الموضوع: المبدعون
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-08-2010, 01:52 PM
المشاركة 8
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي الليث بن سعد
الليث بن سعد


الإمام الحافظ من أشهر الفقهاء في زمانه فاق في علمه وفقهه إمام المدينة الإمام مالك غير أن تلامذته لم يقوموا بتدوين علمه وفقهه ونشره في الآفاق مثلما فعل تلامذة الإمام مالك، وكان الإمام الشافعي يقول: الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به.
إنه الإمام الليث بن سعد ابن عبد الرحمن الإمام الحافظ شيخ الإسلام وعالم الديار المصرية
ولد بقرقشندة وهي قرية من أسفل أعمال مصر في سنة أربع وتسعين للهجرة.

طلبه للعلم

تلقى الليث العلم على عدد من كبار علماء عصره، فسمع من عطاء بن أبي رباح وابن أبى مليكة ونافعا العمري وسعيد بن أبي سعيد المقبري وابن شهاب الزهري وأبا الزبير المكي وغيرهم كثير.

وفي عدة روايات يصف الليث رحلاته في طلب العلم: قال ابن بكير سمعت الليث يقول سمعت بمكة سنة ثلاث عشرة ومائة من الزهري وأنا ابن عشرين سنة.

قال يحيى بن بكير أخبرني من سمع الليث يقول كتبت من علم ابن شهاب علما كثيرا وطلبت ركوب البريد إليه إلى الرصافة فخفت أن لا يكون ذلك لله فتركته ودخلت على نافع فسألني فقلت أنا مصري فقال ممن قلت من قيس قال ابن كم قلت ابن عشرين سنة قال أما لحيتك فلحية ابن أربعين قال أبو صالح خرجت مع الليث إلى العراق سنة إحدى وستين ومائة خرجنا في شعبان وشهدنا الأضحى ببغداد قال وقال لي الليث ونحن ببغداد سل عن منزل هشيم الواسطي فقل له أخوك ليث المصري يقرئك السلام ويسألك أن تبعث إليه شيئا من كتبك فلقيت هشيما فدفع إلي شيئا فكتبنا منه وسمعتها مع الليث.

مكانته العلمية
يقول الحافظ أبو نعيم: كان الليث رحمه الله فقيه مصر ومحدثها ومحتشمها ورئيسها ومن يفتخر بوجوده الإقليم بحيث إن متولي مصر وقاضيها وناظرها من تحت أوامره ويرجعون إلى رأيه ومشورته ولقد أراده المنصور على أن ينوب له على الإقليم فاستعفى من ذلك.

ولليث أحاديث كثيرة في كتب الصحاح، ومن الأحاديث التي رويت عن الليث ما رواه الترمذي قال حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن سعد بن سنان عن أنس بن مالك أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)

مناقبه وفضائله
قال ابن بكير: كان الليث فقيه البدن عربي اللسان يحسن القرآن والنحو ويحفظ الحديث والشعر حسن المذاكرة.

روي عن شرحبيل بن جميل قال أدركت الناس أيام هشام الخليفة وكان الليث بن سعد حدث السن وكان بمصر عبيد الله بن أبي جعفر وجعفر بن ربيعة والحارث بن يزيد ويزيد بن أبي حبيب وابن هبيرة وإنهم يعرفون لليث فضله وورعه وحسن إسلامه عن حداثة سنة ثم قال ابن بكير لم أر مثل الليث، وروى عبد الملك بن يحيى بن بكير عن أبيه قال ما رأيت أحدا أكمل من الليث.

قال عثمان بن صالح: كان أهل مصر ينتقصون عثمان حتى نشأ فيهم الليث فحدثهم بفضائله فكفوا وكان أهل حمص ينتقصون عليا حتى نشأ فيهم إسماعيل بن عياش فحدثهم بفضائل علي فكفوا عن ذلك، وروي عن حرملة يقول كان الليث بن سعد يصل مالكا بمائة دينار في السنة فكتب مالك إليه علي دين فبعث إليه بخمس مائة دينار فسمعت ابن وهب يقول كتب مالك إلى الليث إني أريد أن أدخل بنتي على زوجها فأحب أن تبعث لي بشيء من عصفر فبعث إليه بثلاثين حملا عصفرا فباع منه بخمس مائة دينار وبقي عنده فضله، قال أبو داود قال قتيبة كان الليث يستغل عشرين ألف دينار في كل سنة وقال ما وجبت علي زكاة قط وأعطى الليث ابن لهيعة ألف دينار وأعطى مالكا ألف دينار وأعطى منصور بن عمار الواعظ ألف دينار وجارية تساوى ثلاث مائة دينار.

قال صالح بن أحمد الهمذاني: قدم منصور بن عمار على الليث فوصله بألف دينار واحترقت دار ابن لهيعة فوصله بألف دينار ووصل مالكا بألف دينار وكساني قميص سندس فهو عندي.

وروي عن محمد بن رمح يقول كان دخل الليث بن سعد في كل سنة ثمانين ألف دينار ما أوجب الله عليه زكاة درهم قط،

وروي عن أشهب بن عبد العزيز يقول كان الليث له كل يوم أربعة مجالس يجلس فيها أما أولها فيجلس للسلطان في نوائبه وحوائجه وكان الليث يغشاه السلطان فإذا أنكر من القاضي أمرا أو من السلطان كتب إلى أمير المؤمنين فيأتيه العزل ويجلس لأصحاب الحديث وكان يقول نجحوا أصحاب الحوانيت فإن قلوبهم معلقة بأسواقهم ويجلس للمسائل يغشاه الناس فيسألونه ويجلس لحوائج الناس لا يسأله أحد فيرده كبرت حاجته أو صغرت وكان يطعم الناس في الشتاء الهرائس بعسل النحل وسمن البقر وفي الصيف سويق اللوز في السكر

وروي عن يعقوب ابن داود وزير المهدي قال:قال أمير المؤمنين لما قدم الليث العراق الزم هذا الشيخ فقد ثبت عندي أنه لم يبق أحد أعلم بما حمل منه.

وكان الليث بن سعد يقول بلغت الثمانين وما نازعت صاحب هوى قط، ويعلق الحافظ أبو نعيم على قوله فيقول: كانت الأهواء والبدع خاملة في زمن الليث ومالك والأوزاعي والسنن ظاهرة عزيزة فأما في زمن أحمد بن حنبل وإسحاق وأبي عبيد فظهرت البدعة وامتحن أئمة الأثر ورفع أهل الأهواء رؤوسهم بدخول الدولة معهم فاحتاج العلماء إلى مجادلتهم بالكتاب والسنة ثم كثر ذلك واحتج عليهم العلماء أيضا بالمعقول فطال الجدال واشتد النزاع وتولدت الشبة نسأل الله العافية.



قال بكر بن مضر قدم علينا كتاب مروان بن محمد إلى حوثرة والى مصر إني قد بعثت إليكم أعرابيا بدويا فصيحا من حاله ومن حاله فأجمعوا له رجلا يسدده في القضاء ويصوبه في المنطق فأجمع رأي الناس على الليث بن سعد وفي الناس معلماه يزيد بن أبي حبيب وعمرو بن الحارث، قال أحمد بن صالح أعضلت الرشيد مسألة فجمع لها فقهاء الأرض حتى أشخص الليث فأخرجه منها.

مواقف من حياته
قال الحسن بن يوسف بن مليح سمعت أبا الحسن الخادم قال كنت غلاما لزبيدة (زوجة الرشيد) وأتي بالليث بن سعد تستفتيه فكنت واقفا على رأس ستي زبيدة خلف الستارة فسأله الرشيد فقال له حلفت إن لي جنتين فاستحلفه الليث ثلاثا إنك تخاف الله فحلف له فقال: قال الله: {ولمن خاف مقام ربه جنتان} (الرحمن:16) فأقطعه الرشيد قطائع كثيرة بمصر.

وروي عن الليث قال: قال لي أبو جعفر المنصور تلي لي مصر قلت لا يا أمير المؤمنين إني أضعف عن ذلك إني رجل من الموالي فقال ما بك ضعف معي ولكن ضعفت نيتك في العمل لي.

قال وجاءت امرأة إلى الليث فقالت يا أبا الحارث إن ابنا لي عليلاً واشتهى عسلا فقال يا غلام أعطها مرطا من عسل والمرط عشرون ومائة رطل.

وعن الحارث بن مسكين قال اشترى قوم من الليث ثمرة فاستغلوها فاستقالوا فأقالهم ثم دعا بخريطة فيها أكياس فأمر لهم بخمسين دينارا فقال له ابنه الحارث في ذلك فقال اللهم غفرا إنهم قد كانوا أملوا فيها أملا فأحببت أن أعوضهم من أملهم بهذا.