عرض مشاركة واحدة
قديم 02-11-2013, 09:09 AM
المشاركة 909
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
11- عناصر الجمال والتأثير في رواية 'المجوس: لإبراهيم الكوني:

- رواية المجوس هي ملحمة الطوارق الكبرى.
- رواية 'المجوس' لإبراهيم الكوني والتي تقع في (693) صفحة روايةٌ ملحمية تؤرخ للصحراء الكبرى بقبائلها وعاداتها ودياناتها وعشقها وشِعرها ورجالها ونسائها وغنائها وحكمتهاومعاركها وتحدياتها.

- صاغها إبراهيم الكوني في إطارٍ روائيٍّ عالي المستوى وسطَّر من خلال شخصياتها المحورية تاريخ شخصية الصحراوي وتاريخ الطوارق كشعبٍ أصيل وكأمة ولغة وتاريخ وعراقة من خلال لغةٍ شعرية وصوفية أدخل فيها الكثير من مفردات حياتهم القاسية .

- يحتدم الصراع الوجودي الكبير بين الصحراويين وبيئتهم الجافة والقاسية والوحش الكبير الذي انتصب كبطلٍ رئيسيٍّ للرواية 'القِبلي' وهو الريح الرملية العاتية التي تُدمر كلَّ شيءٍ وأوله الماء والآبار التي عليها تقوم حياة الصحراء والصحراويين.

- يبرزُالقِبلي كمحرك أساسي للأحداث والتحديات والبطولات التي يحاول أهل الصحراء انجازها لوقف هذا الوحش عن ابتلاعهم وابتلاع مياههم ووجودهم ويقومون باختراع ادوات لمواجهته ووقف محاصرته لهم بأساليب مبتكرة من خلال إخفاء آبارهم وحمايتها ووضع خرائط لها واعتبار أي إهانة لهذه الآبار كفراً بشريعتهم ويعاقب عليها الله والصحراء.

- وقد قامت معاركهم على الحفاظ على هذا الكنز ومنع الأعداء من السيطرة عليه واسقطوا ذلك في أساطيرهم والعقوبات التي وقعت لمن خالفوا الناموس وأهانوا أو تهاونوا في حمايةالمياه .

- رواية واقعية: الشخصيات المحورية الأخرى في الرواية هي الشخصيات المحورية في مجتمع الطوارق الصحراويين :
الدرويش: وهو منسلالة المرابطين وله احترام كبير في المجتمع الصحراوي وشكَّل في الرواية الشخصيةالرؤيوية الطيبة والتي كانت ترى ما لا يراه الآخرون، وهو الذي يتنبأ بالأحداث وهو الذي ينبهالصحراويين إلى الدراويش الدجالين الباحثين عن الثروة واللصوص والزناديق والقتلة،وهو الذي تأتيه الأسرار وعلى لسانه كانت الرواية تقول لغتها الصوفية العميقةوالموحية.
- شخصية الدرويش: شخصية ملتبسة في الرواية فهو يقوم في مشهد من الروايةبإخصاء نفسه وبِمدية العرافة ليتخلص من الأفعى التي أخرجت أجداده من الجنة، من 'واو'، وهو من القلائل الذين نجوا من الشتات بعد دمار القبيلة على يد المجوس وأبناءآوى والجن، ونجا معه زعيم القبيلة الحكيم الذي كان منفياً بعد سيطرة شيخ الطريقةالقادرية الدجال على السلطة، ونجت المرأة التي أحبَّها الدرويش 'تفاوت' والعرافالمجوسي 'ايدكران'، ربما يشير الى العناصر التي ما زالت فاعلة في المجتمع الصحراوي .
- العرافون والعرافات: وهي شخصيات فاعلة في مجتمع الطوارق وبعضها كان يقرأ آية الكرسي من القرآن الكريم وبعض التعاويذ المجوسيةفي المواقف الصعبة وفي الوقت نفسه مما يُدلل على تزامن الإسلام مع الديانات الأخرىوعدم فرضه السيطرة الدينية المطلقة على الصحراء وشعبها.

- الزعيم: وهو زعيم القبيلة الحكيم والمحافظ على ناموسها والذي يغرف من كتاب الصحراء المقدس 'آنهي 'وهوناموس الأجداد والصحراء وحكمتهم المتوارثة والذي ضاع عبر التاريخ في إشارة أخرى الى البحث عن الهوية والشخصية الصحراوية التي ضاعت .

- السلطان والنبلاء والذهب والتجار وصراع المدن على الثروة والذهب والأسواق ومراكز التجارة والمؤامرات والقتل واغتصاب السلطة والتعاون مع الأعداء من أجل الذهب وبيع القيم والناموس والتاريخ، ويمثل ذلك بعمق مقطع ليلة الإفراج عن 'أمناي' وهو صنم وإله للزنوج الذين اشترطوا عودة إلههم لمنح تنبكتو الجديدة الذهب والتبر والقوافل.

- كل هذه شكَّلت شخصيات ومحاور للأحداث في هذه الرواية.
- اللثام والودّان والنقوش وآنهي والقِبلي والذهب والبئر والمرأة و' واو' المفقودة والغناءالأسطوري والحكمة المعكوسة في رسائل الأجداد والمبثوثة في الحجارة وأفواه الآباروالأفعوان الذي يبرز في مشاهد مُرعبة كتحدّ ٍ وجودي للصحراويين، هو الوحش الأسطوري الذي بُنيت على تحديه وقتله معظم أساطير حوض المتوسط .

- المرأة : كان لها وجود طاغ ٍ في الرواية (المرأة العاشقة، تينيري، تفاوت، والمرأة الأم، أم أوداد وأم الدرويش ومربيته،المرأة الخلاسية الشهوانية، نساء البكاي، وامرأة كبير التجار، والمرأة الشاعرة،تميما .. الخ).

- هناك جانب شخصي برز في نظرة الرواية الى المرأة باعتبارها اصل كل الشرور وأنها هي الأفعى التي أخرجت جَدَّ الصحراويين من الفردوس وبصور تدل على موقف دوني من المرأة.
- الرواية ذات لغة شعرية عالية وبعض مقاطعها ترتقي الى مستوى الملاحم الكبرى ففي بعض المقاطع ترى الصحراء بصهدها ورملها وعطشها وقسوتها وترى القِبليّ وحشاً يتحرك أمامك بكل تفاصيله.

- كذلك عالجت الرواية حياة الطوارق وهويتهم ولغتهم وأساطيرهم المؤسِّسة وقيمهم في محاولة لإعادة الروحإلى شخصيتهم التي اختفت في الظل طوال قرون طويلة.

- في هذه الرواية يُعالج إبراهيم الكوني قضايا فلسفية عميقة للحياة والتاريخ والسلطة والحكم والإنسان والأسطورة وأسرارها، واللغة وتاريخها السريّ الذي يختزن التاريخ العميق والسريّ للجماعات والشعوب، كل ذلك من خلال بناء ملحمي مثير ومشوّق وأصيل .
- ومن القضاياالفلسفية التي عالجتها الرواية بطريقة مُدهشة من خلال المصارعة والحرب التي دارتبين الزعيم المنفي من شيخ الطريقة القادرية وبين 'بوبو' أحد أتباع الطريق القادرية،وهو الصراع بين رؤيتين للسلطة والحكم أولاهما والتي مثَّلها الزعيم والتي ترى كلَّالناس سواسية أمام الله والطبيعة والتاريخ والسلطة ومن حقِّهم أن يكونوا أحراراً فيحياتهم وقراراتهم ومستقبلهم وعليهم تَحمُّل نتيجة هذه الحرية والرؤية الثانية التيمثَّلها 'بوبو' ممثل الشرع والطريقة القادرية والذي يرى الناس قطيعاً وغير مؤهلينلتلقي الحقيقة وتحمُّل مسؤولية قراراتهم كيلا يتوهوا فهم بائسون وبحاجة الى راع ٍيقود خُطاهم بشكل مباشر ويومي.

- ينتهي الصراع بانتصار الزعيم وانتحار 'بوبو' وهذا موقففلسفي يقف فيه إبراهيم الكوني مع الإنسان بما هو إنسان ضد النخبوية والكهنوتيةوالتسلط الذي وسمَ التاريخ العربي الإسلامي وفقاً للتبرير الفقهي الذي هزمتهالرواية .

- كذلك منالمقاطع العميقة في الرواية 'الرهان 'ورحلة صعود 'أوداد' الذي يُمثِّل الروحالصحراوية بجموحها وأصالتها الى قمة جبل 'ايدينان' للفوز بالأميرة تينيريوالتحديات الكبرىالتي واجهها في رحلته فكأنَّ إبراهيم الكوني يستعيد الرحلات الكبرى في التاريخالإنساني لتجاوز الجدار وتجاوز البيئة وشروطها وقهرها وقسوتها، كانت المقاطع التيتصف رحلته ومشاقـّها في قمة الحرارة والصدق والعمق، والقارىء لهذه المقاطع يعيش مع 'أوداد' تلك اللحظات العنيفة في رحلته ويلتقط أنفاسه معه لحظةًبلحظة.

- برزت في الرواية روح صوفية مولعة بالأسرار ولغة صوفيةمُنبثَّة في أنحاءِ الرواية (المحو، الحلول، الوجد، العروج نحو 'واو' الاستشهادبمقولات الصوفيين الكبار كالنفَّري وفريد الدين العطار وابن عربي ..الخ) .

- عمل روائي شائك وثري وعميق ويقع في (693) صفحة، ويمكنالقول باختصار شديد أنَّ هذا العمل عملٌ روائي فَذ ويستحق أن يُقرأ ويُسلط عليهالضوء وعلى مواضيعه ورؤاه وطروحاته وفنياته وتقنياته وبشكلٍ واسع
يتبع ،،،