نظرية المعرفة نظرية المعرفة حاضرة منذ القدم عند الحكماء والفلاسفة كما رأينا في المقالات السابقة ، فالمعرفة واحدة من الدعائم الثلاثة للنسق الفلسفي و يعتبرها الكثيرون أهم محور في الفلسفة إذ يمكن تناول المحاور الأخرى من خلالها ، لكن في الوقت ذاته يرى البعض أن الانطلاقة الحقيقية لنظرية المعرفة بدأت مع جون لوك في كتابه "مقالة في الفهم الإنساني" ، بينما يعتبر آخرون أن البداية الحقيقية لنظرية المعرفة كانت مع كانط في " نقد العقل المحض " . الإبيستمولوجيا كمفهوم بزغ لأول مرة عند الفيلسوف الأسكتلاندي جيمس فريديريك فيرير في القرن التاسع عشر في كتابه "مبادئ الميتافيزيقا " حيث قسم الفلسفة إلى مبحثين أساسيين وهما الإبيستمولوجيا" المعرفة " والأنطلوجيا "الوجود" . لكن الإبيستمولوجيا اليوم تعرّف بأنها الدراسة النقدية للعلوم ، حيث يوازي للاند بينها وبين فلسفة العلوم ، و هي مختلفة عن علم المناهج "الميثودولوجيا "، وتتناول في مباحثها سيرورة العلم إن كانت متصلة أو منفصلة " القطيعة الإبيستمولوجية " ، كما تتناول تصنيفات العلوم و تهتم أيضا بدراسة العلم وفق موضع محدد تاريخيا " البراديغم " و يعتبر منطق العلم أحد العلوم القريبة جدا من الإبيستيمولوجيا لكونه يدرس لغة العلم و يحللها منطقيا . تختلف الإبيستمولوجيا الحديثة عن نظرية المعرفة التي تختص في دراسة تكوّن المعرفة عموما " علمية أو غير علمية " من حيث طبيعتها و حدودها و قيمتها و علاقتها بالواقع ، و النتائج التي توصلت إليها الاتجاهات المادية والمثالية ، و المخبرية والعقلانية ، بينما تتناول الإبيستمولوجيا المعرفة العلمية فقط . نظرية المعرفة في قراءاتها تنحو إلى الإطلاقية والتعميم و إصدار الأحكام ، بينما تتناول الإبيستمولوجيا العلوم بالنقد مبتعدة عن التعميم والإطلاقية .