عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
8

المشاهدات
1075
 
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6


ناريمان الشريف will become famous soon enoughناريمان الشريف will become famous soon enough

    غير موجود

المشاركات
25,777

+التقييم
4.68

تاريخ التسجيل
Feb 2009

الاقامة

رقم العضوية
6405
10-29-2020, 12:41 PM
المشاركة 1
10-29-2020, 12:41 PM
المشاركة 1
افتراضي بـُردةُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
اليوم هو يوم مبارك .. فيه ولد المصطفى صلى الله عليه وسلم .
لذلك آثرتُ اليوم أن أتحدث عن بردته ..
البُردة :
كساء مخطط يُلتحف به ، جمع أبرد وبرود وأبراد ، كساء مربع أسود صغير.
وبردة النبي .. خاصته
وأول من نسج قصيدة سميت فيما بعد البردة هو ( كعب بن زهير )
حيث دخل مسجد رسول الله مُخفيًا وجهه في عمامة، اندسَّ وسط المسلمين المقبلين على المسجد لأداء صلاة الصبح، يرتعد من شدة الخوف، فالرجل مقبل على امتحان عظيم لن تُنجيه منه إلا موهبته الشعرية، التي لطالما أنصفته وأعلت من قيمته بين قومه، فهل ستنقذ رقبته الآن؟
انتظر حتى فرغ الرسول صلى الله عليه وسلم من الصلاة، وأخذ نفسًا عميقًا لعله يكون الأخير له، واقترب منه، ثم حسر العمامة عن وجهه، وكان النبي لا يعرف شكله، جلس بين يديه وقال له متضرعًا: «هذا مقام العائذ بك يا رسول الله، أنا كعب بن زهير». وما أن نطق بِاسمِهِ حتى رفع أحدُ الأنصار سيفه طالبًا الإذن من النبي:
«دعني أضرب عنقه».
إلا أن الشاعر المخضرم كان بجعبته ما يمكن تقديمه للرسول أكثر من تلمّس العفو بجملة قصيرة، فانتصب من فوره واقفًا وسط القوم ينشد:

بانَت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولُ *** مُتَيَّمٌ إِثرَها لَم يُفدَ مَكبولُ
غير عالمٍ بأنه لن ينال بقصيدته عفو النبي وحسب، بل مكانًا خالدًا في الشعر العربي إلى يوم الدين.
ومن أبياتها :
أُنبِئتُ أَنَّ رَسولَ اللَهِ أَوعَدَني *** وَالعَفُو عِندَ رَسولِ اللَهِ مَأمولُ
مَهلًا هَداكَ الَّذي أَعطاكَ نافِلَةَ ال *** قُرآنِ فيها مَواعيظ وَتَفصيلُ

لماذا أهدر دمه رسول الله وكيف جاء معتذراً ؟

في العام الثامن الهجريّ ، سبق جبير بن زهير أخاه كعباً إلى الإسلام، تاركًا الأخير على وثنيته، فشقَّ عليه ما فعله وانتقد تصرفه على طريقته، فبعث إلى أخيه أبياتًا يلومه فيها على الإسلام، ويتعرّض فيها للنبي ولنساء المسلمين
بهجاء مُقْذِع ( فاحش ) ولما علم الرسول بأمر هذه الأبيات أهدر دمه، قائلًا لأصحابه: «من لقي منكم كعبًا فليقتله»، خاف جبير على أخيه، فبعث له رسالة يُطالبه فيها بالقدوم على النبي، وطلبِ الصفح منه، قائلًا له: «إن كانت لك في نفسك حاجة فطِرْ إليه، فإنه لا يقتل أحدًا جاءه تائبًا».
لما انتشر وعيد الرسول له في أرجاء الجزيرة أبت قبيلة كعب أن تجيره، فضاقت عليه الأرض بما رحبت، وهي مرحلة خلَّدها كعب في شعره بنفسه قائلًا:

يَسعى الوُشاةُ بِجَنبَيها وَقَولُهُم***إِنَّكَ يَا بنَ أَبي سُلمى لَمَقتولُ
وَقالَ كُلُّ خَليلٍ كُنتُ آمُـلُــهُ *** لا أُلفِيَنـَّكَ إِنّــــــــي عَنــكَ مَشــغولُ


وفي ظل هذا الإحساس المضطرم الذي اختلطت فيه مخاوفه بتخلي الناس عنه برغبته في النجاة، تولدت قصيدته الخالدة في ذهنه، وتوجه بها إلى المدينة، حيث أنشدها في حضرة النبي بعد صلاة الصبح، وبلغ إعجاب النبي بها مليًّا أنه ظل يومئ بعلامات الإيجاب وهو ينظر لمن حوله داعيًا إياهم لتدبر معانيها، حتى بلغ بيتًا قال فيه:

إِنَّ الرَسولَ لَنورٌ يُستَضاءُ بِهِ *** مُهَنَّدٌ مِن سُيوفِ اللَهِ مَسلولُ
والمهند من سيوف الهند المطبوعة، وهو من أقوى السيوف، وبهذا قصد ابن زهير تشبيه الرسول بالسيف المجلي الحاد المصنوع في الهند، وقد سلَّه الله في وجه أعدائه، بينما يهدي أتباعه ويضيء الطريق أمامهم. وما أن ألقى زهير هذا البيت حتى ألقى عليه النبي بردته، تكريمًا له وصيانةً لدمه.
وبالرغم من أن القصيدة كان اسمها الأصلي ( بانت سعاد )
بانَت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولُ *** مُتَيَّــمٌ إِثـرَها لَـم يُفدَ مَكبولُ
وَما سُعادُ غَداةَ البَينِ إِذ رَحَلوا *** إِلّا أَغَنُّ غَضيضُ الطَرفِ مَكحولُ


إلّا أنها اشتهرت بلقب آخر هو «البردة»؛ بسبب ارتباطها بمنح النبي بُردته له تقديرًا لكلماته المادحة التي أنقذت رقبته.


أما مصير البردة .. فتقول كتب التاريخ ..
أن معاوية بن أبي سفيان حاول فيما بعد شراء بردة النبي منه بعشرة آلاف درهم فرفض، فاشتراها عقب وفاته من أبنائه بـ 20 ألفًا، وظلت تتناقل في دور المُلك حتى وصلت إلى الخلفاء العباسيين، الذين كانوا يلبسونها في الأعياد، إلى أن انقطع خبرها بعد اجتياح التتار للمنطقة. أما كعب نفسه فقد حسن إسلامه وعاش طويلًا، وعاصر الاقتتال بين علي ومعاوية، وانحاز للأول، ولم يجد طريقة لنُصرته في معركته إلا بسلاحه الذي لا يخيب، فقرض له قصيدة مدح.

يتبع .. بردة البوصيري

تحية .. ناريمان الشريف