عرض مشاركة واحدة
قديم 09-13-2010, 06:45 PM
المشاركة 2
عبدالسلام حمزة
كاتب وأديب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


المسألة الأولى

أ - مفهوم العلماء وسماتهم :

فالعلماء المقصود بهم : العالمون بشرع الله ، والمتفقهون في الدين ، والعاملون بعلمهم على هدى وبصيرة ، على سنة رسول الله

- صلى الله عليه وسلم - ، وسلف الأمة ، الداعون إلى الله بالحكمة التي وهبهم الله إياها : ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا والحكمة : العلم والفقه .

فعلى هذا ؛ فالعلماء بهذا التعريف : هم الدعاة بداهة ، والعلماء هم ورثة الأنبياء ، والأنبياء هم الدعاة ، فأجدر من يتصدر الدعوة بعد الأنبياء -

وقد انقضت النبوة وانتهت : هم العلماء وذلك :

أولا : لأنهم ورثتهم . والأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا ، إنما ورثوا هذا العلم . والدعوة إنما تكون بالعلم ، فأهل العلم هم الدعاة .

ثانيا : العلماء هم حجة الله في أرضه على الخلق ، والحجة لا تقوم إلا على لسان داعية بفقهه وبعلمه وبقدوته ، فعلى هذا ، فالعلماء هم أجدر الناس بالدعوة .

ثالثا : العلماء هم أهل الحل والعقد في الأمة ، وهم أولوا الأمر الذين تجب طاعتهم ، كما قال غير واحد من السلف في تفسير قوله تعالى :

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ۖ (59) ) النساء

قال مجاهد : هم أولوا العلم والفقه . وإذا كانوا هم أولوا الأمر فولايتهم للدعوة من باب أولى .

رابعا : العلماء هم المؤتمنون على مصالح الأمة العظمى ، على دينها ، وعلى دنياها وأمنها ؛ ومن باب أولى أن يكونوا هم المؤتمنون على الدعوة وشؤونها .

خامسا : العلماء هم أهل الشورى الذين ترجع إليهم الأمة في جميع شؤونها ومصالحها . وإذا كانوا يستشارون في جميع مصالح الأمة - في دينها ودنياها -

فمن باب أولى أن يكونوا هم أهل الشورى في الدعوة وقيادتها .

سادسا : العلماء هم أئمة الدين ، والإمامة في الدين فضل عظيم ، وشرف ومنزلة رفيعة ، كما قال تعالى :

( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24) ) السجدة , والإمامة في الدين تقتضي بالضرورة الإمامة في الدعوة . وما الدين إلا بالدعوة ، وما الدعوة إلا بالدين . .

سابعا : العلماء هم أهل الذكر ، والذكر بالعلم والدعوة ، كما قال تعالى : ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (7)) الأنبياء . فعلى هذا هم أهل الدعوة إلى الله تعالى .

ثامنا : العلماء أفضل الناس كما قال تعالى : ( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ (11) ) المجادلة وأفضل الناس هو الداعي إلى الله .

تاسعا : العلماء هم أزكى الناس ، وأخشاهم لله ، كما قال تعالى : ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ (28)) فاطر . وإذا كانوا هم كذلك ،

فهم الأجدر أن يكونوا هم الدعاة على هذه الصفات ، وهم الأجدر أن يكونوا هم القادة والرواد في الدعوة .

عاشرا : العلماء هم الآمرون بالمعروف ، الناهون عن المنكر بالعلم والحكمة ، إذا فالعلماء هم الدعاة .

حادي عشر : العلماء هم شهداء الله الذين أشهدهم الله على توحيده ، وقرن شهادتهم بشهادته - سبحانه- وبشهادة ملائكته ؟ وفي هذا تزكيتهم وتعديلهم ،

فقال تعالى : ( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ (18) آل عمران . ومن كانوا كذلك فهم المؤتمنون على الدعوة ، وهم الأولى بقيادتها وريادتها .

هذا على وجه العموم ، فالعلماء هم أهل هذه الخصال . ولا يلزم أن تتوفر كل هذه الخصال في كل عالم ، فالكمال لا يكون إلا لله - سبحانه- لكنهم في الجملة -

أي العلماء- لا شك أنهم المتميزون بهذه الصفات الجديرون بها .

بطلان دعوى خلو الأرض من العلماء القدوة :

والعلماء لا يمكن أن تخلو الأرض منهم ، وهذا دفعا لدعوى قد يدعيها بعض الجهلة ممن ينتسبون للدعوات والحركات المعاصرة وغيرهم وهي زعم بعضهم :

أنه لا يوجد علماء قدوة ، أو أن العلماء الذين يمكن الاقتداء بهم : مفقودون ، أو أنهم يتهمون بمطاعن تسقط اعتبارهم ، أو نحو هذا من الدعاوى التي

لا تجوز شرعا - بل هي مخالفة للواقع ، ومخالفة لصريح النصوص ، فإن الله - سبحانه وتعالى - تكفل بحفظ هذا الدين ، وتكفل بحفظ طائفة من الأمة تبقى

ظاهرة منصورة ، أمرها بين - وهذا لا يمكن أن يتأتى إلا بأهل الحجة والقدوة . وهم العلماء ، والصفات التي ذكرتها تتوفر في كل

مكان ، وكل وقت بحسبه - قوة وضعفا- لكن لا يمكن أن يخلو كل الزمان وكل المكان في الأرض من العلماء- كما ذكرته- إلى قيام الساعة .