عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
5

المشاهدات
1973
 
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي


محمد جاد الزغبي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,179

+التقييم
0.18

تاريخ التسجيل
Jan 2006

الاقامة

رقم العضوية
780
07-24-2019, 02:16 AM
المشاركة 1
07-24-2019, 02:16 AM
المشاركة 1
افتراضي إذا وقفت لقول الحق , فلا تضيع وقتك بمناجزة الباطل
[justify]
إذا وقفت لقول الحق , فلا تضيع وقتك بمناجزة الباطل

الجدل وعلم الكلام من أسوأ العلوم التى ابتكرها الإنسان وصارت لصيقة به , والجدل ــ ليس كما يظن الناس ــ مجرد صفة أو مهارة بل هو علم كامل ومتفرع وكتب الناس فيه قديما وحديثا مراجع كثيرة هى أسوأ أثرا من كتب السحر نفسه ! , ذلك بأن الجدل فى الأصل موهبة فإذا صقله صاحب الموهبة بالدراسة وتعلم فنونه صار شيطانا حقيقيا يمكنه اللعب بعقول من حوله كيفما شاء , لأجل ذلك حرمت الشريعة علينا الجدل تحريما جازما , بل إن مجرد النظر فى كتبه ومحاولة اكتسابه تحت زعم الوقوف لجانب الحق أودى بعلماء كثر ,

والإستثناء الوحيد المباح فيه هو الدخول بالمجادلة والمناظرة لإظهار الحق .. ولكن مع ضابط مهم , وهو فى حال إنتشار الباطل فقط , فإن لم يكن الباطل منتشرا حرم الدخول فيه ,
وقد أعطى الله لأنبيائه ورسله دروسا فى القرآن الكريم تضع لهم الأسس والقواعد , وبالتالى يجب علينا إتباعها , ومن أشهر المغالطات المنطقية التى يهاجم بها المجادلون شخصنة الموضوعات والبحث عن إتهامات لصاحب كلمة الحق بغرض إسقاط شخصيته أمام الناس وبالتالى إسقاط حجته وقوله , وهناك الكثيرون ممن يقعون بحسن نية تحت هذا الضغط فيتورطون فى الدفاع عن أنفسهم وإهمال الموضوع الأصلي .. وبالتالى ينتصر صاحب الباطل بسهولة ..
لذلك فعلينا أن نتأمل درس المناظرة التى جرت بين فرعون وبين موسي عليه السلام , ونقلها لها القرآن الكريم , فما إن جاء موسي لمحاججة فرعون وإبلاغه رسالة ربه حتى جادله فرعون وعايره بسابق تربيته له فى قصره فقال له :
[قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ] {الشعراء:18}
أى أنه ترك ما جاءه به ولجأ لمعايرته بهدف المن عليه أمام الناس وإسقاط هيبته , ثم زاد فرعون قائلا
[وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الكَافِرِينَ] {الشعراء:19}

أى لجأ لمعايرته بسابق جريمة القتل التى بسببها فر موسي عليه السلام
وهو أسلوب لجأ إليه فرعون ولا زال ساريا لليوم , فعندما يأتى أى شخص أيا كان ــ بالذات إن كان شخصية عامة ــ وينطق بكلمة الحق فى موقف ما ــ بشرط أن يكون القائل متجردا فى قول الحق غير هادف لمصلحة ــــ ولا يعجب هذا الموقف بعض الناس , فعلى الفور يبدأ المجادل بتجاهل صدق ما قاله الرجل ويلجأ لتشتيت ذهنه بأى موقف سابق أو حتى إختلاق موقف من العدم لمعايرته ومحاولة التغطية على الموقف الأصلي .. وهنا لابد على من يواجه مثل هذا الأمر أن يتبع سنة موسي عليه السلام , فيبدأ بالإعتراف بالخطأ الذى يعايرونه به ــ إن كان قد حدث فعلا ــ لأن اعترافه سينهى الجدل ويعلن توبته منه ثم يعود بالنقاش بعدها مباشرة إلى الموضوع الأصلي ..
وهذا ما قاله موسي عليه السلام لفرعون ..
[قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّين فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ المُرْسَلِينَ]
ورغم محاولة فرعون المستميته بعدها لإخراج الحوار عن سياقه إلا أن موسي عليه السلام تجاهله وقام بمخاطبة الجمع الحاضر بصلب الموضوع الذى يتحدث فيه , كما ينبغي أن نلاحظ ملحوظة هامة , إذ أن موسي عليه السلام اكتفي بالرد على الإتهام الصحيح الذى وجهه له فرعون وهو تهمة القتل لكنه تجاهل تماما الرد على الافتراءات التى لجأ إليها فرعون بعد ذلك فعندما اتهمه بأنه مجنون وأنه يريد أن يخرج الناس من أرضهم , ركز موسي عليه السلام فى محتوى الرسالة حتى أجبر فرعون على أن يسلك نفس المسار الذى انتهى بعد ذلك بإعلان التحدى بينه وبين فرعون والذى انتهى بانتصار موسي عليه السلام[/justify]