عرض مشاركة واحدة
قديم 05-25-2016, 10:15 AM
المشاركة 14
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أساكي ، سوق أسبوعي ، رحبة واسعة مسيجة بسور بني بأحجار مرصفة مع الإسمنت ، بابه الرئيسي مقوس و عظيم ، بضع حوانيت رصّت في واجهته على الطريق المسفلت الرابط بين مدينتي وارزازات و أكادير، حافظ على نفس المسافة بينه وبين المدينتين ، كما لو أنهما كفتا ميزان . إن استقبلت القبلة تجد وارزازات و تتركك وراءك أكادير ملتحفة ضباب المحيط الأطلسي ، ناقلات و شاحنات تعبر بين المدينتين ، معروفة بأزيز محركاتها ، أما الشحانات العملاقة فهي حاملات معادن تفرغ حمولاتها في البواخر لتعود هادرة صاخبة ، أما الصغرى فتنقل الخضر من سوس باتجاه الشرق . على الرصيف الآخر تجد المدرسة بمحاذاة مقهيين طينيين من الطراز القديم ، الحصير يكسو أرضية الغرف و سقوفها من أعمدة خشبية و قصب ، غير بعيد عن المدرسة هناك تسمع هدير محرك الطاحونة حيث أكياس القمح والشعير ، نعم هناك أيضا بعض دكاكين ترحب بزبائنها طوال الأسبوع ، تجد فيها سكرا وزيتا ومساحيق التصبين وقنينات الغاز ، إن رميت عينك اتجاه وارزازات سترى لافثة كبيرة من الماركات العالمية هناك تجد محطة للوقود و الغازوال والمشتقات النفطية ، لن أنسى طبعا مصلح الدراجات والسيارات ، و حتى إن نسيت كل شيء فبائع التبغ لن أنساه بسهولة .

في المدرسة استقبلنا المعلمون ، لا أتذكر الشيء الكثير ، المعلم يطوف على الطاولات مفرغا الحبر في محبرات تتخذ من زوايا الطاولات موطئا حدث يصعب نسيانه وخاصة أن الكتابة على الدفتر ليست هيّنة بهذه الريشة الدقيقة جدّا ، فهي تخالف ما ألفته أصابعنا من أقلام قصبية في المسجد و دواة بها صمغ وصوف يقلل من مقدار ما سحبته من سائل ، حتى الكتابة على اللوح تكون غليظة ، لكن هذه السطور دقيقة جدا ، وزّعت علينا المناشف الخضراء ، ماهذا يا ربّي ، يدي ترتعش حقّا هل أرعبني المعلّم ، أم هذا العالم الجديد ، من الصعب أن ترى طفلا تظنه دائما لايقهر و هو في مستوى يعلوك بسنوات ، يسلخ سلخا عظيما وهو لم يقترف جريرة إلا أنّه تعطّل دقيقة والصفوف قائمة أمام القاعات . الحمد لله أن وفّقت في نطق كلمة حاضر حين زلزل اسمي أذني ، لم أكن أعلم أن إسمي سيفزعني يوما ، حتى هذه الكنية التي اختارها أبي لم تتعوّد عليها أذني بعد ، لعوطار ، هي خفيفة رشيقة ، لكن كل القرية تنادينا بإدموسى ، فما بال أبي غيّر اسم الأجداد؟ يقول أنه عندما همّ بتسجيل أول أولاده في كنانيش الحالة المدنية . نصحوه بتغيير هذه الكنية التي تجد لها حضورا كبيرا ليس في الملت وحدها لكن في دواوير كثيرة في سوس ، مما يجعل الرسائل تضيع و كذا استدعاءات السلطات نظرا لتعدد الأشخاص الذين يحملون الاسم و الكنية نفسيهما ، هكذا انطلق لسانه بهذا اللّقب فحمله جدّي و كلّ أبنائه أيضا ، و به تميّزنا عن باقي أبناء موسى .