عرض مشاركة واحدة
قديم 09-11-2010, 04:30 PM
المشاركة 3
عبدالسلام حمزة
كاتب وأديب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


حكم قياس الصالحين على النبي صلى الله عليه وسلم :


- مما سبق يتبين أن ما رآه بعض العلماء من قياس الصالحين على الرسول صلى الله عليه وسلم في جواز التبرك بذواتهم وآثارهم غير صحيح .

فإن إجماع الصحابة رضي الله عنهم على ترك التبرك بالذوات والآثار مع غير النبي صلى الله عليه وسلم - مع وجود مقتضياته - يدل على أن هذا

من خصائصه صلى الله عليه وسلم حيث إن الله تعالى اختص نبيه بجعل البركة في ذاته وآثاره , تكريما ً وتشريفا ً لصفوة خلقه عليه الصلاة والسلام .

ولو كان ذلك الفعل مشروعا زص لسارعوا إلى فعله , ولم يُجمعوا على تركه , فهم أحرص الناس على فعل الخير وأكثرهم حبا ً للرسول صلى الله عليه وسلم

قال الشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ تعليقا ً على قول بعض شراح الحديث ( لا بأس بالتبرك بآثار الصالحين ) إذا مروا بذكر شعر النبي صلى الله عليه وسلم

ونحوه , قال رحمه الله : ( وهذا غلط ظاهر , لا يوافقهم عليه أهل العلم والحق وذلك أنه ما ورد إلا في حق النبي صلى الله عليه وسلم , فأبو بكر وعمر

وذو النورين عثمان وعلي وبقية العشرة المبشرين بالجنة , وبقية البدريين , وأهل بيعة الرضوان , ما فعل السلف هذا مع واحد منهم , أفيكون هذا منهم

نقصا ً في تعظيم الخلفاء اللائق بهم , أو أنهم لا يلتمسون ما ينفعهم , فاقتصارهم على النبي صلى الله عليه وسلم يدل على أنه من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم )

- ومما يؤكد اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بهذا التبرك أن التابعين رحمهم الله تعالى قد ساروا على نهج الصحابة رضي الله عنهم - كما سبق -

ولا فعله التابعون مع فضلائهم وقادتهم في العلم والدين , وهكذا من بعدهم من أئمة الدين .

- ومما يؤكد الاختصاص أيضا ً أنه لم يرد دليل شرعي على أن غير النبي صلى الله عليه وسلم مثله في التبرك بأجزاء ذاته وآثاره فهو خاص به كغيره من خصائصه .

- ولا شك أن اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بهذا التبرك يدل على عدم جواز قياس الصالحين عليه صلى الله عليه وسلم بجامع الفضل ,

وأن هذا الأمر قاصر عليه صلى الله عليه وسلم لا يتعداه إلى غيره .

- فقد أجمع العلماء على أنه إذا ثبت الخصوصية في حق النبي صلى الله عليه وسلم فإنها تقتضي أن حكم غيره ليس كحكمه , إذ لوكان حكمه حكم غيره لما كان

للاختصاص معنى .

- لا يجوز قياس الصالحين وغيرهم على النبي صلى الله عليه في جواز هذا التبرك سدا ً للذريعة .

ولا ريب أن سد الذرائع قاعدة عظيمة من قواعد الشريعة الأسلامية , فمن وجوه موانع القياس هنا سد الذرائع ,

خوفا ً أن يفضي ذلك إلى الغلو فيمن يتبرك به من الصالحين .

يقول الشاطبي رحمه الله في بيان هذه العلة : ( لأن العامة لا تقتصر في ذلك على حد , بل تتجاوز فيه الحدود , وتبالغ بجهلها في التماس البركة

حتى يداخلها للمتبرك به تعظيم يخرج به عن الحد , فربما اعتقد في المتبرك به ما ليس منه .. ) الاعتصام للشاطبي

وقد يؤدي هذا التبرك بسبب الغلو والتعظيم إلى حد الشرك , فيكون ذريعة إليه , وكما قال ابن رجب رحمة الله عليه حينما تكلم عن المنع من هذا التبرك ونحوه

: وفي الجملة , فهذه الأشياء فتنة للمعظَّم والمعظِّم , لما يُخشى عليه من الغلو المدخل في البدعة , وربما يترقى إلى نوع من الشرك ) ( الحكم الجديرة بالإذاعة لابن رجب )