عرض مشاركة واحدة
قديم 12-23-2017, 10:50 PM
المشاركة 2
صبا حبوش
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
1- مفهوم الشعر:


احتلّ الشعر مكانة كبيرة في الدّراسات النقديّة القديمة والحديثة ، ونجد أنّ النقّاد والأدباء القدامى كان لهم نظراتهم الخاصّة والمختلفة للوقوف عند مفهوم الشعر وماهيته. فتعدّدت المفاهيم و تنوّع مضمونها .

ويرى ابن طباطبا العلوي أنّ الشّعر " كلام منظوم....ونظمه معلوم محدود ، فمن صحّ طبعه وذوقه لم يحتج إلى الاستعانة على نظم الشعر بالعروض التي هي ميزاته".(1)

فالنّظم صفة أساسيّة وجوهريّة في صياغة الشعر ،و يشير بذلك إلى العروض، فهو معلوم ومحدود . و نجده يربط النّظم بالذّوق والطبع ، فالشعر في رأيه يأتي عن ذائقة متأصلّة في الإنسان ، وهذا ما يجعله يدمج بين الذّوق والطبع إلى حدّ عدّهما وجهين لشيء واحد ، فالذّوق لا يُكتسب اكتساباً.
وفي "البيان والتبيين" يحدّد الجاحظ مقياس الشعر الجيد فيرى " أجود الشّعر ما رأيته متلاحم الأجزاء ، سهل المخارج ، فتعلم بذلك أنّه أفرغ إفراغاً جيداً ، وسبك سبكاً واحداً ، فهو يجري على اللسان كما يجري الدِهان"(2) ، فالنّص الشعري الحقيقي هو نصّ متماسك عضوياً ، تتحقّق فيه الوحدة الموضوعيّة للأبيات.
و يأخذ الشعر عند قدّامة بن جعفر منحىّ لا يبتعد كثيراً عن سابقيه ، فبرأيه إنّ أول ما تحتاج إليه في العبارة عن هذا الفن ، معرفة حدّ الشعر الحائز له عمّا ليس بشعر ، وليس يوجد في العبارة عن ذلك أبلغ ولا أوجز من تمام الدّلالة من أن يُقال : إنّه قول موزون مقفّى يدلّ على معنى "(3) ، وقد استقرّ هذا التعريف في معظم الدّراسات التي تناولت الشعر فيما بعد.
فالشّعر لفظ فصيح ، له وزن عروضي سهل ، بالإضافة إلى التقفية ؛ وقصد بها الترصيع ، ومنه توافر البيت الشعري على السجع ، ومثّل لذلك بقول امرئ القيس:
مكرٍّ مفرّ ٍمقبلٍ مدبرٍ معاً كجلمود صخر حطّه السّيل من عل
ِ
ويمكن الملاحظة أنّ جميع هذه الآراء أخذت بالشكل القوامي للشعر ، من حيث الوزن والتقفية. إلاّ أنّ حازم يحاول إيجاد تعريف أشمل لمفهوم الشعر معتمداً على التقاليد التي وضعها الفارابي وابن سينا ، ولا يبتعد كثيراً عن قدّامة في الوقوف على مفهوم الشعر ، فالّشعر لديه "كلام موزون مقفّى ، من شأنه أن يحبب إلى النّفس ما قصد تحبيبه إليها ، ويكره إليها ما قصد تكريهه لتحمل بذلك على طلبه أو الهرب منه ، بما يتضمن من حسّ تخييل له ، ومحاكاة مستقلّة بنفسها ، أو متصوّرة بحسن هيأة تأليف الكلام ، أو قوة صدقه أو قوة شهرته ، أو بمجموع ذلك ، وكلّ ذلك يتأكّد بما يقترن به من إغراب ، فإنّ الاستغراب والتعجب حركة للنفس إذا اقترنت بحركتها الخياليّة قوى انفعالها وتأثيرها"(4) .


ونستطيع الجزم بدقّة تعريف حازم بربطه العنصر الشكلي في الشّعر من ناحية وزنه وقافيته ، مع العنصر الإبداعي الذي يقرن الشعر بالتعجّب والاستغراب ، ويباعد بينه وبين التقليد الساذج ، بالإضافة لعنصر التأثير في المتلقّي من زاوية التخييل وأبعادها النسبيّة.(1)

وهو بدوره يؤكّد ارتباط الشعر بخاصيّة التخيّل المندمجة اعتباطيّاً بالبنية الإيقاعيّة للنص الشعري ، "فالشّعر كلام موزون مخيّل ، مختصّ في لسان العرب بزيادة التفقيّة"(2) .
ونستطيع القول إنّ الآراء المختلفة للنقّاد والأدباء تجمع على اعتبار الشعر : كلّ قول مألوف، موزون ، له قافيّة موحّدة ، وتحكمه الوحدة الموضوعيّة ، والفعاليّة التخيّليّة .

https://sebaahaboush.blogspot.com/
باحثة عن الرّوح..