عرض مشاركة واحدة
قديم 12-14-2013, 10:27 AM
المشاركة 17
احمد ابراهيم
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الاخوان و الأخوات المتداخلين ،
تحية طيبة ...

في اعتقادي ان الحديث الذي ورد على قلم الأخ صابر صحيح ، لكنه ليس الكلمة الاخيرة لمستقبل و تطلعات البشرية على هذا الكوكب الحائر .. ما خطه قلم الأخ صابر هو قراءة لتاريخ او قل ان شئت لماضي البشرية .. و هو فى ظنى نفس الخطأ الذي وقع فيه ماركس ، عندما ظن ان مستقبل البشرية ما هو الا امتداد لماضيها ، فقام بسحب الماضي على المستقبل فيما اسماه المادية التاريخية ..

نعم ، لقد قرا ماركس التاريخ جيدا و فسره بمنتهى العقلانية و الموضوعية .. لكن فات عليه ان هنالك قوى من المستقبل هي التى توجه و تحفز سير البشرية .. هذه القوي لا يتوفر على تقريرها الا الدين .

لذلك يبدو لى ان الأخ الطيطي قد صوب سهمه و حلمه بالسلام على هذا الكوكب نحو الوجهه الصحيحة ، فلو ذهب نحو حوادث التاريخ فلن يتمكن من ان يستدعى هذا الحلم الجميل ، فالتاريخ كله قام على الصراع و الحروبات ، و هو امر كان لا بد له ان يكون .. قد تبدو هذه العبارة غريبة بعض الشئ ، لكنه شر جنينا من وراءه خيرا كثيرا ..

كما ذكر الأخ صابر ، انه لو لا هذه الصراعات و الحروب و الدماء لما جنينا ثمار هذا التطور العلمى و التكنولوجي .. هل ترون يد العناية الإلهية وراء ما حدث ؟ .

نعم ان الذي تم إنجازه قد كان ضخما ، لقد اصبح الانسان الان سيد الطبيعة ، و امتلك من المعرفة و الأدوات ما جعله يسخرها لخدمته .. لكن اذا نظر الى نفسه سيجد انه انحدر كثيرا ، اذا لم اقل انه فقدها ، هذا الانحدار هو الذي يقف حائلا بينه و بين ما أنجزه ليستمتع به ..

نعم لقد فشلنا فى تحقيق السعادة و هى هى الغاية المنشودة ليس فقط من وراء هذا التطور بكل مستوياته ، إنما هي الغاية من وجودنا نفسه .

هذا البؤس قد طال الجميع بلا استثناء ، طال الامم المتقدمة و المتأخرة و ان اختلفت أشكاله و مستوياته .. المدهش فى الامر ان هذا الانحدار أيضاً كان لا بد منه ، فلولا انه انحدر لما حارب ، و لو لم يحارب لما وصل الى ما هو عليه اليوم ، يمكن ان نشبه هذا الانحدار بسير الموجة ، فالموجة عندما تهبط فان هبوطها ليس انحطاطا ، فبهبوطها كأنها تستجمع قوتها لترتفع من جديد .

ويبدو لى ان القفزة قد أوشكت و سوف تكون اكبر من سابقاتها بما لا يقاس .. هى قادمة لان العلم المادي التجريبي قد وصل الى نهاياته ، و اكبر دليل على ذلك هذه الوتائر المتسارعة فى التطور ، فهى من شدة سرعتها أفقدت الناس الدهشة بكل جديد ياتى به هذا التطور ..

ثم انه اصبح تطورا يهدد الحياة على هذا الكوكب ، و هذا ما دعي الكثير من الجماعات و التنظيمات تنادى بوقف هذا التطور التقنى ، بعد ان وضحت اثاره الكارثية على البيئة من حولنا ، و على الانسان بحالة التشيؤ السلعى و الاغتراب الداخلى الذي أمسك بتلابيبه على الأفراد ، و كأنه يقول لهم تمهلوا الى اين تسيرون ؟

لقد فارقتم مفترق الطرق ، عليكم ان تعودوا لتاخذوا الطريق الصاعد نحو الانسانية و هى حالة السلام التى يتحدث عنها الأخ عبدالحليم.

فالمجتمع البشري اليوم كأنما يعيش فى فترة مراهقته و أنى لأرجو من الله ان نكون الان فى أخرياتها .. و فترة المراهقة دائماً ما تتسم بالحيرة و القلق و الاضطراب و هو ما يسم عصرنا الحاضر بامتياز .. و لن تدخل بشرية اليوم عهد رجولتها او قل عهد إنسانيتها ، الا بالتخلص من الحيوان الرابض داخل النفس و ذلك بحل التناقضات وفقا للمنهج الذي يصحح العلاقة بين الفرد و الفرد ، الفرد و المجتمع ، و الفرد و البيئة .. كما أوردت فى بداية هذه المداخلة .

ان هذا الامر لا يتوفر على تقريره الا الدين ، و اعنى لا اله الا الله ، التى قال عنها نبينا الكريم " خير ما جئت به و النبيون من قبلى لا اله الا الله " فهى عندما جاءت حارة من منجمها منذ ما يقارب الأربعة عشر قرنا ، احدثت ثورة و نقلة هائلة على كل الأصعدة سياسية كانت او اجتماعية او اقتصادية او معرفية ، و نقلت قوم من عبادة الأصنام و قبيح العادات الى القمم الشوامخ ، لقد فعلت فعلها و صنعت منهم مفكرين دينيين و سياسيين و اجتماعيين من الطراز العالى ليس فقط بمقاييس عصرهم بل أيضاً بمقاييس يومنا الحاضر ..

و هى عندما تعود مرة اخرى سوف يسمع لها دوى اعلى من دوى القنبلة الذرية ، و يرتفع العلم الروحي التجريبى ليسير مع أخيه المادي التجريبى حذو النعل .

هذه الحياة يا عبدالحليم لا تستقيم الا بهذين الرجلين ، رجل المادة و رجل الروح ، فان تخلفت احداها فلا ترجو السلام الا تأتى الأخري ..

بذلك فقط يدخل البشر عهد إنسانيتهم و لأول مرة فى التاريخ و يتحقق السلام الذى تنشده .

هذا لا يعنى يا ايوب ان الصراع سوف يقف ، لا ، إنما سيدخل مرحلة جديدة يكون فيها فى الطف صوره و تنمحي صوره الغليظة المتمثلة فى سفك الدماء و الاستبداد و العبودية .. و توضع الآية ( الحمد لله الذي صدقنا وعده ، و أورثنا الارض نتبوا من الجنة حيث نشاء ) موضع التنفيذ .. لاحظ ، قال الارض ، يعنى هنا قبل اكتمال دورة السموات و الارض .