الموضوع: أدب السجون
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-28-2010, 10:09 PM
المشاركة 8
عبير جلال الدين
كاتبـة مصـرية
  • غير موجود
افتراضي
سليم عبد القادر شاعراً سوريأ

له دواوين : القادمون الخضر و نعيم الروح

وله أناشيد للأطفال التي أخرجتها (دار سنا) في أشرطة كاسيت وأشرطة فيديو ، فطبقت الآفاق

وله روايات هى : (الأصدقاء الثلاثة ) ( و( ذبيح القدس )
ما لا ترونه – الناشر بلا حدود – 2005م ) فهي روايته الثالثة

وهي تحكي تجربة المؤلف نفسه بضمير الغائب من خلال الشخصية الأولى ( محمود النعيمي ) : طالب جامعي في كلية الهندسة من جامعة حلب في الثمانينيات من القرن المنصرم ، اعتقل من حرم الجامعة أمام زملائه وزميلاته في وضح النهار ، على حين اعتقل معظم زملائه من بيوتهم في جنح الظلام ، ولم تعرف أماكن اعتقالهم أو زيارتهم إلا بعد شهور من اختطافهم ، وتعذيبهم واستشهاد بعضهم تحت التعذيب ، من غير ذنب ارتكبوه إلا مخالفة الرأي للذين اغتصبوا السلطة .

أول درس
سياسي في هذه الرواية – ولعله الهدف الأول منها – أن بطل الرواية محموداً كان قبل الاعتقال ضد العنف في معارضة النظام ، يؤمن بالحوار وبالعمل السلمي ، لكن طريقة الاعتقال ، بلا مذكرة قضائية ، وأشكال التحقيق المصحوبة بالتعذيب الرهيب ، نفسياً وجسمانياً ، مما وقع عليه وعلى إخوانه .. جعله ذلك كله يتحول إلى طلب العنف ، والتخلي عن النهج السلمي الذي كان يعتقده . فبعد شهور تستطيع أمه الوالهة أن تظفر بالموافقة على زيارته عن طريق أحد الأقارب الذي يعمل في أجهزة القمع ، بشرط أن تقنع ابنها المعتقل محموداً بالضغط على أخيه فخر الدين المتواري عن الأنظار ، بأن يسلم نفسه ويعترف على (إخوانه ) ثم يتم الإفراج عنه ، يقول الكاتب : ( نظر محمود في الوجوه التي ترقب ردّ فعله باهتمام ، وكان رئيس الفرع يجلس بعيداً في صدر المكتب يتشاغل ببعض الأوراق أمامه ، فسأل محمود : وأخي ؟ ما رأيه ؟
قالت الأم : إنه يرفض الاستسلام ؟
فأخذ نفساً عميقاً ، وقال : الحمد لله ..ثم التفت إلى ذلك الرجل ليطلب منه طلباً استفزازياً مستحيلاً ، فقال: أخرجوني من هنا لأسلمكم أخي .
ولم يكترث فيما يكون لسخريته الغضوب من أثر ، وتابع الكلام وهو ينظر إلى أمه : إنهم كذابون ، مراوغون ، واحذروا أن يخدعوكم .. لقد عانيت من جراحهم أربعة شهور بلا علاج ، إنهم ألعن من الشياطين ألف مرة ..
فقالت : حتى المقدم علي ؟!
أجابها بغيظ : إنه أكذب من مسيلمة الكذاب ... قولي لأخي وللشباب جميعاً ، ألا يستسلموا مهما تكن الظروف ... أن يقاتلوا بالرصاص ، بالسكاكين ، بالعصي ، بالحجارة ، بالأظافر ... بأي شيء ... والذي يعجز عن ذلك فليرحل خارج البلاد لينجو من هذا الجحيم الكافر ، ولو كنت أعلم بأني سألقى هنا معشار ما لقيت ، لما تركتهم يستلمونني إلا جثة هامدة .
فقال الرجل : إذا كان الأمر كما تقول ، فأنا أنسحب ، وأنتم أحرار .
قال الرائد : انتهت الزيارة .
فقالت الأم : يا له من لقاء قصير ، بعد فراق طويل ) ( ما لا ترونه – ص 91- 92 ) ويبدو أن أخاه الشاب فخري سمع نصيحة أخيه ، فقاوم وقاتل حتى استشهد ( وحملت له الأخبار نبأ استشهاد أخيه فخر الدين ابن الثمانية عشر ربيعاً ، فتلقى أكبر صدمة في حياته بالصبر والتسليم ، واستشهد صديقه أيمن ، وهو أمر كان يتوقعه ، أما أبو اليسر فقد اعتقل بعد إصابات بالغة فقد فيها عينه وذراعيه ، وقضى في المنفردة بضعة شهور ، ثم حكم بالإعدام ونال ما يتمناه : الشهادة في سبيل الله ) ( ص 97 ) ..وبالمناسبة هذه الأسماء حقيقية ، وبقية الأسماء التي وردت في الرواية كاملة أو بالاسم الأول ، وفي ديوانه الأول ( القادمون الخضر ) قصيدة خاصة برثاء أخيه الشهيد فخر الدين ، وقصائد متعددة في رثاء الآخرين ، لكن المؤلف لما اتخذ اسم محمود في الرواية ، تحدث عن بعده الأدبي من خلال شاعر اسمه (عبد القادر ) يطرب المعتقلين بأناشيده وبمزاحه الطريف للتخفيف من وطأة السجن ، والترويح عن النفوس المكدودة وبعث الأمل .

الدرس الثاني
في هذه الرواية الجانب التوثيقي فيها لجانب من أحداث سورية في ثمانينيات القرن الماضي : أنواع التعذيب وأدواته .. أماكن الاعتقال ..أسماء الجلادين .. بذاءة التحقيق .. نتن النوايا المنكشفة .. حجم المأساة والضحايا ولا سيما جيل الشياب الجامعي المثقف .. المحاكم الأمنية الصورية .. التجديف بالله تعالى وبالأنبياء والرسل .. الافتراء على العلماء لتخذيل الشباب عن أساتذتهم والإيقاع بهم ..

،،