الموضوع: تلاش
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-15-2014, 04:43 PM
المشاركة 6
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
أعجبني النفس السردي في هذه الاقصوصه ولو ان سعاد كتبت بهذا النفس حكايات أطول لحصلنا على قصص وروايات جميلة للغاية .

كما اجد ان الأستاذة سعاد ابدعت في وصف المشهد وهذا الوصف هو الذي صنع القصة رغم انها محورت الحبكة حول شخصية محورية نجدها ديناميكية على الرغم من قصر النص.

ويلاحظ المتلقي المتفحص ان الأستاذة سعاد حشدت مجموعة من المحسنات الفنية التي عملت لصالح النص وجعلته ماتعا جميلا .

فنجدها مثلا تستخدم عنوان من كلمة واحدة لكنها توحي بالحركة ( تلاشي ) والحركة تمنح النص حيوية وحياة وتبدأ في الحديث عن مرآة مثبتة وفي ذلك استثمار للنقائض والذي له وقع كبير على عقل المتلقي .

وفي جملة البداية تشخصن سعاد المرآة وتجعلها كانها امراة تشارك الشخصية الرئيسية الغرفة التي تبدع سعاد في وصفها فتنجح في جعل المتلقي يتلمس جو النص.

وعلى نقيض بطل القصة نجد ان قطع المرآة المشروخة قطعا صغيرة قد تلاصقت لتحمي بعضها بعضا من التناثر وهو نقيض ما نجده يحصل مع البطل الذي ينتهي بالتلاشي وفي ذلك استثمار ذكي للنقائض من جديد والذي يترك أثرا كبير على دماغ المتلقي .

وباستخدام كلمة ( ينظر ) توقظ الاستاذة سعاد فينا حاسة البصر فنجد انفسنا مشدودين للنص ننظر مع البطل في المرآة مثله ، بينما توقظ كلمة ( يتحسس ) فينا حاسة اللمس والنص الذي يثير فينا الحواس يكون له وقع عظيم على ذهننا وإدراكنا .

وعلى الرغم من ان الوصف ( يعتريه الهلع ) له اثر كبير على المتلقي لانه يحرك المشاعر لكنني لم اجد مبررا في ان ينخرط البطل في البكاء في هذا الموقف خاصة ان البكاء عملية تفريغ نفسي ستؤدي الي التحسن في المشاعر على الاغلب وربما كان الافضل استبدال ذلك بوصف حالة من التجهم والضياع تهيئ لشعوره بالعدمية بصورة اكثر منطقية، وهي الملاحظة الوحيدة التي وجدتها لم تعمل لصالح النص .

ولا شك ان الحوار الذي يجريه البطل مع نفسه يزيد من حيوية النص .
وفي هذا المقطع الحواري الاخير ايضا صورة تصويرية مؤثرة للغاية وفيها استثمار للنقائض واستثارة للحواس عند المتلقي .

ونجد ان انفراج اسارير البطل وشعوره بالوجود تمثل لحظة انقلاب حادة لكن القصة ما تلبث ان تنتهي بصورة مزلزلة وهي التلاشي .

وفي القفز نحو المرآة حركة عنيفة وفي الحركة حيوية .

نص محبوك بمهنية وارى بان كاتبته نجحت في حشد مجموعة من عناصر التأثير رغم قصره النسبي مما جعله نصا ناجحا ومؤثرا وبليغا وماتعا بامتياز .