عرض مشاركة واحدة
قديم 02-25-2011, 11:40 PM
المشاركة 12
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي




باب ذم التواني والتسويف

كان يقال: العجز وطيء أي لا تكره صعوبة الحزم وتختار وطأة العجز. ولبعضهم: نكح العجز التواني فولدت بينهما الندامة. وقال أكثم: لا أحب أن أكفى أمري كله. قيل: ولم ذلك؟ قال: أخاف عادة العجز. وقال حكيم لولده: إياك والعجز والتواني في الأمور فتقذفك الرجال خلف أعقابها.

وكان الغريض مترفاً منعماً لنفسه. فسأله بعض إخوانه أن يمشي معه في حاجة فقال له: لولا أن يراني عدوتي- ولم ترني منذ حين لمشيت معك. قال: ومن عدوتك؟ اقل: الشمس. لا وحياتك ما وقعت علي منذ سنة. وكما أن الإبطاء عند القدرة مذموم فكذلك العجلة قبل الفكرة مذمومة.

وقد مدح رجل من العرب رجلاً سئل عنه، فقال: إنه والله ما يكفكف من عجلة ولا يدفع في ظهره من بطءٍ. وكان يقال للحاجة آفتان الاستعجال بها قبل وقتها والتأني فيها حتى تموت. وفي عهود بعض القضاة: وأمره أن يتجنب خصلتين هما آفتا القضاء وسبب تودير الحقوق: العجلة قبل إثبات الحجة، والانتظار بالفصل بعد وضوح الدلالة وقيام البينة. وانشدني محمد بن عيسى:



فلا تطمع لأمر إن تدانى .... ولا تيأس من الأمر السحيق


ولا تعجل فتسبق ما يرجى .... ولا تنظر فتقصر عن حقوق


وكان إياس بن معاوية يتمثل:


وأوقف عند الأمر ما لم يبن له .... وأمضي إذا ما شك من كان ماضيا


وقيل لبزرجمهر: أمن الاجتهاد ما هو شر من التواني؟ قال: نعم. ما كان في غير حينه. قال بعض الحكماء: آفة الطلب في تيمم أوقاته. بلغنا أن رجلاً من العرب طلب الأدب حيناً فأعياه فتركه، فبينا هو في بعض الطريق يسير إذ مر بصخرة ملساء فتأملها فإذا الذر يدب عليها فمن كثرة دبيبه كان أثر في الصخرة. ففكر فقال في تفكره: مع صلابة هذا الصخر وخفة هذا الذر أثر فيه هذا الأثر فأنا حري أن أدوم على الطلب وأجد في الأدب فلعلي أصير فيه رأساً. فراجع الإكباب على الأدب فلم يلبث أن خرج فيه مبرزاً. ولأبي العتاهية في ذمسوف وما أشبهها:



لا يشغلنك لو وليت عن الذي .... أفنى القرون ولا لعل ولا عسى


وفي الحديث: أن رجلاً دخل المسجد والنبي صلى الله عليه جالس.قال له: يا فلان أما جمعت؟ قال: أما رأيتني يا رسول الله جمعت معك. قال صلى الله عليه: رأيتك آذيت وآنيت أي أخرت المجيء. لم تزل تسوق حاجتي حتى خرجت من آوانها إلى آواني لو أسعفتني بها فيه ما كان لها علي كثير أثر ولا من نفع، ولو أسعفتني بها في أول طلبتها لكان في ذلك صون لوجهي عن سؤال أحدٍ سواك. وسبق منك إلي بارع عرف وجميل اصطناع قل ما سبق السابقون إلى أفضل منه. فقد قطعت الآن لساني عن الاحتجاج عنك فجعلت ذنبك وقايةً له عن الاحتجاج عنك. وبحسبي ما لحقني من إساءتط بعد إحسانك. وزال عني عن معروفك ما قد كنت أعده لي عتاداً ومن محذوري حرزاً حريزاً.


يتبع
.
.



هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)