عرض مشاركة واحدة
قديم 01-03-2011, 05:27 PM
المشاركة 151
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي


المصدر
ديوان نداء الرميم
رقم القصيدة (16)




مـرايا الكهـف



أنا والصّمتُ والجدرانُ نُوري
زِنادَ الفكرِ في ليلِ الشتاءِ


نكلِّمُ بعضَنا همساً ونرنو
إلى الأشباحِ في الكهفِ المُضاءِ


ونسمعُ أغنياتِ القومِ تعلو
ويختلطُ الغناءُ مع البكاءِ


وخلفَ ستائرِ البلَّورِ تبدو
رسومٌ للحرائرِ والإماءِ


وتختلطُ الرُّسومُ ويعتريْها
ذُبولُ اللونِ في زمنِ الرِّياءِ


هناكَ تُعربدُ الدُّنيا وتغفو
نفوسٌ أدمنتْ طعنَ الإباءِ


* * *

هنا عصرٌ وضمنَ الكهفِ عصرٌ
ونحنُ وهمْ على حدٍّ سواءِ


يعشِّشُ في دِمانا الصمتُ حتى
تعاتبنا الهمومُ على الولاءِ

ويقتلنا الوباءُ إذا مَضيْنا
نمنِّي النفسَ نحلُمُ بالدواءِ


وتلكَ حياتُنا أضحتْ هُراءً
فبئسَ العيشُ في الزمنِ الهُراءِ

وكمْ عاشتْ أمانينا وماتتْ
على وعدٍ تَسربلَ بالدِّماءِ


* * *

أنا والصمتُ والجدرانُ أسعى
إلى حَتْفي بلا زادٍ و ماءِ


وأحدو ركبَ منْ ركبوا الرَّزايا
وأتركُ كلَّ نائحةٍ ورائي


أقاومُ ما استطعتُ جموحَ فكري
وأَضحكُ من دهاقنةِ الدَّهاءِ


وأحملُهمْ على بُغضي وعَذلي
وأسبقُهمْ على دربِ الجَّفاءِ


وأتركُهمْ ورائي لا أُبالي
بمدحِ الخانعينَ أو الهجاءِ


فمنهمْ من تشبَّثَ في ذُيولي
ومنهم من تعلَّقَ في حذائي

وحسبي إنْ مَضيتُ إلى تحدٍّ
سلكتُ الدربَ أَهزأُ بالفناءِ


* * *

أنا والصمتُ والجدرانُ عزفٌ
على أوتارِ نازلةِ القضاءِ


أرى حولي دُعاةَ السِّلمِ جيشاً
تسلَّحَ بالدَّسائسِ والرِّياءِ


يقودُ زحوفَهم شخصٌ غريبٌ
تنمَّرَ تحتَ ثوبٍ من فراءِ

يثورُ مُعربِداً طوراً .. وطوراً
يُخبِّئُ رأسَهُ تحتَ الغطاءِ


ويمضي نحو سورِ السِّلمِ حتى
إذا وافاهُ أمعنَ بالثَّناءِ


فيُفتحُ بابُه ويُطلُّ عبدٌ
شَروه ضمنَ قائمةِ الشِّراءِ


ينادي .. من ببابِ السُّورِ يُثني
على الدُّخلاء يجأرُ بالدعاءِ

ويدخلُ قائدُ الزَّحفِ المُرجَّى
حصار السلمِ ينعمُ باللقاءِ


وينسى جندَهُ خلفَ المرايا
يُقيمونَ الصلاةَ على الوفاءِ


* * *

أنا والصمتُ والجدرانُ طَودٌ
به أَنفٌ يجلُّ عنِ الغُثاءِ


نرودُ معارجَ الأفاقِ نسمو
بأجنحةِ الشآمِ إلى العَلاءِ


نُجرِّدُ في بروجِ الشمسِ سيفاً
شآميَّاً تحفَّزَ للمضاءِ


نسالمُ منْ يسالمُنا فإمَّا
تمادى الخصمُ نمعنُ في العداءِ

فنحنُ المانعونَ إذا قبضْنا
ونحنُ الباسطونَ يدَ السَّخاءِ


ونحنُ الباذلونَ إذا مَضينا
دماً حُرَّاً على نغمِ الحُداءِ


ونحنُ على مدارِ الكونِ قومٌ
نَسُلُّ البُرْءَ من رَحِمِ البلاءِ


فما كانَ السلامُ لنا سلاماً
ومنَّا من تشرَّدَ في العراءِ


وتشرينُ الفداءِ سقى كُروماً
وأينعَ غرسُهُ يومَ الفداءِ


ولقَّنَ من عدا درساً فهلَّاً
وعى " رابينُ " ملحمةَ الإباءِ


فكيفَ يجيءُ حفلُ السلمِ يدعو؟
لمائدةِ النِّفاقِ بلا حياءِ


إذا كانَ السلامُ لهم بقاءً
على أرضي ثكلتُكِ يا دمائي

* * *


فيا ليلاً يعُمُّ بلا هلالٍ
ويا فجراً يُطلُّ بلا ذُكاءِ


أجيبا كيفَ نعطي الذئبَ سلماً
وقدسُ اللهِ يجهشُ بالبكاءِ

ينادي الواقفينَ إلى المرايا
ألا هُبّوا لمهدِ الأنبياءِ


خليلُ اللهِ صدَّقَ ما رآهُ
ولم يعثرْ على كبشِ الفداءِ


فأغمدَ نصلَهُ ومضى حزيناً
يناجي اللهَ يُوغلُ في اختفاءِ


* * *

أنا والصمتُ يا تشرينُ نمحو
عن الجُّدرانِ مُسوَّدَ الطلاءِ


فإنْ وافيتَنا بصفاءِ فَجرٍ
فأهلاً بالضِّياءِ وبالصَّفاءِ


وأهلاً حينَ تشرِقُ في الرَّوابي
على الجولانِ في يومِ الجلاءِ