عرض مشاركة واحدة
قديم 09-21-2010, 04:44 AM
المشاركة 52
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
سماحة الشيخ في مكتبة منزله


لسماحة الشيخ مكتبة كبيرة في منزله في الرياض ، وله مكتبة في منزل الطائف ، ومكتبة في منزل مكة.
والمكتبة هي محل أنسه ، وهي - في الغالب - مقر عمله واجتماعاته الخاصة مع العلماء وغيرهم ، وهي محل بحثه ، ودراسة بعض المعاملات الخاصة الواردة عليه.
وهي مكان التسجيل لبرامج الإذاعة كبرنامج نور على الدرب وغيره ، وهي مكان اللقاءات بمندوبي الصحف.
وفيها يراجع كتبه ، ودروسه ، وبعض المسائل التي يحتاج إليها.
وفيها يتتبع أسانيد الأحاديث ، وطرقها؛ إذ كان رحمه الله كثير الرجوع إلى كتب الرجال ، ككتاب تقريب التهذيب ، وتهذيب التهذيب ، وميزان الاعتدال ، وتعجيل المنفعة ، وتهذيب الكمال.
وقد سمعت صاحب الفضيلة الشيخ إسماعيل بن محمد الأنصاري رحمه الله يقول: إن سماحة الشيخ يكاد يحفظ التقريب عن ظهر قلب.
وكان يستقبل المكالمات وهو في المكتبة ، ويلقي المحاضرات الخارجية عبر الهاتف.
وكان رحمه الله لا يمل الجلوس بين الكتب ، والتنقل في رياضها؛ ففي بعض الأحيان نأتي بالمعاملات من طلاق ونحوه؛ فإذا بدأنا عرضها عليه بعد العشاء ربما ظهر عليه بعض الإعياء والتعب ، والنعاس ، فيقول: ما عندي نشاط.
ثم يطلب بعض الكتب فإذا بَدَأَتِ القراءةُ عليه في الكتب نشط ، وتأهب ، وذهب عنه النعاس ، وتفاعل مع الكتاب أو الكتب.
وفي يوم من الأيام بَدَأْتُ أعرض عليه بعض المعاملات في الطلاق وغيره ، فلمست منه الإعياء ، فقال: ما عندي نشاط ، أشعر بالإعياء ، وأرى عرضها في وقت آخر.
فخرجت من عنده في الساعة التاسعة من الليل تقريباً ، وذهبت إلى شمال الرياض ، لقضاء بعض الأعمال الخاصة بي.
ولما انتهى عملي عدت إلى منزلي ، وفي الطريق مررت بمنزل سماحته ، ولما حاذيته رأيت سيارة الأخ صلاح الدين عثمان - أمين مكتبة منزل سماحة الشيخ - ، وكانت الساعة قد بلغت العاشرة والنصف.
فلما رأيت السيارة قلت في نفسي: ما الذي أبقى الأخ صلاحاً إلى ذلك الوقت ، خصوصاً وأن عهدي بسماحة الشيخ أنه مُجْهَد ، ولم يستطع إكمال قراءة المعاملات؛ فوقفت عند منزل سماحته ، ودخلت المنزل وإذا بسماحته يخرج من المكتبة متجهاً إلى داخل بيته؛ فسألت الأخ صلاحاً ، وقلت له: أنتم جالسون من حين ذهبت من عندكم حتى هذه الساعة ؟
قال: نعم؛ لما بدأت أقرأ على سماحته في الكتب نشط ، واشتد عزمه ، ولم يذهب داخل بيته إلا الآن - كما ترى - !
وفي بعض الليالي نجلس في المكتبة بعد صلاة العشاء ساعة ونصف الساعة تقريباً ، ونلحظ على سماحته الإعياء؛ إذ هو طيلة يومه في جهاد ، وعمل متواصل.
وعندما نقوم إلى مكان الطعام لتناول وجبة العشاء يعود للشيخ نشاطه ، ونرجع مرة أخرى إلى المكتبة ، ويقول رحمه الله : النشاط يعود بعد الأكل ، وهو بمثابة البنزين للسيارة.
وأحياناً يمضي في المكتبة الساعتين ، والثلاث دون أن يشعر؛ فإذا سأل عن الساعة وقلنا: الساعة الحادية عشرة قال: إلى الله المشتكى ، الوقت يمضي ، والجلوس بين الكتب لا يُمَل ، نتمنى أن نقرأ كل ما في هذه المكتبة ، ولكن المشاغل لا تتركنا.
وفي يوم من الأيام في عام 1418هـ قال سماحته للأخ صلاح أمين المكتبة: لم يتيسر إلى الآن إمرار مسند الإمام أحمد؛ قراءتنا فيه متقطعة ، كلما قرأنا منه جزءاً انقطعت القراءة ، وإن شاء الله سوف نقرؤه ، فبدأ بقراءته ، ولكن الأعمال العظيمة لم تتركه.
ولا أعلم أنه عرض على سماحته كتاب يتكون من مجلد أو مجلدين أو ثلاثة ، أو أكثر إلا قال: سوف نقرؤه إن شاء الله.
ومما هو جديد بالذكر أن سماحته أوصى قبل وفاته بإهداء مكتبته إلى مكتبة مسجد سماحته في مكة المكرمة.

~ ويبقى الأمل ...