عرض مشاركة واحدة
قديم 12-29-2018, 11:12 PM
المشاركة 26
صبا حبوش
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
مقطع من مقالة للأستاذة عبير عواد :


يقول الأديب الأمريكي الراحل إرنست هيمنجواي:
على الكاتب أن يمر بمرحلة مريرة في حياته أو على الأقل يتخيل أنه مر بها!!
هيمنجواي نفسه مرّ بالكثير من التعقيدات الأسرية والعاطفية والاجتماعية .. ربما حساسيته المفرطة واكتئابه الوراثي كانا أحد أسباب انتحاره، لكنه قدّم للأدب العالمي الكثير من الروائع أشهرها العجوز والبحر ، ووداعًا للسلاح وغيرها..
لو أخبرتكم أن البعض يعتقد أن الكتابة نوع من الرفاهية، وأن الكتاب أشخاص مرفهين منفصلين عن الواقع، لديهم من الإستقرار المادي والأسري ما يجعلهم يمارسون الكتابة والإبحار في عالم الخيال انفصالاً أو هروبًا من الواقع...
بربكم هل ستصدقون؟!
بتتبع واقع وتاريخ معظم الروائيين سنجد أنهم عاشوا حياة بائسة فقيرة، كأبناء العمال، أو أبناء الطبقة الوسطى والقليل منهم من الأرستقراطيين الذين ينتمون للطبقات العليا في المجتمع.
نجيب محفوظ رائد الرواية العربية كانت نشأته في الحي الشعبي هي مفتاح كتابة روائعه، من قلب الحارة المصرية وعن أهلها البسطاء، وغيره كثيرين، عبقري الرواية العربية الطيب صالح، تعرّض للكثير من الصعاب وعاش مغتربًا عن بلاده وكانت رواياته لا معبرة عن الإنسان السوداني فحسب، بل والأفريقي والشرقي عمومًا...
في الواقع الأدب الجيد لابدّ له من أن ينضج في بوتقة الألم ويولد من رحم المعاناة.. حتى لو كانت معاناة الكاتب وهو بعد طفل صغير.
خوزيه ساراماجو الذي حصل على جائزة نوبل في الآداب، وصاحب رواية العمى ... والده كان فلاحاً بسيطاً، والدته كانت لا تقرأ ولا تكتب، بدأ حياته العملية كعامل أجير بأحد المصانع، التحق بالخدمة العسكرية، ثم بعد ذلك أصبح محرراً في إحدى دور النشر، أربعون عاماً مرّوا من عمره، أربعون عاماً من المعاناة.
يحكي ساراماجو عن طفولته، حينما ذهب لقضاء إحدى العطلات مع جده في قريته، وفي إحدى الأيام أصيب جده بجلطة انتقل على إثرها إلى "لشبونة" للعلاج، وحينما شعر ساراماجو بالوحدة والحزن على جده وقف في حديقة المنزل ليناجي أشجارها شاكيًا لها من الحزن الذي يعتمل بقلبه، كان يشعر أنه لن يعود إلى هذا المكان مرة أخرى، شرع بمعانقة الأشجار مودعاً.
يقول ساراماجو:
"إن لم تؤثر فيك مثل تلك الأشياء فأنت لا تصلح أن تكون أديبًا"
ويقول:
"لا راحة أبدا في الدنيا ، وإن عرف أحد الراحة في يوم ما، فلا بد أنه يوم وفاته".
أما من يتحدثون عن ضرورة توفر الاستقرار الأسري كي ينجح الكاتب، اضرب لهم مثلا بدين كونتاز أديب الخيال العلمي أمريكي الجنسية الذي لم يعرف معنى الإستقرار يومًا فلم يشاهد والدته إلا وهي طريحة الفراش، وأبيه كان سكيرًا حاول الانتحار أكثر من مرة، ربما كان عدم الاستقرار هو الصفة الوحيدة المستقرة في حياته.

https://sebaahaboush.blogspot.com/
باحثة عن الرّوح..