عرض مشاركة واحدة
قديم 02-09-2013, 01:39 PM
المشاركة 906
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع ..........

9- عناصر الجمال في رواية "حدث أبو هريرة قال" للروائي محمود المسعديتونس:

- إنّ البحث في حياة المسعدي يحتاج إلى متسع من القول وليته أضاف إلى ما كتب شيئا من أدب السيرة الذاتية ليفيد في هذا المجال ويكشف عن صفحات مجهولة.

-المسعدي اختط لنفسه طريقة في الكتابة مخصوصة تعمّدت تقويض الحدود القائمة بين الأجناس والجمع بين أزمنة لغويّة كثيرة تنحدر من عصور أدبية شتى .

- لا شكّ في أنّ هذه الكتابة تحمل في طياتهاملامح اللحظة التاريخية التي صدرت عنها، وتومئ إلى أهم ّالأسئلة الكيانية التيأرّقت الكاتب لكنها استبطنت ،في الوقت ذاته ،إنجازات التراث العربي الجماليةوتشرّبت أسئلته الوجوديّة.

- لدى المسعدي قناعة ما فتئ يدافع عنها ويعدّد الحجج لتوكيدها، وهي أن للأدب «جوهراً» ثابتاً لا يتغيرمهما تعددت أشكاله وتباينت مدارسه ...وهذا الجوهر هو الإفصاح عن «مأساة الإنسان» ومحنته أمام «الموت ، أمام الحياة ،أمام الغيب، أمام الآلهة ،أمام نفسه...».

- لهذا اختار أن يعقد علاقة صداقة مع كبار الأدباء والشعراء في كل العصور...بل حوّل الكتابة إلى ضرب من الحوار معهم ، يُصغي إليهم ،ي جادلهم ،يسترفدهم....فهُمْ حوله،قريبون منه،يلهمونه،يذكّرونه باستمرار بمحنة الإنسان في حفل الوجود...

- لكنّ هذا الحوار لا يتجلىّ في طبيعة الأسئلةالتي نهض عليها أدب المسعدي فحسب وإنما يتجلى أيضاً في لغته وأساليبه وطرائق أدائه.

- الكتابة ،لدى المسعدي ،احتفال كبير باللغة،بإمكاناتها التخييلية ،وطاقاتهاالاستعارية...واللغة في مختلف أعماله الأدبية ليست دلالات فحسب وإنما هي أجراس وإيقاعات وأصوات..

- المسعدي لا يفصح عن تجربته بمعاني الكلمات فحسب وإنما بموسيقاها، بظلالها الإيقاعية .

- أعماله وريثة مقابسات التوحيدي وقصائد أبي نواس وطواسينالحلاج وروايات دستيوفسكي وخواطر نيتشة..

- اللغة فيها منبثقة من الأماكن الأكثر عمقاًفي الكائن ... الأكثر ظلمة...الأكثر غموضاً...فهي ليست مجرد أداة للتعبير وإنما هي حضور وحياة وكينونة، تشدّ الانتباه إليها قبل أن تشدّه إلى شيء آخر خارجعنها.

- تتجلىّ هذه الخصائص أقوى ما تتجلىّ في عمليه اللافتين «حدّث أبو هريرة قال» و «السد» ...أمّا عمله الأول فيصوّر مغامرة البطل» أبي هريرة» يخوض جملة من التجارب هي أقرب ما تكون إلى عدد من المقامات الصوفية يُرتقى معارجها تباعاً إلى أن يبلغ أقصاها وهو مقام الاتحاد والحلول..

- اختار المسعدي الجزيرة العربية فضاء تتحرك فيه شخصياته، هذه الجزيرة حاضرة في عمله بصحرائها ومدنها ونمط حياتها. لكنّ هذا الفضاء لا يحيل،على رغم ذلك ، على المكان الواقعيّ بقدر ما يحيل على مكان متخيّل،استمد ّالشاعر عناصره من قصائد الشعراء الجاهليين ومن كتب الأخبار والسير...

- لايختلف الزمان في غموضه عن المكان...فهو أقرب ما يكون إلى الزمان الأسطوري الذي لايحدّ طرفاه...زمان هو، في الواقع، جماع كل الأزمنة...

- أمّا الأحداث فهي ذات طبيعة رمزيّة...فهذاالعمل يصوّر أبا هريرة وهو ينتقل من حال إلى حال ومن تجربة إلى اخرى.(التجربةالحسية ، التجربة الروحية ،التجربة الجماعية...) لكي يختتم مسيرته الوجودية بالصعودعلى ظهر جبل والذوبان في المطلق...

- هذا النصّ لم يعقد مع المتقبل ميثاقاً سردياً مخصوصاً ، لهذا اختلف النقاد في تحديد طبيعته الأجناسية. فبعضهم عدّه بالأدب القصصي أوثق صلة وإن متح من السرد القديم الكثير من خصائصه، بينما عدّه البعض الآخر أقرب إلى الجنس الروائي وإن جاء في شكل جديد،أما الناقد محمد القاضي فقد ذهب إلى أنّ المسعدي قد اختار أن ينسج على منوال جنس أدبيّ قديم هو الخبر . والخبر وحدة سردية مستقلة. فهذه الأخبار أو الأحاديث التي يضمها كتاب «حدّث ابو هريرة قال...»هي ،فينظر الناقد ،أشبه ما تكون بما نجده في كتاب «الأغاني» حيث يكون أهم ّعناصر التوحيدبين الأخبار اتصالها بشخصيّة واحدة،وإن كنّا نلمح ،بصفة عامة، أنّ الأصفهاني يعمد،في الكثير من الأحيان إلى مراعاة التطوّر الزمني ما أمكن...