوا قدراً من المشاركة والمعنى والانتماء والإبداع(104) والرواية بقدر ما تتناءى عن الإحالة على العالم الخارجي وتقلص من التعاقب في الربط بين الأحداث والعلاقة المنطقية السببية بين الأشياء والمنظورات تتناءى عن مجال الكناية وتدنو من مجال الاستعارة وعلى هذا النحو تستعير الرواية من الشعر باعتباره جنساً استعارياً على حد تعبير ياكبسون بعضا من أدواته الشعرية.‏ </strong>
2. 5. 1: تعتمد رواية "صخب البحيرة" التكرار باعتباره أداة تنظيمية للحكي، فبقطع النظر عن تشابه المقاطع السردية من حيث حركة الشخوص ومسارهم ومصيرهم، فإن السارد كثيراً ما يلتجئ إلى تكرار المشهد عند الوصف ويكفي أن نشير إلى أربعة مشاهد أساسية تتكرر أكثر من مرة أثناء السرد وهي المشهد الطبيعي المتمثل في البحيرة وما يحيط بها ومشهد الولدين وهما يمرحان على شاطئ البحيرة ومشهد الصندوق ومشهد الأغراب الذين يأتون غزاة مع النواة. وظاهرة التكرار توحي بأن السرد لا ينمو مع الزمن بقدر ما ينكفئ على ذاته، فكأن الرواية تستعير من الشعر لازميته.‏ </strong>
2. 5. 2: يتسم السرد في رواية "صخب البحيرة" بكثافة عجيبة ذلك أن الاستطرادات التي كثيراً ما تميز أسلوب السرد في الرواية عادة، تكاد تزول فالرواية ترفض الزوائد ذلك أن كل شيء يوصف وكل حدث يروي له وظيفته في مساق السرد وتساعد الاختزالات الكثيرة على إنتاج هذه الكثافة السردية في مستوى الأحداث ودلالاتها ولا يظهر الاقتصاد فقط في مستوى بناء الأحداث بل يتجسّد كذلك في مستوى بناء الجملة السردية إذ تأتي في أغلب الأحيان مختزلة ودقيقة ولعلّ الكاتب يتبنّى بدوره تلك المقولة التي صدر بها أحد كتاب الحساسية الجديدة -إبراهيم أصلان، روايته "مالك الحزين" (105) "ياناتائيل أوصيك بالدقّة لا بالوضوح" وهي مقولة بول فاليري الشهيرة.‏ </strong>
2. 5. 3: يكون الاقتصاد في الكلام لفائدة تكثيف الطاقة الإيحائية للجملة السردية ففي كثير من الأحيان يوحي الملفوظ بما يعني ولا يصرّح به وهذه بعض الأمثلة: "وأنت؟ رمقها صامتا قالت، وأولادك؟ طرقت عيناه لحظة، قال أنتظرك في القارب" قفزت صارخة حين جرت الضفادع على وجهها، كتم فمها بيده، أرقدها مرّة أخرى.."(107).‏ </strong>
الخاتمة:‏ </strong>
هكذا يتضح من خلال تحليلنا المفاهيم الأساسيّة التي تنظّم فضاء السّرد في رواية "صخب البحيرة" لمحمّد البساطي، أنّ المتخيل من أحداث وشخوص وفضاء، بتقليص إحالته الخارجيّة، ظلّ مجاوراً للخارق وال "ما فوق طبيعي" دون أن يقع فيهما ولئن ظلّ الطّبيعي والمنطقي والمحتمل السّمات البارزة الّتي تشدّ الأفعال إلى الواقعي في مجابهة الخارق فإنّ الحدّ الفاصل بين الواقعي والخارق يضيق والمجاورة تؤثر في طبيعة الخطاب الواقعي تأثيراً كبيراً. وعلى هذا النّحو استعار الخطاب الواقعي في رواية "صخب البحيرة" بعض أساليب الخطاب الخارق ولا سيّما الخطاب الفانطا سيّكي وهي طبيعة الشخصيّة والمتاهة والغموض والاقتصاد وشعريّة النصّ وهي ظواهر فنيّة تميّز الخطاب الفانطا ستيكي في الرّواية العربيّة ومع ذلك فإنّ الواقعيّة الغرئبيّة أنسب خانة نقترحها لتحديد الاختيار الفنّي الذّي مضى فيه كاتب الرواية محمّد البساطي لنتبيّن في النّهاية أنّ الخطابات الأدبيّة وكذلك الأجناس تفتح بوّابات على بعضها بعض وأنّ الواقعية في الكتابة الروائية الحديثة وعاء شاسع، تتناسل أساليبها مجاراة لواقع الكتابة وظروف الكاتب في مجتمع عربي يتقلص فيه دور الكاتب وتضيق وظيفته.‏ </strong>