عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
4

المشاهدات
499
 
موسى المحمود
كاتب فلسطيني مميز

اوسمتي


موسى المحمود is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
670

+التقييم
0.67

تاريخ التسجيل
Aug 2021

الاقامة
الأردن

رقم العضوية
16809
07-30-2022, 11:23 AM
المشاركة 1
07-30-2022, 11:23 AM
المشاركة 1
افتراضي لا تحزنوا إن الله معنا
في ذكرى الهجرة النبويّة العظيمة
لا تحزنوا إنّ الله معنا

بدأت الحكاية في مكّة، رجلٌ في الأربعين من عمره، يوحي له الله بحمل أمانة تنوء بها الجبال وتهتز من ثقلها السماوات والأراضين، نقطة تحوّل عظيمة في حياة رجل ينتمي لأكبر القبائل في مكة المكرمة، رجلٌ محترمٌ في أهله وبلده يلقبونه بالصّادق الأمين، ثم وبعد الجهر بالرسالة السماوية والدعوة إليها قرابة الثلاثة عشر عامًا يتبدّل الحال، فينعتونه بالسّاحر تارةً وبالمجنون تارةً أخرى وقد وصل بهم الحال إلى اتهامه بتأليف الآيات القرآنية وهو رجلٌ أمّيٌّ لا يقرأ ولا يكتب، جنون كبير أصاب قومه لمجرّد أنّه سار عكس التيّار.

فهناك من خاف على سلطانه، وهناك من خشي كساد تجارته، وآخر أغرته المبادئ والقيم البالية وفضّل القوميّة القبلية على الرسالة السماويّة فصاروا جميعًا أعداءً لهذا الرجل الأربعيني، واجتمعوا في دار ندوتهم وقرروا قتله مجتمعين حتى يتفرّق دمه بين القبائل، وهو يوحى إليه بكلّ هذه المكائد ولا يتحرّك قيد أنملة حتّى يأتيه أمر الله، وفي ليلةٍ سوداء يقررون لحظة الصّفر فيجتمعون عند داره، فيأتي الأمر من الله تعالى أن اخرج إلى المدينة المنوّرة يثرب.

فيخرج غير آبهٍ بمن اجتمعوا لقتله، وكأنّه أسلم لله وجهه وتوكّل عليه خير توكّل، وبينما هم لا يبصرون يكون أمر الله تعالى رغم أنوفهم وينجو من مكّة وبطش ساداتها.

وفي الطريق إلى المدينة المنوّرة يصحبه صديق عمره أبو بكرٍ الصّدّيق، رفيق عمره الذي آمن بصدق نبوّته وصدّقه وسانده، يتبعهم جاسوسٌ وقاتلٌ مأجورٌ من مكّة، فيعثر عليهم ولكنّ الله يؤيّد عباده المخلصين بنصره ويكيد بأعدائه وأعدائهم، فيعود القاتل المأجور سُراقة خائب الأمل بكتابٍ من النبيّ يعده بسواريّ كسرى مقابل كتمان سرّ النّبي.

أربعمئةٍ وتسعون كيلومترًا من مكة إلى يثرب المدينة المنوّرة يقطعانها مشيًا أو على النّاقةِ يتبادلان الرّكوب، ويتشاركان المعاناة والتّحدّي في سبيل إحياء كلمة لا إله إلا الله وفي سبيل التأسيس لدولةٍ وصلت فتوحاتها إلى مشارق الأرض ومغاربها.

إنّه الإيمان الصّادق الذي يدفع بأبي بكرٍ الصّديق رضي الله عنه أن يسدّ جحور الأفاعي بقدميه كي لا يتأذّى رسول الله صلّ الله عليه وسلّم في غار ثور، فتغلبه الدّمعة من شدّة الألم حتى يقول له صاحبه النّبي العظيم "يا أبا بكر لا تحزن إنّ الله معنا"…

إنّه أمر الله، ما جعل الحمامة تصنع عشًا والعنكبوت يغزل بيتًا ليحميان رسول الله صلّ الله عليه وسلّم.

ويكون أمر الله .. بالإيمان والعزم والثّبات على المبدأ، فالظّروف لا تغيّر المبادئ. ويصلان إلى يثرب لتنير برسول الله صلّ الله عليه وسلّم لتمسي المدينة المنوّرة.

والحمد لله ربّ العالمين

موسى المحمود