عرض مشاركة واحدة
قديم 02-18-2011, 12:22 AM
المشاركة 3
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي





البحيرة: ترجمة أخرى


عندما كان الشاعر الفرنسي الرومانسي لامارتين يستجمُّ في بحيرة - بورجيه- المعروفة بمياهها المعدنية خارج باريس لمعالجة مرض ألمَّ به عام 1816، تعرّف على فتاة جميلة اسمها جولييت جاءت للغرض ذاته، فكانت علاقة بينهما. وبعد انتهاء مدة الاستجمام، ذهب كُلُّ منهما.

- - - - - - -


وهكذا في عباب البحر قد مَخرتْ

بنا السفينة نأياً عنْ مراسيها

في ظلمةٍ طوّقتنا غيرِ زائلةٍ

فلا صباحٌ يُرَجّى من حواشيها

يجري بها البحر قُدْماً لا رجوعَ لها

ولا استراحةَ يوم راح يُسديها

تمرّ حيرى بشُطآنٍ بلا عدد

لكنهّا لا ترى مرفأ فيُؤويها


....


أيا بحيرةُ هلاّ تنظرين إلى

عَوْدي وحيداً وذكرى منْ لياليها

من بعد عام مضى قد عُدتُ ثانية

أعلّل النفسَ لا شيءٌ يُسلّيها

كانت على الصَّخرة الصّماء جالسةً

والموج يرقص مختالاً حوالِِيها

ويقذف الرّغوةَ النّعسى على قَدمَيْ

جوليا حُنُوّاً فتشدو في أغانيها

والآنَ أجلس وحدي فوق صخرتها

والنفسُ في شَجنٍ مَنْ ذا يواسيها


....


تذكّري ليلة والأنسُ يغمرُنا

ولا نرى غيرَ دنيا الحبِّ نَرويها

جرى بنا القاربُ السّهمان في مرح

تحت السّماء وفوق الماء ساريها

وكلّ ما حولَنا صمتُ ولا صَخَبٌ

إلاّ المجاديفَ تشدو في مساعيها

لكنّ صوتاً له سحرٌ وهيمنة

أصغتْ له النفسُ فانزاحتْ غواشيها


....


يا أرضُ رفقاً بنا لا تُسرِعي أبداً

وطَوِّلي ليلةً رقَّتْ معانيها

وأنتِ، أيتها الساعات، لا تَثِبي

دعي الصّبابةَ ترعى مَنْ يُداريها

وخليانا نعُبُّ الحبَّ في رغَدٍ

وأسرعا معْ كئيب النفس داميها

وقصِّرا ليلةً طالت على نَكِدٍ

مُسهَّدٍ راح بالأشجان يقضيها


....


لم يسمعِ الدهرُ صوتَ الحبِّ عن عَمَدٍ

إذ يكره الحبَّ والأزهارُ يُذويها

فالصّبح قد هَتَكَ الليلَ البهيَّ بلا

عطفٍ ففارقتْ الأفراحُ راعيها

بحرُ الزمان ضنينٌ كلّه ضِغَنٌ

يمزّق العمرَ والأيّامُ يَطويها


....


إنَّ الزمان ليجري في تدفّقِهِ

وإنَّ أمواجَه لا رحمةٌ فيها

فلنغتنمْ فرصةً عَنّتْ على عجلٍ

من لم يُبادرْ إليها ليس يَجنيها

و لنُتْرعِ الكأسَ أفراحاً مُشَعشِعةً

فإنَّ جذوتَنا الأقدارُ تُطفيها

فليس للمرء مرفا يستجيرُ بهِ

وليس للنفس شُطآنٌ فتَحميها

تجري بنا لُججُ الأهوال مُسرعةً

نحو النهاية لا شيءٌ سيَثنيها


....


فيا بحيرةُ يا ما ليلةٌ شهدتْ

حبّاً تقضّى سريعاً في دياجيها

ويا صخوراً على الشاطي تداعبها

الأمواجُ في جذلٍ والماءُ يُرويها

وأنتِ يا غابةً سوداءَ مظلمةً

تُجدّد العمرَ دوماً في مراعيها

لكم خلودٌ فلا دهرٌ يُحطِّمُكمْ

ولا الرياحُ أو النَّسْماتُ يُفنيها

تذكَّروا اثنين عاشا في ربوعِكمُ

تساقيا الحب صَفواً في أعاليها



ترجمة: د. بهجت عباس




هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)