عرض مشاركة واحدة
قديم 08-06-2010, 12:16 PM
المشاركة 2
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: تــــــركــــوا أثــــــلامـــــــاً ...

سلام الله عليكم ... ومرحباً بكم في هذه السلسلة

نحن الآن أمام أنمـوذج انسـاني ونسائي غيـر عـادي .. شخصية عربية متفـرّد ومنفردة أصـيلة
( بنت الشاطيء )
أديبـة عربيـة مصريـة
.. تبـهرك بأصالتـها ودأبـها وتفوقـها
امرأة فذة في عالم الأدب والبحث والعلم
فذة حتى بين الأدباء الرجال الذين عاصروها ..
لكنها ان تكررت بين الرجال .. فهي لن تتكرر بين النساء !!
كتبــت سيرة حياتها في كتاب بعنوان ( على الجسر )
سيرة ذاتية مختصرة - ضمنتها مرحلتين
مرحلة ما قبل : موعدي معه
ومرحلة ما بعد : موعدي معه
( والهاء هنا : ضمير الغائب - تعود على أستاذها وحبيبها وزوجها
الاستاذ أمين الخولي )
الذي التقته في يوم ميلادها
السادس من نوفمبر عام ثلاثة عشر وتسعة مئة وألف
حيث التقته عام ستة وثلاثين
واذا ما سؤلت : أي اليومين عندك عيــد ؟
لاعتبرت يوم لقائها الأول بزوجها ( أمين ) هو العيد
فقد أحبته كل الحب ..
وأرجعت اليه كل الجميل
في وجودها الثقافي والعلمي المتألق
حفظت القرآن الكريم منذ صغرها
فاكسبها استقامة اللسان .. وحسن نطق اللغة العربية
ثم ارتقت برفقة والدها الى مجالس الشيوخ والعلماء والفقهاء
فقرأت ذخائر كتب السلف وأمهات المكتبة العربية الاسلامية
وهذا ما اختط لها دراسة اسلامية بحتة بعيدة عن أطر مناهج المدارس الحديثة المعاصرة القاصرة
فرتعت في بحبوحة العلم الأصيل .. واشتد عودُها في تلك الفرصة النادرة
وتفاعل ذكاؤها فواحا في أرجاء المدرسة التي اختارها لها والدها في فهم وتقدير عميقين لموهبتها غير العادية
لكنها كانت
مثل مصر تتجاذبها اغراءات الشهادات والجامعة
على النسق الغربي الى آخر تلك الصيحات البراقة
الكاذب منها والصحيح
رغم جذورها النابتة في عمق تربة الاسلام الخصبة
فنالت الشهادات الأولية حتى وصلت الجامعة
فاختلطت ببنات الذوات المطويات تحت هيمنة الثقافة الأجنبية
واللواتي تمّ صبّهنّ في قوالب انموذج المرأة الغربية تمهيدا لطرحهنّ في أرجاء
المجتمع المصري كالطعم لنشر أشياء أخرى
لكن الأديبة والشاعرة الأصيلة كانت بعيدة كل البعد عن الغربنة والاغتراب والتغريب
وشيئا فشيئا .. خضعت شعوريا للنموذج الغربي
حين استغلّت مواهبها أمرأة من الثريات والمنتميات الى الطبقة التي تتسمى ( الراقية )
فكانت تقوم بأعمال كثيرة لقاء أربعة جنيهات
فعملت في مجلة هذه الثرية .. كساعية بريد
لا تنقل الرسائل فحسب بل تقرأ البريد
وتعـدّ مواد المجلة للطبع .. وتصحح الأخطاء .. وتصدّر الأعداد بمقال افتتاحي .. تتفنن في انشائه .. وتتعب في تنقيته من الشوائب .. وتطرزه ليبدو بأجمل حلّة .. فتأتي صاحبة المجلة وتوقّع الاقتتاحية باسمها الهش
لكن هذه الأديبة كانت تفعل هذا وهي راضية كل الرضى .

فبعد أن تجاوز قلمها نطاق المجلة الشهرية المحدودة التوزيع الى الصحف اليومية والمجلات الكبرى
ولأن عملها هذا يخالف تقاليد عائلتها المحافظة ..
وحتى لا يعلم والدها بالأمر ويُصدر قراره الجائر
بحرمانها من الكتابة ..
ارتأت أن تتستر خلف اسم مستعار
وطاب لها أن تنتمي للشاطيء
فكانت توقع مقالاتها باسم ( بنت الشاطيء )
وكبرت البنت ونما معها الشاطيء الذي ترسو عليه سفنها المفعمة بكلماتها الأخاذة
ورويدا رويدا لاحت بوادر النجاح الأدبي
حتى نشرت لها صحيفة الأهرام في صفحاتها الأولى
مقالات عن الريف المصري
وقضية الفلاح المصري في صيف عام خمسة وثلاثين للميلاد
وذات يوم اتصل بها سكرتير التحرير لمقابلة صاحب الجريدة لتنضم على إثر هذا اللقاء الى أسرة التحرير عام ستة وثلاثين
وهـــــنا .... كان لقاؤها المصيري مع الأستاذ أمين الخولي
وفي لقائها الأول به
جمع في ناظريها بين القديم والحديث في مزج متماسك متوازن مولدٍ للحيوية الفكرية التي افتقدتها في دراستها القديمة على يد والدها
ثم افتقدتها في دراستها الجامعية
فها هي تندمج معه فكريا وعقليا ونفسيا .. وكأنما مصالحة تمّت بين القديم والحديث بعقد قرانها عليه
وقد عبرت بنت الشاطيء عن هذا التمازج في سيرتها حين قالت :
( الدنيا لا تعرف الا أننا اثنان
والحياة تفرض علينا أن نعانيها بهذه الثنائية العددية
ورغم هذا كنا كنفس واحدة )

انها الأديبة والكاتبة الدكتورة عائشة عبد الرحمن الملقبة ب بنت الشاطيء
وكعادة الدنيا .. تسرق من أحشاء الحبيب حبيبه وهما في قمة السعادة ..
ها قد راح عنها الزوج والحبيب ( أمين الخولي )
ففقدت معه أجمل الأشياء التي يمكن للحبيب
أن يحسَها مع من يحب !!
حالة صعبة عاشتها بنت الشاطيء بعد الفقيد فقد رأى من حولها في عيونها وبعض قسمات وجهها
التجهم ونبرة الشكوى والتململ والكدر
التي لازمتها بعيد فراقه ..
ولأنها مؤمنة بالقضاء والقدر ..
ظلت الابتسامة الساحرة التي تميزت بها لا تفارق عينيها .. ويستدل قاريء بنت الشاطيء الى الحزن الذي سكن أعماقها ما باح به قلمها كأي كاتب يسطر مشاعره على الورق .. حين أشارت بجملة ( عندما أصابتني النكسة ) في أحد موضوعاتها
امتدّ عمر هذه الرائعة العربية حتى بلغت الخامسة وثمانين عاما
فلم يكن المهم امتداد عمرها
بل ما يصاحب هذا العمر من حيوية امتدت معه
حيوية فكرية ولياقة ذهنية ورغبة في عطاء مستمر اتضحت معالم هذا العطاء
بجلاء في زاوية ( شاهد على العصر )
كل يوم خميس بجريدة الأهرام
انها شاهدة على حق ..
وبحق على كل لمز وغمز شياطين الانس .

واذا كانت الدكتورة عائشة عبد الرحمن قد بدأت اعتلاء قمتها العلمية ( الدكتوراة ) في تحقيق رسالة الغفران لأبي العلاء المعري ..
فقد اعتلت قمة جهادها المتواصل بسلسلة مقالاتها في الأهرام
والتي جمعتها فيما بعد بكتاب حمل اسم ( قراءة في وثائق البهائية )
وبين هاتين القمتين حشد ثري من مؤلفات تجمع بين العمق والاخلاص في البحث الذي تلبسه لغة أدب مصقولة بالفن والمقدرة النادرة على الجمع بين الجدية والظرف
ويكفينا في هذ المقام أن نذكر نساء النبي وبناته في
( سيدات بيت النبوة )
والذي يعتبر مرجعا أمينا ووفيرا لطلبة الجامعات
وروّاد الأدب والمعرفة
وكما أبدعت في رحلتها الابتدائية من حياتها صامتة 00
أكملت رحلتها الى الآخرة بصمت مريع ..
فقد رحلت دون ضجة ..
وقلة قليلة من ذكروا مآثرها بعد وفاتها
فلو كانت سياسية متلونة المباديء لأقيم لها عشرات حفلات التأبين !!!!!
وان جاز لي أن أخلع عليها لقبا لقلت بكل تقصير
( عالمة وأديبة رحلت عنا بعد أن تركت فراغا في العقول والقلوب .. وأبكت شواطيء كل العرب من بعدها )
أما أنا فبكيتها .. وهذه دعوة لقراءة آثارها الرائعة
يرحم الله الدكتورة عائشة عبد الرحمن ( بنت الشاطيء )


ألقاكم في صفحة أخرى .. وشخصية أخرى بإذن الله
مع تحياتي ... ناريمان