عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
1

المشاهدات
2684
 
هبه احمد
من آل منابر ثقافية

هبه احمد is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
29

+التقييم
0.01

تاريخ التسجيل
Oct 2012

الاقامة
Jordan

رقم العضوية
11613
10-15-2012, 10:09 PM
المشاركة 1
10-15-2012, 10:09 PM
المشاركة 1
افتراضي أبي يعود الى الماضي
جلست على مقعد الحديقة انظر الى طفلي الصغير الذي راح يرنو هنا وهناك فرحا بالنزهة التي استطعت ان امنحها له بعد يوم طويل من العمل. جلست بجانبي ترتدي قميصا طويلا بعض الشي وبنطال من الجيز وكانت تبدو سيدة في اواخر العقد الثاني من العمر وتضهر عليها علامات التحضر.
نظرت الي وقالت: لا بد انه مريض. رمقتها بنظرة من عيني وقلت لها من هو؟
قالت: ابي .
استغربت كلامها ودققت النظر فيها مجددا وابديت لها قليلا من اهتمام فأردفت: هو رجل يناهز الخامسة والخمسون ممتلء الجسد قليلا والشعر الابيض يغزو رأسه ولا ابالغ حين اقول انه لا يملك ولا حتى شعرة بيضاء واحدة سألته ذات مره ابي لماذا كل هذا الشيب في رأسك مع انك لست كبير في العمر فرد ربما هو الزمن وهمومه او انها وراثه فنحن عائلة نشيب قبل اواننا..
ذلك الثلج الابيض الذي يكسو رأسه زادة وقارا وحكمة لم يكن الاب الصارم القمعي .. كان الحازم الحنون الصديق الرقيق الواثق الموثوق.. له هيبة لااكذب ان وصفتها بالسلطانية ولكن بقلب رقيق رقراق....
كنت اشاركه كل ما يجول بخاطري نتكلم بالسياسة تارة وبشؤن المرأة وحقوقها تارة أخره.. في الادب من شعر ونثر وفي الفن من غناء وتمثيل كان ديمقراطيا حتى النخاع ولكنه الحازم عند القرارات تعلمت منه ان لا شي في الدنيا فوق سلطة العقل قال لي رفع القلم عن المجنون استخدمي عقلك في كل شي ولا مانع من القليل من العاطفة ان استلزم الامر. كيف لا وهو صاحب القلب النابض لي ولاخوتي واخواتي ..
التفت اليها اكثر واخذت اصغي لما تقول وكأنها تتكلم دونما وعي كانت شاردة النظر لا تعي ما حولها.
ثم قالت لا ادري هل حياته في بيت جدي هي من جعلته هكذا فقد كان يحكي لنا انه عاش حياة الفقر مع جدي وكان الولد الاكبر الذي يجب ان يساعد في مصروف البيت ومتطلبات العائلة ام هو دخول معترك الحياة العملية باكرا صقل شخصيته ونماها..
مرت السنوات تخرجت من الجامعة وتزوجت وها انا الآن انظر اليه وقد تغير وكأنه ليس هو !
ما الذي حدث؟ هو لايطيق الحديث عن شيء لا يحب الضجيج وهو من كان يملأ البيت بالحديث والحركة
تغيرت افكاره فصار لا يحب الحديث في الفن فهو مسخرة وقلة ادب.. والمرأة يجب ان تبقى في بيت زوجها فهو السترة والامان ....
صمتت قليلا ثم وقفت وقالت لي لعله مريض يجب ان اذهب وازوره ..
وغادرت المكان وهي تتمتم بكلمات لم افهمها وسارت بخطوات المذهولة التي لا ترى طريقها في العتم....
استدرت وعاودت النظر الى طفلي هو ينظر الي مبتسما بادلته نفس الابتسامه ولكن عقلي تخطفته كلماتها ورحل معها في صمت ...


عابرة من بوابة الماضي