عرض مشاركة واحدة
قديم 05-02-2012, 03:54 PM
المشاركة 10
زهراء الامير
فرعونيـة من أرض الكنانـة
  • غير موجود
افتراضي
[tabletext="width:100%;background-color:black;border:3px double red;"]
الفصل الخامس: النقد الأدبي الموريتاني
لقد حاول الباحث أن يقدم لنا في هذا الفصل صورة بانورامية عن النشاط النقدي الأدبي بموريتانيا قديما وحديثا، وذلك من خلال الوقوف عند زخم من الشواهد والأدلة إن على مستوى التنظير أو التطبيق.
من الأسئلة التي تطرح نفسها في هذا الإطار بالذات ما يلي: هل هناك نقد اسمه (النقد الموريتاني)؟. وإن كان موجودا فما طبيعته؟
ظهرت في السنوات الأخيرة مقالات عدة حاولت الإجابة عن السؤال المطروح؛ هذه المقالات احتضنتها – أساسا – الصحف الموريتانية ("الشعب" خاصة) وبعض الصحف والمجلات العربية. كما خصصت الدراسات والأبحاث المنجزة حول أدب موريتانيا حيزا بالحديث عن الحركة النقدية الأدبية الموريتانية. وممن حاول الإجابة عن السؤال السالف طرحه الأستاذ أحمد ولد حبيب الله الذي يقول: "والإجابة على السؤال صعبة أو مستحيلة، لأن النقد الموريتاني – كالأدب- لازال مجهولا لم تتوجه إليه الدراسات تدوينا وجمعا ودراسة وتصنيفا ونشرا. والنظرات النقدية الساذجة التي كانت تمارس ممارسة عفوية ضاعت، ولم يبق منها إلا ما خلده الشعراء أو جاء عرضا وليس مقصودا لذاته في المتاح من الكتب الموريتانية التي جمعت دفتاها أجزاء قليلة من الشعر الموريتاني كالوسيط وفتح الشكور... !!
على أنه تلك النظرات تتفاوت في مستواها التأثيري الانطباعي الذي تحكم به بالقبح أو الحسن أو الجودة- غالبا والرداءة أحيانا على العمل الذي ترك ذلك الانطباع. وتأتي هذه النظرات في منظومة أو قصيدة أو كلمة إطراء فاحش ومجامل، قد يكتفى بهز الرؤوس رقصا أو التمايل طربا أو إعجابا أو الأنين أو التأوه وإطلاق كلمة (أَسْكِ) بمعنى أتعجب أو (آحْ) أو القول للشاعر وهو ينشد شعره: (أباد الله خيام عدوك ما أحسن ما تقول) أو القسم بالسرة، سرة النفس أو الأدب أو أعز الناس أو سرته عن سرة الشاعر أو القسم بالأيمان المغلظة بأن هذا الشاعر (أعجوبة دهره ووحيد زمانه وأوانه) لم يجد الزمان بمثله ولم يتقدم مثله عليه ولن يأتي بعده... وهذه الألفاظ تطلق جزافا دون تعليل وتحليل..."([22])
لقد تعمدنا إدراج هذا النص هنا بالرغم من طوله الواضح، وذلك بالنظر إلى ما يتضمنه من معلومات قيمة فيما يرتبط بالحركة النقدية التي شهدها الأدب الموريتاني القديم بخاصة. ويمكننا أن نستنتج من هذا النص جملة من الأمور كالتالي:
· إن أكثر النقد الموريتاني القديم قد ضاع أو ما يزال قابعا في الكتب المخطوطة ينتظر من ينفض عنه الغبار ويحققه ويخرجه للناس.
· إن النقد الموريتاني القديم نقد ساذج وضئيل. ويغلب عليه الطابع الذوقي التأثري الانطباعي. وهذا الأمر نجده كذلك في النقد الموريتاني الحديث والمعاصر. يقول أحمد ولد حبيب الله: "والواقع أن هذه الوضعية تكاد تكون موجودة حتى في أيامنا هذه، فمازالت الحركة النقدية الموريتانية تكاد تعتمد على المفهوم الانطباعي التأثري الذي يجعل الناقد الموريتاني وإلى الآن يرنو إلى العمل الأدبي من وجهة نظر ذاتية تابعة لميوله الفكري وهواه بغض النظر عن القيمة الفنية الحقيقية لذلك العمل في حد ذاته" ([23]). ويقول الباحث نفسه في تفسير ذلك: "والظاهر أن هذا يعتبر من نظرة الموريتاني إلى الحياة والأشياء، تلك النظرة المفتقرة إلى الموضوعية والجرأة".([24]) وإذا تتبعنا ما هو متاح من النقد الموريتاني الانطباعي بقطع النظر عن قيمته الفنية، فإننا واجدون نقدا شكليا لغويا ونحويا؛ وهو الأكثر، وهو يبرز الحرص الشديد على اللغة وسلامتها والعروض وعافيته. ونقدا مضمونيا دينيا خلقيا يحارب الهجاء والخروج عن الأعراف الراسخة، ويتورع من الغزل المادي المكشوف خاصة. ونقدا فنيا يدعو إلى عدم التقليد، ويطالب بالتجديد والابتكار دون أن يطرح بديلا لما دعا إلى نبذه. ونلفي فيه كذلك بعض الموازنات والمفاضلات والشروح والهوامش اللغوية والأنظام الشعرية.
· إن النقد الموريتاني القديم يفتقر إلى التسويغ والتعليل. بحيث كان الناقد يكتفي بإصدار أحكام عامة تابعة لميوله وذوقه وموقفه الذاتي من النص الأدبي المنقود، دون أن يرفق حكمه النقدي بما يعلله أو يعضده من حجج وشواهد. وهذه الحال تذكرنا بالنقد العربي في بواكيره.
· إن النقد الموريتاني القديم مارسه الشعراء والعلماء واللغويون. وقد ضم كتاب (الوسيط) نماذج منه.
· إن النقد الموريتاني القديم كان ينصب – في الغالب الأعم – على الشعر. لأنه يعد الجنس الأدبي الأثير لدى الشناقطة، والفن الأكثر استهلاكا وسيرورة في البِيئة الموريتانية منذ القدم.
ويمكن أن نقسم البقية المتاحة من النقد الموريتاني القديم قسمين اثنين، كما يلي:
أولا: النقد التطبيقي
وهو الأكثر، وكان يعنى أساسا بجانب الشكل؛ إذ إنه كان ينظر - في المحل الأول – في لغة النص وعروضه. ومن الكتابات التي تمثل هذا النقد (المربي على صلاة ربي) شعرا ونثرا للشيخ محمد سعيد اليدالي (ت 1166***65259.

يتبــع لاحقاً
[/tabletext]