عرض مشاركة واحدة
قديم 02-25-2011, 12:19 AM
المشاركة 10
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي





ونتوقف قليلاً عند الشاعر المناضل سيرجيو سولمي، الذي قطع دراسته أثناء الحرب العالمية الأولى، والتحق بالجيش برتبة ضابط، ثم عاد إلى تورينو بعد الحرب وأسس فيها مجلة أدبية دعاها (الزمن الأول).


كما شارك في المقاومة السرية ضد الفاشية والنازية، واتخذ اسماً أدبياً مستعاراً واعتقل مرتين، فهرب في المرة الأولى من زنزانته، وفي المرة الثانية خرج من السجن وأعيدت إليه حريته.

يقول في قصيدة- وطني:


ما أبرعكَ في إقناعي

كنت مخدراً من سنين، واليوم

يشعل النفسَ عطرُ أعشابك المحروقةِ القوي

ويجرحني بلقاءٍ جديد

وأعود فأستسلم إلى لعبِ غيومك

وصورتي الحائرةُ تعكسها بلطفٍ

مرآةُ سمائك

وعلى مشهدِ الطبيعةِ الصافي

أراني في صفٍ واحدٍ مع أشجارك


وينتهي بنا المطاف عند الشاعر نينو موتشيولي، الشاعر والنائب في البرلمان الصقلي الذي تخصص في التاريخ والفلسفة، ثم عمل بعد تخرجه في حقول الصحافة والنشر والتعليم. يتميز شعره بنكهته الصقلية الخاصة، فهو شاعر الأرض الصقلية بلا منازع، وشاعر الفلاح الصقلي المكافح العنيد، والصابرعلى الخشونة والقسوة.

يقول في قصيدته - أنت لا تعرف صقلية:


أنت لا تعرف صقلية

وأيدي الرجالِ الملأى بالحقدِ

كأشجارِ الزيتونِ العربيةِ المتقوسةِ

بفعلِ العاصفةِ

أنت لا تعرف هذه الجزيرةَ

وعناءَ العيش، وتكاتفَ الخبزِ والألمِ

والبغضَ- الحبَ لمن يعيشون

مع سخريةِ الماعزِ



لقد أوحت طبيعة صقلية الجبلية، وحياة الفلاحين القاسية الصعبة، كثيراً من الصور العابسة المتجهمة لهذا الشاعر، فالأرض القاسية ذات البثور كراحات أيدي الفلاحين، والفلاحون أشبه بالصبّار كلهم أشواك من الخارج، أما قلوبهم فكأنما هبطت من نجوم بعيدة إلى دنيانا، وهم يعتقدون بأن القلب ما يزال يخفق بالحب، وأن الكرامة والشرف ما يزال لهما قيمة، ألا يمكن القول بأن طباعهم متأثرة إلى حد بعيد بطباع العرب وأخلاقهم وعاداتهم، الذين عاشوا معهم قروناً عدة في أثناء الحكم العربي؟

فلنسمعه يقول في قصيدته - الفلاحون:


أنا أعرف صمتَ الفلاحين

العاكفينَ على التعبِ

وهم يموّجون الحبوبَ من الفجرِ حتى الغروبِ

أنا أعرف الأرضَ القاسيةَ

الأرضَ ذاتَ البثورِ

مثلَ راحاتِ أيديهم

أتدري: أنهم أشبهُ بالصبّارِ

كلهم أشواكٌ من الخارج

فإذا بلغت إلى قلوبهم

بَدَوا وكأنما هبطوا من نجومٍ بعيدةٍ

إلى دنيانا

وهم لا يزالون يعتقدون بأن القلبَ

ما يزال يخفق بالحب

ويظنون أن الكرامةَ والشرفَ

ما تزال لهما قيمةٌ.



لا مجال للحديث عن كل شاعر من الشعراء الخمسة والعشرين الذين اختارهم الدكتور الناعوري، وعرّف بهم أحسن تعريف في هذه الدراسة القصيرة، ولذلك لا بد من مطالعة الكتاب الذي جاء ليخدم قضية التبادل الثقافي والفكري في العالم، ولعله من أفضل الروابط بين البلاد العربية وإيطاليا.... فالتفاهم الفكري بين الشعوب كان ولم يزل يسبق التفاهم السياسي، كما هو معروف.



منشورة في الشعر الإيطالي






هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)