الموضوع: ضياع صبيّة
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-08-2011, 06:23 PM
المشاركة 2
ماجد جابر
مشرف منابر علوم اللغة العربية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
نبذة حول الشاعر: وليم بليك / William Blake

[COLOR="Black"][B]وليم بليك (William Blake) (1757-1827) شاعرٌ إنكليزيٌ، وُلدَ في لندن وعاشَ فيها طيلةَ حياتهِ، باستثناء السَّنوات الثَّلاثِ الَّتي قضاها في (فلفام) (Felpham) يحضِّرُ الرُّسوم التَّوضيحيَّة لأحد إصدارات (كاوبر) (Cowper) يمتازُ بليك بحساسيَّتهِ العالية وتجاوبه الدَّقيق مع عناصر الطَّبيعة الإنسانيَّة ومع معطيات عصره. وعلى الرَّغم من تأثيره العظيم على الرُّومانسيَّةِ الإنكليزيَّة فقد واجهَ تحدِّياتٍ كبيرةً من تلك المدرسة أو الحركة أو من معاصري تلك الفترة.

حياتُهُ المبكرةُ
كان والدُهُ تاجرَ جواربٍ ناجحاً. وهو الذي شجَّعهُ على تطوير موهبته في التَّذوُّقِ الفنِّيِّ منذ نعومة أظفاره، إذ أرسله إلى مدرسةٍ للرَّسمِ. وفي الرَّابعة عشرة أخذ يتدرَّبُ على يد الحفَّار (جيمس باسير) (James Bassire) وبقي معهُ حتَّى عام 1778. ثمَّ التحق بالأكاديميَّة الملكيَّة وبقي فيها حفاراً على الرَّغم من تمرُّده على جوِّها الخانقْ. وفي عام 1782 تزوَّجَ من (كاترين بوشر) (Catherine Boucher) الَّتي علَّمها القراءة والكتابة والرَّسم إلى أن أصبحت ملازمةً له تساعده في جميع أعماله تقريباً.

كانت (اسكتشاتٌ شعريَّة- 1783) (Poetical Sketches) باكورةَ أعماله، وهي الوحيدة الَّتي نشرها بشكلٍ تقليديٍّ طيلة حياته. فأعماله الرَّئيسةُ قام بحفرها ونشرها بنفسه. أمَّا بقيَّةُ أعمالهِ فقد ظلَّت مخطوطةً إلى أن ابتكر طريقةً لحفرِ النُّصوص والرُّسومات التَّوضيحيَّةِ على نفس الرُّقعة. ولم تلاقِ أعماله الفنِّيَّةُ ولا الشِّعريَّة رواجاً تجاريّاً ولا اهتماماً نقديَّاً إلاَّ بعد سنواتٍ طويلةٍ من وفاتهِ.

أعماله في الفنون البصرية
معظمُ أعماله الحفريَّة ورسوماته التَّوضيحيَّة لأعماله وأعمال ميلتون (Milton) ول (سفر أيُّوب) (The Book of Job) تشيرُ إلى أنَّ هناك جهداً كبيراً مبذولاً فيها.

فهي من جهةٍ واقعيَّةٌ في تمثيلِها للتَّشريحِ الإنسانيِّ وللأشكالِ الطَّبيعيَّةِ الأخرى، ومن جهةٍ أخرى تضجُّ بالخيال المتألِّقِ، وغالباً ما تصوِّرُ مخلوقاتٍ خياليَّةً بتفاصيلها الدَّقيقة ممَّا أدَّى إلى صرف النَّظر عنه لمدَّةٍ طويلةٍ، واعتبارهِ شاذّاً أو أسوأ من ذلك.

ولكنَّ أتباعَهُ أخذوا يزدادون تدريجيَّاً حتَّى أصبح اليوم يلقى تقديراً كبيراً على نحوٍ واسعٍ باعتباره فناناً بصرياً وشاعراً.

أشعارُه النَّاضجة
إذا نظرنا إلى أشعاره فنجده في (أغنيات البراءة – 1789) (Songs of Innocence) و (أغنياتِ التجربة- 1794) (Songs of Experience) ينظرُ بعيني طفلٍ ليرى الأشياءَ ببساطةٍ مباشرةٍ مجرَّدةٍ من العاطفة. ففي المجموعة الأولى (أغنياتِ البراءة) الَّتي تحوي قصائدَ مثل: (الحمل) (The Lamb) و (سعادة الطِّفل) (Infant Joy) و (أغنية الضَّحك) (Laughing Song) يبدو أنَّهُ مأخوذٌ بجماليَّة الحياة وبألمها. وفي المجموعة الثَّانية (أغنيات التَّجربة) الَّتي تحتوي على قصائدَ مثل: (النّمر) (The Tyger) و (حزن الطِّفل) (Infant Sorrow) و (الوردة العليلة) (The Sick Rose) و (لندن) (London) نتلمَّسُ نضوجاً ووعياً عالياً تجاه القسوةِ والظُّلمِ الاجتماعي في العالم؛ إذ يعتبرُ أنَّ البشرَ هم المسؤولون عن ذلك الظُّلم وليسَ القدر. وتزخرُ هذه الأغنياتُ الَّتي تصوِّرُ الحياةَ في سنِّ المراهقة بالمعاني والدَّلالات.

وتجمعُ كُتُبُ (بليك) النَّبويَّةُ (Prophetic Books) بين الشِّعرِ والرُّؤيةِ والنَّبوءة والموعظة. وهذه المجموعةُ تتضمَّنُ: (كتاب ثِل- 1789) (The Book of Thel) و (زواج الجنَّة والجحيم – 1970) (The Marriage of Heaven and Hell) و (الثَّورة الفرنسيَّة- 1791) (The French Revolution) و (أمريكا- 1793) (America) و (أوربَّا)-1794) (Europe) و (كتاب أوريزون- 1794) (The Book of Urizon) و (كتاب لوس- 1795) (The Book of Los) و (ميلتون- 1804-1808) (Milton) و (القدس- 1804-1820) (Jerusalim). ولا تقلُّ جميع هذه الأعمال رؤيةً شموليَّةً للحياة البشريَّةِ عن الحياة البشريَّة ذاتها؛ ففيها نجدُ الطَّاقة والخيال يتصارعان مع الاضطهاد بشكليه الفيزيائي والذِّهني. ونرى (بليك) فيها يحبِّذُ الحبَّ والحريَّة الخالصة، ويمقتُ فلسفة القهر وسيطرة العقلانيَّة- أي أنَّ العقل غير مُسعفٍ بالوحيِ الإلهيَّ هو الهادي الأوحد إلى الحقيقة الدِّينيَّة وهو في ذاته مصدر للمعرفة أسمى من الحواس ومستقلٌّ عنها- (المترجم). لأن هذه السيطرة تساعدُ في تبرير الظُّلم الاقتصاديِّ والسِّياسيِّ الَّذي يمارس على الثَّورة الصناعيَّة.

وقد تشكَّلت الكتب النَّبويَّةُ في العالم الواقعيِّ على نمط انفعالات (بليك) وغضبه، لكنَّها أحياناً تبدو غامضةً بعضَ الشَّيءِ لكونها تمتثل للأسطورة الَّتي يبتكرها الشَّاعر، والَّتي يستقيها من (سويدنبورغ) (Swedenborg) و (يعقوب بوهم) (Jacob Boehme) ومن مصادر صوفيَّةٍ أخرى. وعلى الرَّغم من ذلك، ورغم أنَّه منذ طفولته صوفيٌّ يعتقد أنَّه من الطَّبيعيِّ جدَّاً أن يرى الملائكة وأنبياء العهد القديم ويتحدَّث إليها، فإنَّهُ لم يتخلَّ بأيِّ شكلٍ من الأشكال عن التَّفاصيلِ الواقعيَّة أو يُضحِّ بها لصالح الحياة الصوفيَّة للرُّوح. بل على العكس، فالواقعيَّة الَّتي ترتكزُ عليها حياةُ الكائن البشريِّ كانت لا تنفصل عند (بليك) عن الخيال. والرُّوحانيَّةُ الَّتي هي الله ذاتهُ كانت خيرَ تعبيرٍ عن هذا الكائن.
منقول