عرض مشاركة واحدة
قديم 03-20-2012, 10:04 AM
المشاركة 315
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
سهيل إدريس: لم أقصد أن أكون دون جوان
صاحب مجلة الآداب لـ «الشرق الاوسط»: مذكراتي أثارتالكثيرين ومنهم أفراد أسرتي وسأستمر في فضح النفاق
بيروت: سوسن الأبطح
اثارت مذكرات د. سهيل ادريس «ذكريات في الادب والحب» التي صدرت مؤخراً عن «دار الآداب» ردود فعل متباينة، وذلك بسبب جرأتها التي مسّت «عدة حساسيات محافظة». وقد فتحت هذه المذكرات الباب واسعاً امام السؤال حول جدوى كتابة السيرة ان لم تكن اعترافية ومشحونة بالبوح والتحدي. فبعد رواية «الحي اللاتيني» ورواية «الخندق العميق» ومجموعات قصية ثلاث توقف سهيل ادريس عن الكتابة الابداعية عام 1973، لكنه بقي حاضراً من خلال مجلته «الآداب» ومنشورات «دار الآداب» ومواقفه على الساحة الثقافية. وان كان ادب سهيل ادريس قد شكل محطة بارزة، وكتاباته النقدية حركت وجداناً راكداً، وترجماته المنتقاة قدمت خدمة جليلة للثقافة العربية، فإن أقل ما يقال في مذكراته ـ كما تبدو في جزئها الاول ـ انها مليئة بالصدق والمكاشفة. عن مسار سهيل إدريس، وتجربته الغنية، ومذكراته كان هذا الحوار:

* تشرح في سيرتك كم عانيت لتطليق الجبة والعمامة والانصراف الى الادب حيث كتبت روايات وقصصاً لاقت صدى واسعاً منذ الخمسينات. انما تبقى المفارقة الغريبة في إهمالك الكتابة، بعد ذلك، في سبيل مجلة «الآداب» و»دار الآداب» هل انت نادم اليوم، لانك اخترت هذا الطريق؟
ـ هذا صحيح، لكنني لم اتخل يوماً عن الهمّ الادبي. فقد كان هو الذي يستغرقني ويسكنني، انما اضافة الى هذا الهم ومنبثقاً عنه، كان عملي في المجلة. نعم ضحّيت بكتابتي الخاصة من اجل ان اقدِّم للأدب العربي مواهب ابداعية كثيرة في المجلة ومنشورات «الآداب». لكن بقي الحرف شاغلي الاول والاخير. وقد يكون انصرافي الى انتاج الآخرين نوعاً من التعويض عما لم استطع شخصياً ان اقوم به.
* لم تندم على خيارك رغم ان مجلة «الآداب» كانت مهددة بالاغلاق العام الماضي، وحال النشر ليست على ما يرام؟
ـ اذا كان لي ان اختار من جديد فلن اختار شيئاً غير الكتابة، وان اكون صاحب مجلة «الآداب» ومشرفاً على «دار الآداب». ثم انني ورغم ما مرّت به المجلة من ازمات لا استطيع ان اتخيل حياتي من دونها. انها كواحد من اولادي، لذلك لن اسمح بأن تتوقف ما دمت حياً. واعتقد اننا استفدنا من الخمسين سنة الاولى التي مرّت لتحسينها وتطويرها. وهو ما يقوم به ابني د. سماح منذ تسلمها.
الفوران القومي
* عايشت مرحلة فوران القومية العربية، وها نحن نراها تهزم في عقر دارها، وقد حملت «الآداب» هذا الهم القومي وما زالت، فكيف تنظر الى هذه الهزيمة، اين الخطأ؟ وماذا فعل جيلك بنا؟
ـ طبعاً عشنا في النصف الاول من القرن الماضي مجموعة من الهزائم، لا بسبب اعتناقنا للفكر القومي، وانما لسوء تطبيق هذا الفكر. ولا مبرر على الاطلاق للتخلي عن المبدأ الذي نعتقد ان لا خلاص من دونه. القومية التي تسعى الى الوحدة، هي منقذنا لانها تعالج جميع الآفات التي نخرت الكيان العربي طوال هذه الفترة، والمفارقة العجيبة ان الوحدة هي التي تسوس الامم الغربية بينما نحن نزداد تشرذماً وسعياً وراء مصالح خاصة، وحفاظاً على الكراسي، واهمال الهدف البعيد الذي يستطيع ان يوصلنا الى شاطىء الامان. جيلي هو الذي شهد الاشواق العربية تتحقق وان شابها تكالب الاستعمار طمعاً في الاستيلاء على خيرات الامة.
* تتحدث عن الاستعمار بينما كنت من اشد المعجبين بالحضارة الغربية في تلك المرحلة بشهادة روايتك «الحي اللاتيني»؟
ـ حين نستفيد او نفيد من الحضارة الغربية التي لذنا بها فإنما نسترد بعض حقوقنا عليها، لاننا لا نستطيع ان ننسى ما قدمته الحضارة العربية في القرون الوسطى للمجتمع العالمي، فليس لهم ان يمنّوا علينا بذلك، وان كانوا قد سبقونا بالتكنولوجيا، فلأنهم استفادوا كثيراً من خيراتنا ليطوروا انفسهم، بينما كنا نخسر وهم يربحون.
الوجودية والماركسية
* لماذا اعجبت بسارتر، تحديداً، دون غيره، بحيث انك ترجمته ونشرته؟
ـ اتيت الى سارتر من باب الوضع الجزائري، فسارتر لم يكن وجودياً فقط وانما كان يحمل فكر نضال تاريخي. لقد وقف من حضارته الفرنسية موقفاً نقدياً حين ادان الاستعمار الفرنسي في الجزائر. وهو ما جذبنا اليه اول المطاف، ثم عكفنا على دراسته، فاكتشفنا في الفلسفة الوجودية محورين هامين نحتاج اليهما في نهضتنا الحديثة، وهما: الحرية والمسؤولية. كان هناك محور ثالث في الفكر الوجودي هو محور الالحاد، لكن هذا المحور لم نأخذ به، لأنه كان يتناقض مع ايماننا وتقاليدنا، وسيرورة حضارتنا التي تعترف بضرورة الفكر الاسلامي في قيام الدعوة العروبية. من اجل ذلك، وجدت ان نتبنى اول خروجنا الى الحياة الفكرية المذهب الوجودي، دون ان نهمل المذاهب الاخرى. فمنشورات «الآداب» هي في الوقت نفسه، تؤمن بالفكر القومي ولا ترى فيه تناقضاً مع الفكر الوجودي في اول عهده، ولا تناقضاً مع الفكر اليساري. وقد أفدنا فائدة كبرى من الفكر اليساري والماركسي. ووقفنا في الواقع موقفاً نقدياً من كل هذه المذاهب، واردنا ان نستفيد منها كلها دون تغليب شيء على شيء آخر. لهذا انتقدنا الوجودية في مرحلة من المراحل كما انتقدنا الفكر الماركسي محاولين ان نجد للفكر العربي كيانه وماهيته، ولم نتراجع عن هذا طوال خمسين عاماً من حياة دارنا.
اتهامات اليساريين العرب
* هذا كلام جديد، لانكم اتهمتهم بالرجعية من قبل اليساريين، وصنفتم طوال تلك السنين مع الليبراليين والرأسماليين؟
ـ لا يكفي ان يتهمنا انسان بتهمة ما حتى تكون صحيحة. واعتقد ان اليساريين انفسهم والشيوعيين قد احسوا بالخطأ الذي ارتكبوه تجاهنا وتراجعوا عنه، وهم لا يعتبرون مجلة «الآداب» رجعية، بالعكس، فالكثير من اليساريين يتعاملون معنا ويؤمنون باستقلالية الخط الذي نتخذه. كانت لنا ملاحظات ونقدات على الفكر الشيوعي، وكنا في ذلك قريبين من مفكر يساري، نموذج في الفكر اليساري، هو الفقيد رئيف خوري الذي اعترف الشيوعيون بأنهم اخطأوا في حقه وان تفضيله الاستقلال على الالتزام الاعمى بسياسة موسكو كان اصحّ للشعب العربي مما كانوا هم يعتبرون.
العلاقة مع نزار قباني
* تقول في مذكراتك انك انشأت مجلة «الآداب» ثأراً من اولئك الذين رفضوا ان ينشروا كتاباتك فلماذا قامت دار النشر؟
ـ في اول الامر قامت الدار بالشراكة مع نزار قباني وقد انشأتها لأنني شعرت ان المجلة هي اضيق من ان تتسع للانتاج العام لكاتب من الكتّاب، فكان مشروع الدار تكملة لدور المجلة. واظن اننا بلغنا في ذلك شأواً. فعدد كبير من الكتاب المعاصرين نشأوا على صفحات مجلة «الآداب» ودار «الآداب» في وقت واحد، نذكر منهم نازك الملائكة وصلاح عبد الصبور واحمد عبد المعطي حجازي وامل دنقل وحنا مينا وكثيرين غيرهم ممن قادوا الحياة الفكرية في الستينات والسبعينات. ولا بد من التذكير انه عن دار «الآداب» صدر ايضاً عدد من عيون الكتب العربية المعاصرة امثال «مذكرات طه حسين» و»اولاد حارتنا» التي لم يستطع الناشرون المصريون اصدارها بعد موقف الازهر منها. وقد تجاوزنا هذه العقبة، وكانت «اولاد حارتنا» اساس منح نجيب محفوظ جائزة نوبل.
سيرة في أجزاء
* يبدو من سيرتك الذاتية في جزئها الاول انها لن تستوفى بجزء ثان وقد تستغرق عدداً من الاجزاء؟
ـ في اعتقادي انها لن تقل عن اربعة او خمسة اجزاء، اكتبها تدريجياً، راجياً ان ابقى وفياً للمبدأ الذي اتخذته في كتابتي للجزء الاول، وهو الصدق والكشف عن آفات المجتمع وتعرية هذه الآفات بشكل يتناسب مع الرسالة التي اؤمن فيها من ان الادب اذا لم يكن كاشفاً فلا فائدة منه.
* هذه السيرة جريئة الى حد صادم احياناً، وهي لا تشبه الرجل المحافظ الذي نعرفه فيك؟
ـ اولاً، انا احتج على تصنيفي بأنني محافظ، ان الذي انشأ مجلة «الآداب» التي تدعو الى التجديد لا يمكن ان ينطلق من المحافظة، فلماذا لا امارس هذه التجديد في السيرة الذاتية؟ لقد اخذ عليَّ البعض ما ذكرته عن سلوك ابي من شذوذ جنسي، ولكنهم لا يستطيعون ان يشعروا بما كنت اشعر به شخصياً حين كتبت ما كتبته، لم يكونوا ليشعروا بالخجل الذي عانيته من سلوك ابي، وهذا شيء انساني وطبيعي، ومن المفروض ان اتحدث عنه كما اشعر بالخجل من اي سلوك يكون فيه الكذب هو الطاغي والتزوير والتضليل. حاولت في هذا الجزء الاول ان افضح النفاق، واود ان استمر في هذا الخط في الاجزاء المقبلة.
* هل شعرت بالتردد عند كتابة هذا المقطع عن سلوك والدك، ام ان المسألة كانت بالنسبة لك محسومة؟
ـ شعرت بشيء من التردد، وهذا بشري ايضاً، لكنني قررت مع ذلك ان اعود الى احساسي العميق والصادق مما كنت اعانيه من هذه المشكلة. صحيح انه اثار كثيرين، ومنهم بعض افراد اسرتي. لكن ليس هناك ما يلغي حقي في الاعتراف بالحقائق.
الرواية والسيرة
* الى اي مدى اثّر سلوك الوالد على حياتك الشخصية فنحن نراك ـ حسب السيرة ـ شغوفاً بالنساء حتى انك تتعرف على واحدتهن تلو الاخرى، لقد ذكرت معرفتك بالعديدات في فترة وجيزة للغاية؟
ـ اولاً الفتيات اللواتي ذكرتهن في هذا الجزء، جئن قبل زواجي فكان طبيعياً ان اتحدث عن حبي للمرأة واشواقي لها. بعد ذلك عرفت نساء كثيرات وآمل ان اتمكن من الحديث عنهن بما لا يسيء اليهن ولا الى اطراف اخرى عايشتها.
* تبدو في هذا الكتاب وكأنك الشيخ سهيل الذي تحول الى دون جوان يعيش دنياه طولاً وعرضاً؟
ـ (يضحك) لم اقصد ان اكون دون جواناً، واعتقد ان كل الذين عرفتهم عاشوا ما عشته وواجهوا القضايا التي واجهتها. حاولت ان اقول ما حدث بصدق وصراحة. والفرق بيني وبين سواي ممن يكتبون السيرة الذاتية انهم ليسوا صادقين بما فيه الكفاية. من اجل هذا وجد البعض صراحتي متنافية مع التقاليد المعروفة.
* اللافت في الكتاب انك تتحدث عن خلوات متعددة ومتكررة مع حبيباتك في اربعينات القرن الماضي، وهي فترة من الزمن نظن ان شاباً في السابعة عشرة ما كان يستطيع تدبر امره بهذه المهارة لولا الكثير من الحيلة.
ـ حتماً، الفتى والفتاة المتحابان لا يعدمان وسيلة للقاء حين يرغبان في ذلك. اذا تذكرنا كثيراً من الوقائع لدى الشعراء والكتّاب حتى من اسلافنا نجد ان ذلك كان متاحاً. لا ننسى مغامرات عمر بن ابي ربيعة ولا سواه، ما كانت تعوز هؤلاء الوسائل للقاء حبيباتهن.
* كنت قد قرأت عمر بن ابي ربيعة في تلك السن؟
ـ طبعاً، درست عمر بن ابي ربيعة في المدرسة وكنت معجباً به، كما كنت شديد الاعجاب بالمتنبي لنزعته الطامحة الى المجد، واعجبتني فلسفة طرفة بن العبد في أبياته الشهيرة. ولا اعتقد انني امثّل بالنسبة لهؤلاء شذوذاً في الادب العربي. وقد كانوا احياناً من الجرأة ما يتجاوز جرأتي في الكتابة. انا لا افعل الا ان اتابع سير عدد من هؤلاء الشعراء والادباء الصادقين في الحياة.
شيخ مودرن
* في بداية الكتاب تقول ان الجبة والعمامة كانتا عبئاً كبيراً عليك، وكأنه كان ثمة تناقض بين الشخص الذي في الداخل والرداء الخارجي. كما ان التوفيق بين ميلك الادبي واختصاصك الديني كان امراً مستحيلاً.
ـ ما من شك انني شعرت بعبء ذلك اللباس، وإلا لما طرحته جانباً بدعوى انني اريد ان اعيش الحرية التي يحرمني منها المجتمع العربي الشديد التزمت. وهذا هو السر في سفري الى الخارج، كما لو انني اود ان افتش عن مجتمع مختلف عن الذي اعيش فيه. وهو ما حدث حين عشت ثلاثة اعوام في باريس، استكملت فيها ابعاد ذاتي، وتنفست من الحرية ما مكنني من ان اصبح مغنياً لهذه الحرية، في مختلف اشكالها، في ما بعد.
* تلحّ بشكل مؤثر على ما سبب لك قصر قامتك من ازعاج، فهل يمكن ان يكون القصر ـ وهناك من هم اقصر منك ـ عند الرجل مهماً الى هذا الحد؟
ـ لم اخف يوماً انني بسبب هذا الوضع في الجسم، كنت اعاني بعض العقد النفسية لانني ربما لم اكن احظى بما كان يحظى به طوال القامة من متع الحياة ومن اقبال الجنس الآخر عليهم.
* هل كنت ترغب باكثر مما حظيت به من قبل النساء، وهو ليس بالقليل؟
ـ (يضحك) ربما كان هناك، على ما يبدو، ما يعوض عن قصر القامة في شخصي وهو الذي كان يجتذب بعض المخدوعات من البنات.
* اي ان تصيد النساء كان بمثابة استعادة ثقة بالنفس؟
ـ اعتقد، ممكن جداً، كما كنت اقول حينها. كان بعضهن او بعضهم يحاول الغمز من قناتي بصفتي شيخاً فكنت اقول لكنني شيخ «مودرن».
* تعاملت بشكل وثيق مع نزار قباني وحدث بينكما خلاف شديد، واتهمته بأنه كان يمنعك من النشر للادباء الناشئين، وقلت عنه انه متفلسف، وذكرت على لسان غيرك، في سيرتك الذاتية انه لم يقرأ الشعر ولا كبار الشعراء؟
ـ في الجزء الاول تحدثت لماماً عن نزار قباني وسأعطيه صفحات واسعة جداً في الاجزاء المقبلة وافضل ان احتفظ بما عندي لما سينشر لاحقاً من اجزاء، فهو رجل واسع الايحاء الى جانب كونه شاعراً عظيماً، لذلك اعتبره صديق العمر.
* هل سيكون حاله كما سعيد فريحة، صاحب «دار الصياد» الذي بدأت معه الكتابة ووصفته بأنه كان امياً وانانياً، لا يحب ان يرى غير اسمه في مجلته؟
ـ اخطأ البعض في القول بأنني انتقدت سعيد فريحة انتقاداً ظالماً. ولم ينتبهوا الى انني تحدثت ايضاً عن تأثيره عليَّ ككاتب نكتة وكفكاهي، فهو وسعيد تقي الدين كان لهما اثر في ما يراه البعض من روح الطرفة والنكتة عندي. اما ان كنت قد تحدثت عن أميّة سعيد فريحة ودكتاتوريته فأنا لم اظلمه.
* لا بد ان هذا الكتاب قد اثار لك مشاكل شخصية واعتراضات من المذكورين فيه او عائلاتهم؟
ـ نعم ثمة من شعر بالانزعاج، انما على اي حال، لم اذكر اسماء الفتيات وانما لجأت الى الاستعارة، من هنا تستطيع كل واحدة ان تدّعي انها ليست المقصودة، او ربما هي المقصودة من باب الافتخار. لكن ما اثار الكتاب من مشكلات هو الذي جعله لدى الكثير من الكتاب وذوي الحس المرهف موضع اعجاب وتقدير.
* تقول ان رواياتك وقصصك هي جميعها سير ذاتية، انما تبقى الرواية سيرة مقنّعة فهل كانت كتابة السيرة اشبه بشهوة تطاردك حتى تنجزها؟
ـ كل روائي حين يكتب، انما يكتب متخفياً، اما كاتب السيرة فيجب ان يختلف، والا فليكتب روايات اذا كان يخاف الخروج على حدود التقاليد. ففي الروايات، يحق له ان يمارس التشويه الفني للحقائق. اما في السيرة الذاتية فليس امامه خيار غير الصدق والواقعية.
* لا بد انك تقوم اليوم، اثناء الكتابة، بمراجعة عمر، وربما بنقد ذاتي لمسار طويل، فما هي المحطات التي تشعر بأنها شكلت خطأ في حياتك؟
ـ سأتحدث في الاجزاء المقبلة عن بعض النواحي السلبية في مواقفي، وعلى وقائع تدلّ على ندم متأخر، من ذلك مثلاً انه بالرغم من شدة اعجابي بالزعيم جمال عبد الناصر، اعتقد انني اخطأت حين لم ادن موقفه او موقف المسؤولين حوله من اعتقال بعض الكتَّاب الشيوعيين، وقد اعترفت بهذا امام محمود امين العالم الذي اعتقل في عهد عبد الناصر، لكنه كان من النبل بحيث أنه لم يتحدث عن هذه الفترة بشكل سلبي، كما اني اعتقد انه كان ينبغي علي ان ادين اعدام سيد قطب لأني لا اوافق على اعدام اي مفكر بسبب افكاره.
* لماذا، اذن، التزمت الصمت في ذلك الوقت؟
ـ لانني كنت اعشق عبد الناصر، وهذا كان يمنعني من ان اوجه له اي انتقاد. وهو ما قد يكون مقبولاً من الناس العاديين لكنه ليس مقبولاً من مثقف يعي الامور على حقيقتها.
* هل تعتقد ان ليونتك المستجدة من اليسار هي نتيجة سقوط الشيوعية ورؤيتك اميركا تتفرد في العالم؟
ـ نعم، هذا صحيح، نحن خسرنا في سقوط الاشتراكية والشيوعية اكثر بكثير مما ربحنا لأنهم كانوا ـ على الاقل ـ يدعمون قضايانا ولا يتركون المجال واسعاً للولايات المتحدة لتقوم بفرض هيمنة علينا تحصي الانفاس وتتهمنا بما نحن منه براء.