عرض مشاركة واحدة
قديم 07-07-2011, 07:58 PM
المشاركة 23
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
محاولة لفكفكة الغموض في القصة هنا وسبر أغوارها والإشارة إلى عناصر الجمال والتأثير فيها ومعرفة المغزى :


في الواقع هذه القصة لا تختلف كثير عن قصص مبارك الحمود من حيث كونها قصة عميقة تمتلئ بالعناصر الجمالية التي تجعل النص مدهشا وجذابا ومشوقا وعميقا. وهي تعالج قضية نفسية أيضا كباقي قصص مبارك الحمود التي قرأتها .


بداية من العنوان ( عاطل ) ورغم انه يشتمل على كلمة واحدة لكنها كلمة تقول الكثير وحتما تثير في نفس المتلقي الكثير من الأسئلة : فما قصة هذا الـ عاطل؟ ولماذا هو عاطل؟ ثم ماذا إن كان عاطل؟ وهكذا؟


ويلاحظ من البداية أن حروف كلمة عاطل مقلوبة قد استخدمت للفصل بين الفقرات، ويلاحظ أيضا ان الكاتب قد كرر حرف الألف 3 مرات بينما كرر حرفي الـ اللام مرتين بينما استخدم حرف العين و الطاء مرة واحدة فجاءت الحروف كما يلي ( ل ل ط أ أ أع )، وهي عكس كلمة عاطل مع مد الألف واللام وتكررهما؟!.


ننتقل الآن للحديث عن الفقرة الأولى والتي جاءت على الشكل التالي واستبقت بحرف ( ل ) وهو الحرف الأخير من كلمة العنوان:




مشيت قليلا على الطريق, وأنا أشعر بتلك النوافذ الصفراء التي تراقبني, وبوجوه المحلات المعتمة التي للتو استيقظ أصحابها.. سألت نفسي: هل هناك بمؤخرة رأسي شعرات بيضاء.. وأكملت طريقي".


لقد استخدم القاص مبارك الحمود ضمير المتكلم وهو ما يعطي النص حميمية. وهو من أول كلمة يستخدم كلمة ( مشيت ) وهي تدل على الحركة، والحركة كما هو معروف تجعل النص حيويا.
ثم نجده يستخدم كلمة ( اشعر ) وهو تكتيك يريد به إقحام المتلقي بالنص أكثر من خلال استثارة حواسه ومشاعره. ونجده يصف النوافذ باللون (الأصفر ) ولا شك أن لاستخدام الألوان سحر خاص يجعل النص اقرب إلى اللوحة الفنية.


ونجده يشخصن النوافذ وكأنها عيون تراقبه، كما انه يشخصن واجهات المحلات وكأنها وجوه تراقب أيضا. تلك المحلات التي يصفها بالعتمة ليوحي بالظلمة ويهيئ المتلقي إلى جو النص الذي أراده كئيبا حتما بما انه استخدم اللون الأصفر في وصف النوافذ والمحلات بالعتمة.


تلك المحلات التي استيقظ أصحابها للتو مما يشير إلى الليل والعتمة أيضا، وهو ما يضفي مزيد من اللون القاتم على اللوحة التي أراد الكاتب أن يرسمها لنا، فيضعنا في جو النص الذي يبدو انه أراده جو من الكآبة المظلمة الممزوجة باللون الأصفر الذي هو لون الموت والكآبة. وفي كلمة المراقبة ووجوه استخدام للحواس ( حاسة النظر ) وهو أمر له وقع خاص على المتلقي حيث يجد أن حواسه قد استفزت بدورها.


ثم ينتقل بنا الكاتب لنجده يسأل نفسه سؤال ( هل هناك بمؤخرة رأسي شعرات بيضاء؟ ) وهو سؤال لا يبدو أن له علاقة بالسياق وفيه غموض وربما رمزية مقصوده؟ فما مغزى هذا السؤال؟ ثم لماذا يكون في رأسه شعرات بيضاء؟ ثم لماذا بيضاء؟ وهل استخدامه للون الأبيض هنا محاولة واعية منه لإضافة مزيد من اللون؟ واستخدام وحشد النقائض والتي يكون لها قوة جذب مهولة لذهن المتلقي؟ اليس الأبيض هو نقيض العتمة والليل؟ ثم ماذا قصد القاص بذكر مؤخرة الرأس تحديدا؟ لماذا لم يشر إلى رأسه ككل أو مقدمة رأسه؟
بعد ذلك نجده يخبرنا بأنه أكمل طريقه... وفي ذلك مزيد من الحركة التي تجعل المتلقي ينشد للنص اكثر فأكثر وقد تولد في ذهنه عدد كبير من الأسئلة التي يريد أن يستكمل القراءة لعله يجد لها تفسير واجابات في ظل مشهد رسم بريشة فنان استخدم فيها عدة الوان فكانت في غاية التعبير والتأثير والجذب لما سيلي من النص.

يتبع،،