عرض مشاركة واحدة
قديم 08-24-2013, 09:14 PM
المشاركة 6
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
مرحبا الأخ الكريم عايد
وحياك الله ..
اعتذر عن الغياب ربما الطويل اخ محمد, لقد قرأت اول المشاركة 3 التي عنيتها انت والتي تليها.
كلامك والله في محله في ما حدثت به من احاديث نبوية او ايات من كتاب الله لكن
هناك عدة جوانب يجب ان نركزعليها :
أخى الحبيب لا داعى للاعتذار وأنت على الرحب والسعة وقتما شئت , وأنا أعتز برأيك فشكر الله لك ..
نأتى للنقاط التى أوردتها فى مداخلتك الكريمة ..

أبدأ المداخلة بتنويه لا شك أنك تعرفه , ألا وهى علم أصول الفقه الذى أسسه الشافعى رضي الله عنه واشتمل على الدليل وفقه الدليل وكيفية التعامل مع النصوص ,
والقواعد المائة لأصول الفقه هى التى كفلت للمسلمين عبر القرون عدم التضارب فى النصوص , والذى قد يبدو لنا واضحا نحن العامة , فجاء العلماء فبينوا قواعد الفتوى والإجتهاد لنا فاستقام الشرع وأصبح التضارب الظاهر لنا كما هو فى الحقيقة تكامل فى النصوص ..
ولهذا من غير المرغوب فيه أن نتصدى لنصوص معينة وجزء غير مكتمل من التشريع لشرح قضية وإبداء حكم معين دونما النظر إلى مجموع النصوص والأدلة ..
فالأحاديث التى أوردتها هى بلا شك نصوص تحض على الطاعة وعدم الإنجراف إلى العصيان والخروج , ولكن تنضم إليها أدلة أخرى من القرآن والسنة فى طريقة التعامل مع الظلم والكفر إذا ظهر من الحاكم ,
وكمثال لتوضيح المعالجة الخاطئة للنصوص دعنا نتأمل قولك :
اولا: هناك احاديث كثيرة لم تحرم فقط الخروج على الحاكم بالسيف, بل وردت احاديث كثيرة تحرم ان تنزع يداً من طاعة, حتى لو كان نظام مبارك او غيره نظاماً عميلاً. فهذا ينطبق عليه ما ورد عن الرسول: عن وائل بن حجر رضي الله عنه قال سأل سلمة بن سعيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا فما تأمرنا فأعرض عنه ثم سأله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم.(رواه مسلم

وهذه مشكلة كبيرة للغاية !!
من ناحيتين ,
أولهما : أنك اعتبرت النص عاما فى الطاعة رغم أنه نص مخصوص بحالة معينة ألا وهى حالة تعدى الحاكم على الحقوق الشخصية للفرد , ولكنها لا تخص أبدا ظلم المجموع أو شمول الظلم للأمة بأكملها , فلو أن هذا صحيحا لما كان هناك معنى أصلا للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والأخذ على يد الظالم ,
والأخذ على يد الظالم ليس مجرد فعل مباح بل هو فرض مفروض بنص الحديث النبوى , يهددنا فيه النبي عليه الصلاة والسلام بأنه إذا لم نأخذ على يد الظالم فسيوشك الله أن يعمنا بعذاب من عنده ثم ندعو فلا يستجاب لنا ..
ولا معنى للأخذ على يد الظالم إلا بكفه عن ظلمه أو عزله من مكانه وهو حق محفوظ للأمة ,
ولولا هذا ما قال الصحابة رضي الله عنهم لعمر ــ وهو من هو ــ لو أنك ملت برأسك هكذا لقلنا بسيوفنا هكذا
أما الحديث الوارد سابقا فهو فى باب الظلم المفرد يتكامل مع حديث آخر فيه يحض النبي عليه الصلاة والسلام على طاعة الفرد للسلطان أو الحاكم ولو جلد ظهرك أو أخذ مالك .. فهنا الحديث يتكلم عن فى الظالم الشخصي أو النسبي ولا يتكلم عن الحكام الفسقة الظلمة فى كافة أحوالهم ,
ولست أدرى كيف يمكن أن تتصور أن دين الإسلام يؤمن للظالم أن يظلم ما شاء له الظلم وتكون يد الأمة مغلولة عن المطالبة بعزله أو بكفه عن ظلمه بكافة الوسائل السلمية
وإذا عدنا لتاريخ الصحابة رضي الله عنهم لوجدنا أن عمر رضي الله عنه عزل عن الكوفة عدة ولاة من خيرة الصحابة رغم التجنى الواضح عليهم من أهل الكوفة وكان فى هؤلاء الحكام صحابي فى قيمة سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وكان عمر يخطب فى الناس فى الحج أن يسألوه عزل الولاة إذا أرادوا لأنه أهون عليه أن يعزل كل يوم واليا من أن يديم ظلما لأحد من الرعية

ثانيهما : وهى الأخطر والأهم ..
أنك استنتجت من الحديث وجوب السكوت عن الحاكم ولو كان عميلا !!!!!!
وهذا أمر غريب للغاية , فالحاكم العميل على الأمة أن تخرجه من مكانه بالخروج المسلح , وهو خروج واجب فى هذه الحالة , لأنه كفر بواح وفيه تولى للكفار على المسلمين , والله عز وجل يقول
( ومن يتولهم منكم فإنه منهم )
وقد أفتى العز بن عبد السلام فقيه الإسلام بوجوب الخروج على الصالح إسماعيل فى الشام بعد أن تعاون مع الصليبيين وسهل لهم الدخول فى أسواق دمشق لشراء السلاح الذى يقاتلون به المسلمين فخرج عليه العز بن عبد السلام وفر إلى مصر داعيا الصالح نجم الدين أيوب فى مصر لمحاربته لتوليه الصليبيين ..
فإذا لم نخرج على الحاكم العميل فمتى نخرج وعلى من نخرج إذا ؟!!

ثالثهما : وهى نقطة عقلية ..
لو أن الأمر كما تقول والإسلام يأمر بالسكوت عن الحاكم والإكتفاء بالنصح سواء استجاب الحاكم أو لم يستجب وحرمنا حتى الخروج فى المظاهرات عليه , فما هو التطبيق العملى المباشر لأحاديث النهى عن الظلم والأخذ على يد الظالم ,
بل كيف يكون هناك معنى أصلا لمفهوم ( الأخذ على يد الظالم ) إذا كان المقصود هو النصح فقط ؟!
وكيف يمكن أن نتخيل أن مصلحة العباد ــ ومصلحة العباد هى فى الفقه الإسلامى توجد حيثما يوجد شرع الله ــ تكون فى ترك الظالمين والمفسدين والكفار فى أماكنهم بزعم وجوب طاعة الحكام , ولو كان هذا المبدأ موجودا لما رأينافى الخلافة الإسلامية ذلك التاريخ المشرق العريض الذى جعلها حاضرة الدنيا وسط عالم من الركام ..

رابعهما : الحل والخلاص لا يكون فى الصبر السلبي ولا يكون بالنصح المائع أو السكوت والسكون والإكتفاء بالدعاء , فالله عز وجل لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم , وقد سكتت الأمة العربية والإسلامية على حكامها مائة عام كانوا خلالها لاهجين بالدعاء من غير تحرك فما استجيب لهم ,
واستمرت حالة الخنوع حتى وصلنا إلى الدرك الأسفل من الأمم , وأصبحت ثرواتنا منهوبة , وأسلحتنا موجهة لصدورنا وعلى أراضينا تمرح الآليات العسكرية والقواعد الغربية التى تدك بلاد المسلمين فى الشرق والغرب ونحن هنا لا حيلة لنا إلا الصبر السلبي !!
وهل يمكن لعالم من علماء المسلمين القدامى يمكن أن يتصور حالة الخزى التى وصلنا لها الآن وهم الذين أصّلوا قاعدة أصولية هامة ( إذا ديس شبر من أراضي المسلمين فالجهاد واجب على كل مسلم ومسلمة )
فكيف يكون حالهم لو أنهم عرفوا أن آليات أعدائنا إنما تخرج من أرضنا وبمباركة حكامنا وبأموال ثرواتنا ..

أما حديثك عن الآثار السلبية للثورات العربية فهى لن تكون بأشد سلبية من مائة عام قاحلة مرت على الوطن العربي وجعلته مستعمرا إلى اليوم تعربد فيه مختلف السياسات التى تتحكم فينا وقد ذهبت فى ذلك آلاف الضحايا بلا طائل , فما الضير أن نساند الثورة التى تخلصنا من حكام العمالة وتستقل بقرارنا حتى لو عشنا الفترات الإنتقالية الصعبة , وهى أمر مشهود ومعلوم فى كل ثورات الشعوب عبر التاريخ , لأن الثورة عبارة عن فورة هدم للنظم القائمة يأتى بعدها البناء طالما استمرت اليقظة ,
الثورة التى قامت فى مصر وخلصتنا من رجل أمريكا الأول بالمنطقة , هى ذاتها التى قامت فخلصتنا من حكم الإخوان بعد أن سلكوا نفس مسلك مبارك فى الركوع للبيت الأبيض , فثار الشعب المتقد بثورته الأولى ليخلع هؤلاء حتى يأتى الحاكم القادم وعينه على الشعب المصري وحده , وليس على الغرب ..
وبهذا فقط يكون حفظ أمن المجتمعات , على حد تعبيرك
إذ أى أمن للمجتمعات نتحدث عنه فى ظل حكم عميل ؟!
تقبل تقديري