الموضوع: الأدب المجري
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-13-2011, 11:09 PM
المشاركة 4
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي






قصائد من الأدب المجري(2)



لمحة عن التفاعل بين الثقافتين العربية والمجرية



حمل الأدب المجري في سياق تطوره التاريخي أسماء لامعة ونتاجاً رفيعاً، ولكن الدراسات والأبحاث العربية المتعلقة بهذا الأدب تبدو قليلة ومتناثرة، فالأدب المجري المكتوب بلغة تعود أرومتها إلى عائلة اللغات الأورالية القديمة وفرعها الفنوغوري حمل في تضاعيفه الحس الإنساني وعبّر بأدوات فنية رفيعة وفي أجناسه المتعددة عن صورة عصره وتأثره بثقافات الشعوب والأمم، بيد أنه لم يُعْرَفْ عالمياً لأسبابٍ عدة، أبرزها محلية اللغة المجرية التي يتحدث بها عشرون مليون مجري، منهم من هو مقيم في المجر ومنهم من يعيش في الاغتراب، علماً بأن أسماء لامعة في دنيا الفن والأدب والطب أخذت مكانها عالمياً وهي من أصول مجرية، مشيرين في هذا المضمار إلى الشهرة التي حققها الكاتب (آرثر كيسلر) البريطاني المجري الأصل الذي ولد في (بودابست) عام 1905 م وشيوع رواياته، وبخاصة (ظلام وقت الظهيرة)، التي ترجمت إلى أربعين لغةً وتُعدُّ أحد أهم الأعمال الكلاسيكية في الأدب العالمي الحديث، إضافة إلى بروز أسماء جسدت معالم فكرية وأدبية وعبَّرَتْ عن منحى الواقعية الاشتراكية في الأدب، أمثال (جورج لوكاش، شاندور تشوري، يوهاس فرنس، ناج لاسلو).





شهد النصف الثاني من القرن العشرين تشابكاً في الحواجز المعرفية، بدءاً بالفن وتفرعاته، ولاسيما الرسوم والأدب باعتباره فناً من الفنون الجميلة ووظيفته مطابقة لوظيفة الفنون الجميلة من ناحية التعبير عن النوازع الداخلية للإنسان، وقد تبع ذلك دراسات عن علاقة الأدب بالفكر والفلسفة والتاريخ وعلم النفس وعلم الاجتماع والعلوم وأصناف المعرفة الأخرى، فكان الاتجاه إلى المقارنة المعرفية خطوة فائقة في سبيل التوصل إلى أسرار الإبداع الإنساني ودوافعه على اختلاف مدرجات المعرفة ومستوياتها، وخاض الأدب المقارن هذه التجارب من خلال تجاوبه المستمر مع تطورات إيقاع العصر وإسهامه فيها أيضاً، جنباً إلى جنب مع جهود سائر فروع الدراسة الأدبية من نقد وتاريخ أدب وتنظير[1].




ويمكن القول: إن التفاعل بين الثقافتين العربية والمجرية عميق الجذور تاريخياً، فقد كان اهتمام المجريين بالثقافة العربية الإسلامية بادياً في المؤلفات والدراسات التي أنجزها المستشرقون المجريون.




فالدراسات الشرقية المجرية تعود إلى القرن الثامن عشر. مثال ذلك أن (كروشي تشوما) صنف أول معجم للغة التيبت، وألقت مؤلفات (آرمين فامبيري) ضوءاً ساطعاً على لغات آسيا الوسطى القديمة، وجمع (إيجناس كونوش) الأدب الشعبي التركي.




وفي عام 1934 م أطلق الدكتور (جوليوس جيرمانوس) على نفسه اسم (عبد الكريم جرمانوس) واعتنق الإسلام وزار الجزيرة العربية وألف كتابه المشهور (الله أكبر)، وقام بترجمة الشعر العربي إلى المجرية، وانتخبته المجامع العلمية في القاهرة وبغداد ودمشق كعضو مراسل.




كانت هذه لمحة بسيطة عن التفاعل بين الثقافتين العربية والمجرية، أمَّا الشاعر المجري الذي سنعرض له في هذا المقال فهو:




شاندور بتوفي (1823 - 1849م)


ولد (شاندور بتوفي)، أحد أعظم شعراء المجر عام 1823م، لأسرة سلافية فقيرة في مدينة صغيرة هي (كشكوروش)، ولقبه الحقيقي (بتروفيتش). هجر المدرسة مراراً، وكانت آخر مرة في عام 1839م، والتحق بالمسرح.




نشر أول ديوان شعر بعنوان (قصائد) عام 1846م، وهو في الثالثة والعشرين من عمره. عمل في الصحافة أيضاً، ونشرت أعماله الكاملة لأول مرة عام 1847م. كانت قصيدته (نشيد وطني) واحدة من الشرارات التي فجرت الثورة التحريرية المجرية في 15 آذار (مارس) 1848م، ضد حكم عائلة (هابسبورغ) النمساوية، لكنه استمر في القتال ضمن وحدات الحرس الوطني، وقتل وهو لا يزال في السادسة والعشرين من عمره، في تموز عام 1849م.



كان (بتوفي) أحد أغزر الشعراء المجريين إنتاجاً، يجيد التلاعب بالكلمات ببراعة تماثل براعة تلاعبه بالسيف في ميدان المعركة. ورغم حياته القصيرة، خَلَّفَ وراءه مجلداً ضخماً يضم شعره المتنوع الذي تميز بجماله ودقة ألفاظه. ويصنف شعره ضمن المدرسة الواقعية الغنائية والشعبية.






- - - - - - - -



[1] د.حسام الخطيب: الأدب المقارن من العالمية إلى العولمة. المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث – الدوحة - قطر 2001م، ص207.






هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)