عرض مشاركة واحدة
قديم 04-12-2014, 09:21 PM
المشاركة 4
فاتحة الخير
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
السلام عليكم ورحمة الله



شكرا لك أستاذ صابر على الموضوع الشيق والمهم، فهو رغم قساوته إلا أن هذه هي الصورة التي بتنا نراها، الصورة الغالبة والمشوهة في التعامل الإنساني ففعلا هناك من يرد الخير بالشر والمعروف بالإساءة.

بل أن هذا الموضوع قديم قدم التاريخ بل وقدم الإنسان، وما قول الله سبحانه وتعالى على لسان هابيل (لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ) ، إلا صدام بين الخير والشر، الجنة والنار، اضداد تصنع الحدث وتقود للإنسان للندم والقسم على عدم تقديم المعروف لأنه لم يجن غير الخيبة والندامة.

لكن لا يجب أن نعمم، فالخير والشر يختلفان من شخص لآخر حسب الوازع الديني والأخلاقي والتربوي والبيئي والاقتصادي...، فهناك من تقدم له النزر اليسير من الخير لا ينساه أبدا وهناك من توقد له الأصابع شمعا ولا يهتم، بل ربما يقابل الخير بعكسه.

وما لاحظته في مقدمة موضوعك أنك جلبت مقولات لشعراء وأمثال شعبية، كلها تصب في مصب الابتعاد عن فعل الخيرات، لكن للمعروف جانب مشرق يظهر في قول الله سبحانه وتعالى
(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّة يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْر وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَر وَأُولَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ)
وكذا في أقوال النبي عليه الصلاة والسلام، فكلها تؤكد على ضرورة التعاون بين البشر وتقديم الخير بينهم: (ما كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة) (صنائع المعروف تقي مصارع السوء)

وهذه الآيات والأحاديث النبوية تدفعنا لفعل الخيرات بل والحرص عليها لأن عليها أكبر الثواب عند الله، وكذا صلاح النفوس حين يصبح طلب الخير والجري وراءه من أولوياتنا الحياتية وهو شغلنا الشاغل غير منتظرين جزاء ولا شكورا.

لكن لا يجب ان نغفل وجود النقيض فكما للمعروف جانب مشرق له ايضا جانب قاتم ومظلم، فالمعروف وجد الصد في بعض الأشعار وفي أمثال شعبية توارثتها الأجيال، كلها تحبط فاعل المعروف، وتحد من عزمه، وهذا لأنها نتاج تجارب ومعاناة وآلام عاناها الإنسان من أخيه مما أدى به لفقدان الثقة والابتعاد عن طريق الطيبة والخير
من بين تلك الأمثال أيضا نجد ( دير الخير ورميه فالبحر) وكذا ( دير الخير ونساه)
يعني أن فاعل المعروف ومقدمه لن يجد من يجازيه فما عليه إلا نسيانه او رميه في البحر،بل أن هناك من يعتبر فعل الخيرات وحسن المعاملة والخوف من الله، ضعف وبلاهة.

ومع ذلك سنخرج من هذا الموضوع بخلاصة مشرقة، وهي أن نصنع المعروف في من يستحق وفي من يتذكر الوقفات التي نقفها معه و لأجله وينتظر الظرف المناسب لكي يرد الجميل بأحسن منه، ونبتعد عن الذين لا يهمهم سوى مصلحتهم ونفسهم التي تكون غالبا أمارة بالسوء.


شكرا لك و تقبل مروري المتواضع.