عرض مشاركة واحدة
قديم 02-18-2011, 12:25 AM
المشاركة 4
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



خــريـف




تحيّاتٌ، أيتها الغاباتُ المكسوّةُ بالأخضر المستديم

الأوراقِ المُصفَرّةِ على العشب المتناثر

تحيّاتٌ، أيتها الأيام الأخيرة الرائعة .. حِدادُ الطبيعة

يُثيرُ ألمي ويُمَتِّعُ عينيَّ

أسير بخطواتٍ حالمة في طريق مهجور

وأريد أن أرى ثانية، ولآخرِ مرةٍ

هذه الشمسَ المتضائلةَ والشّاحبةَ والتي لا ينفذ

نورُها الواهنُ إلى ظلام الغابات عند قدمي إلاّ بجهد



....



أجلْ، في أيام الخريف هذه، عندما تموت الطّبيعة

أجد إغراءً عظيماً في نظراتها المتستِّرة

وَداعَ صديق، والبسمةَ الأخيرة

من الشِّفاه التي سيغلقها الموتُ إلى الأبد



....



هكذا أتهيّأ لأغادر أمدَ عمري

أندب الأملَ المُحتضَر لأيامي الطَّوال

وأنظر إلى الوراء مرة أخرى، وبأعين حاسدة

أفكر مَليّاً بعطاياها التي لم أنعُمْ بها قطّ



....



يا أرضُ، يا شمسُ، يا وديانُ، ويا طبيعةً رائعةً جميلة

أنا مدين لكم بدموع على حافّة قبري

يُشَمُّ الهواء عذباً! الضياءُ جِدُّ نقيٍّ

والشمسُ جميلة للمُحتضَر



....



الآن أريد أن أشربَ حتى آخرَ قطرةٍ

من كأس الزَّهرة التي تمزج الرّحيق بالصّفراء

عند قعر كأس الحياة التي شربتُ

ربما تكون ثمة قطرة من عسل رائق



....



ربما يدّخر لي المستقبل في مستودعه

قبضةً من سعادة، أملاً بائساً

ربما تكون بين الحشد روح أُهملتْ

تتفهّم روحي فتتجاوب معها



....



تسقط الزَّهرةُ فتمنحُ الريحَ عِطرَها

إلى الحياة، إلى الشّمس ناطقةً وداعَها الأخير

سأموت؛ وروحي في لحظة انتهائها

ستعطي صوتَ حِدادٍ هادئاً وقَرعَ ناقوسِ موتٍ شجيّاً




ترجمة : د. بهجت عباس






هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)