عرض مشاركة واحدة
قديم 01-29-2013, 06:08 PM
المشاركة 3
عبدالله باسودان
أديـب وشاعـر

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي الفصاحة في اللغة العربية
أتت امرأة إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقالت:
يا أمير المؤمنين، إن زوجي يصوم النهار، ويقوم الليل، وأنا أكره أن أشكوه، وهو يعمل بطاعة الله، عز وجل!
فقال لها: (نعم الزوج زوجك!).
فجعلت تكرر عليه القول، وهو يكرر عليها الجواب..
فقال له كعب الأسدي: يا أمير المؤمنين، هذه المرأة تشكو زوجها في مباعدته إياها عن فراشه!
فقال عمر: (كما فهمت كلامها فاقض بينهما).
فقال كعب: علي بزوجها..
فأُتي به، فقال له: إن امرأتك هذه تشكوك.
قال: أفي طعام أم شراب؟
قال لا!!
فقالت المرأة:
يا أيها القاضي الحكيم رشـدهْ
ألهى خليلي عن فراشي مسجدهْ
زهَّده في مضجعي تعبُّدهْ
فاقض القضا كعبُ ولا ترددهْ
نهـاره وليلـــه مـــا يرقـــدهْ
فلست في أمر النساء أحمـدهْ!
فقال زوجها :
زهَّدني في فرشها وفي الحجلْ
أني امرؤ أذهلَني ما قد نزلْ
في سورة النحل وفي السبع الطِّوَلْ
وفي كتاب الله تخويفٌ جللْ
فقال كعب:
إن لها عليك حقاً يا رجل
نصيبُها في أربع لمن عَقل
ثم قال: إن الله عز وجل قد أحل لك من النساء مثنى وثلاث ورباع؛ فلك ثلاثة أيام ولياليهن، تعبَّدْ فيهن ربك.
فقال عمر: (والله، ما أدري من أي أمريك أعجب؟ أمن فهمك أمرهما؟ أم من حكمك بينهما؟ اذهب فقد وليتك قضاء البصرة).

فصاحة أعرابي:
لقي الحجاج أعرابياً في البادبة فقال له ما بيدك؟قال: عصا، أركِزُها لصلاتي، وأُعِدُّها لِعُداتي، وأسوقُ بها دابَّتي، وأَقوى بها على سَفَري، وأعتمد عليها في مشيتي؛ لِيتَّسِعَ بها خَطْوي، وأعبُرُ بها النهرَ فتؤمِّنُني، وأُلْقي عليها كِسائي؛ فيستُرُني من الحَرِّ، ويقيني من القَرِّ، وتُدني ما بَعُدَ مني، وهي مِحْمَلُ سُفْرَتي، وعَلاقة إدَاوَتي، ومِشجب ثيابي، أعتمد بها عند الضَّراب، وأقرع بها الأبواب، وأتقي بها عَقور الكلاب، تنوب عن الرُّمح في الطِّعان، وعن الحَرْبة عند منازلة الأقران، ورثتُها عن أبي، وأورِّثُها بعدي ابني، وأهشُّ بها على غنمي، ولي فيها مآرب أخرى، كثيرة لا تحصى .

عن الأصمعي قال: سألت أعرابياً من بني عامر بن صعصعة عن مطر أصاب بلادهم , فقال: نشأ عارضاً فطلع ناهضاً ثم ابتسم وامضاً فأعس في الأقطار فأسجاها وامتد في الآفاق فغطاها ثم ارتجز فهمهم ثم دوى فأظلم فأرك ودث وبغش وطشث ثم قطقط فأفرط ثم ديم فأغمط ثم ركد فأشجم ثم وبل فسجم وجاد فأنعم فقمس الربا وأفرط الزبى سبعاً تباعاً ما يريد انقشاعاً حتى إذا ارتوت الحزون وتضحضحت المتون ساقه ربك إلى حيث شاء كما جلبه من حيث شاء .

أضل أعرابي الطريق ليلا ً، فلما طلع القمر اهتدى، فرفع رأسه إليه متشكراً قائلاً له :
ما أدري ما أقول لك وما أقول فيك، أقول رفعك الله ، فقد رفعك، أم أقول نوّرك الله فقد نوّرك،
أم أقول حسّنك الله فقد حسّنك، أم أقول: عمرك الله ، فقد عمرك ، ولكني أقول: جعلني الله فداك.

بتصرف من كتابنا " سياحة في عالم الفكر والأدب"