عرض مشاركة واحدة
قديم 09-06-2010, 05:25 PM
المشاركة 41
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
المتنبي
شاعر فرض نفسه على محبيه وأعدائه معاً1ـ 9
د, عبدالرحمن الهواوي
الشاعر:
وشاعرنا هذا هو شاعر شعراء العربية الذي لا يبارى من سارت بذكره الركبان، وتغنى به الرواة وهو من تروي لنا الاخبار التاريخية والادبية ان ابا العلاء المعري عندما كان يريد ان يستشهد بأحد ابيات شعره فانه يقول: قال الشاعر دون ان يذكر اسمه او لقبه وكأنه لا يرى شاعرا سواه، وهو يعني شاعرنا المجيد ابا الطيب المتنبي, وعندما كان يريد ان يستشهد بشعر احد الشعراء الآخرين فإنه يقول: قال فلان,, وقال فلان,, اضافة الى ذلك فقد شرح شيخنا ابو العلاء المعري ديوان ابي الطيب واطلق عليه اسم (معجز احمد) وهذا يدل دلالة لا لبس فيها على مدى مكانة شاعرنا (احمد بن الحسين الجعفي) الملقب بابي الطيب المتنبي عند شيخ المعرة ابي العلاء المعري رحمه الله.
اما ابوالبقاء العكبري فقد شرح ديوان ابي الطيب واسماه بالتبيان في شرح الديوان وقد ذكر عند شرح بعض الابيات ما يلي: وقد اجمع الحذاق بمعرفة الشعر والنقاد ان لابي الطيب نوادر لم تأت في شعر غيره وهي مما تخرق العقول.
وقال ايضا: لو تصفحت دواوين المجيدين المولدين والمحدثين نادرا ما تجد لاحد منهم بعض هذا نادرا وعندما تعرض شيخنا او البقاء العكبري الى شرح بيت ابي الطيب المتنبي الذي يقوله فيه:


اتتهن المصيبة غافلات
فدمع الحزن في دمع الدلال

قال: هذا من ابدع المعاني ولو لم يكن له في ديوانه الا هذا لكفاه اضافة لذلك فقد ذكر العكبري اعجاز بعض ابيات الشاعر التي ذهبت مذهب الامثال والحكم.
وذكر العطية 1993م في مقال له ان ياقوت الحموي قال: لم يسمع بديوان شعر في الجاهلية ولا في الاسلام شرح هذه الشروح الكثيرة سوى هذا الديوان (ديوان المتنبي) ولا تداول شعره في امثال او طرف او غرائب على ألسنة الأدباء في نظم أو نثر اكثر من شعر المتنبي.
وورد في مجلة العربي الكويتية عن المتنبي (العدد 371 سنة 1989م) تحت عنوان هكذا غنى الآباء: انه شاعر العربية الاشهر ظل على الف سنة او اكثر شغل الناس، وموضوع الاعجاب والخصومة فيه تختلف الاجيال، حول شعره ونفسه الكبيرة يحتدم النقاش والجدل، وما اكثر الآراء التي قيلت فيه والاوصاف التي خلعت عليه.
ويقول د, شوقي ضيف في كتابه (الفن ومذاهبه في الشعر العربي) عن ابي الطيب المتنبي: ولعل اول ما يقابلنا في ذلك حكمه الكثيرة التي شاعت في شعره وعرف بها عند القدماء والمحدثين فهم يذكرون ان الصاحب بن عباد الف رسالة لفخر الدولة بن بويه، جمع فيها من شعر ابي الطيب زهاء ثلاثمائة وسبعين بيتا تجري مجرى الامثال قال في مقدمتها: (وهذا الشاعر مع تميزه وبراعته وتبريزه في صناعته له في الامثال خصوصا مذهب يسبق به امثاله) ويضيف د, شوقي ضيف قائلا: لعلنا لا نغلو اذا قلنا ان المتنبي استطاع مع كل ما رأيناه عنده من ضروب تصنع مختلفة ان يحلق في اسمى افق للشعر العربي، اذ كان لشعره ولايزال حيوية وحلاوة وروعة تأخذ بالالباب على الرغم من هذا التصنع للايماءات الذهبية والشواذ الموسيقية والشوارد النحوية فقد كان لديه من المهارة الفنية ما يستطيع ان يخفي سمات هذا التصنع وما ينكوي فيه من تكلف شديد.
ويقول ابن رشيق صاحب العمدة: ابو الطيب كالملك الجبار يأخذ ما حوله قهرا وعنوة او كالشجاع الجرىء يهجم على ما يريده لا يبالي ما لقي ولا حيث وقع وقال ايضا: وقد كان ابو الطيب كثير البديهة والارتجال الا ان شعره فيهما نازل عن طبقته جدا وهو لعمري في سعة من العذر.
ويقول ادونيس (1979) في شعر المتنبي يأخذ تمرد الشاعر على المجتمع بعدا اكثر تألقا وشخصانية فالمتنبي يفرز نفسه ويعرضها عالما فسيحا من اليقين والثقة والتعالي في وجه الآخرين وضدهم وهو في ثنايا شعره كله يحتضن ذاته ويناجيها ويحاورها بنبرة من العبادة ان شعره كتاب في عظمة الشخص الانسانية يسيره الجدل بين اللانهاية والمحدودية والطموح الذي لا يعرف غاية ينتهي عندها والعالم الهرم الذي لا يقدر ان يتحرك ويساير الطموح.
ويضيف ادونيس قائلا: لقد خلق المتنبي طبيعة كاملة من الكلمات في مستوى طموحه: ترج، تتقدم، تجرف، تهجم، تقهر، تتخطى، كأنها جواب كيانه الداخلي وامتداده وتكملته,, المتنبي روح جامحة، تياهة، تتلاقى فيها اطراف الدنيا انه وحيد، بل الوحيد فوحدته قدر محتوم لان الانسان (خليل) نفسه كل متفرد وحيد.
ويقول القصيبي (1402ه 1982م) عن المتنبي هذا الشاعر ملأ الدنيا وشغل الناس ولايزال بعد مرور اكثر من الف سنة على وفاته يملأ الدنيا ويشغل الناس.
ولايزال الخلق مختلفين في امره اليوم كما كانوا مختلفين في امره ايام حياته هناك المتطرفون في حبه الذين يرون في شعره التعبير الحقيقي الصادق عن روح الامة العربية وضميرها وهناك المتطرفون في بغضه الذين لا يرون فيه سوى تجسيد كل سيئات النفاق والتملق والتقلب والخلاف حول المتنبي يبدأ (بدأ) مع اول يوم من ايام حياته.
ويقول الدسوقي (1408ه 1998م): ما اصدق العبارة المشهورة التي قالها منذ اعوام طوال الناقد المغربي الكبير ابن رشيق القيرواني وحفظها لنا كتابة العمدة: (ثم جاء المتنبي فملأ الدنيا وشغل الناس).
ويقول غومث (1398ه 1978م) المستشرق الاسباني: المتنبي شخصية مشرقية، متميزة واطلق عليه بحق (شاعر العرب الكبير) لا لان العصور الاسلامية التي سبقته لم تعرف شاعراً آخر في مستوى قامته ولكن لان شخصية اخرى غيره لم تؤثر على نحو واضح فيما تلاها من شعراء كما اثر هو ولانه الشاعر الكلاسيكي الابقى حياة حتى الان في أحاسيس الشعب العربي.
ويضيف غومث قائلا: لقد كان المتنبي اعظم شعراء العربية المحافظين المجيدين عبقرية في ارجح الآراء.
ويقول غومث ايضا: وحتى لو نحينا الفخر جانبا وهو عادة عربية تنحدر من اصول بدوية وقد لا يستسيغها ذوقنا الغربي فسوف نلتقي بشاعر الكوفة على الدوام محلقا في السماء ملتهب الكبرياء نبوي النظرة احيانا مما يبرر اطلاق اسم المتنبي عليه لقد تنبأ ابو الطيب بالامتداد الجغرافي غير المحدد لشهرته وانها سوف تضرب في الخافقين.


وتعذلني فيك القوافي وهمتي
كأني بمدح قبل مدحك مذنب
ولكنه طال الطريق ولم ازل
افتش عن هذا الكلام وينهب
فشرق حتى ليس للشرق مشرق
وغرب حتى ليس للغرب مغرب
اذا قلته لم يمتنع من وصوله
جدار معلى او خباء مطنب

ويقول د, عفيف عبدالرحمن (1403ه 1983م) ولعل شاعرا من شعراء العرب لم يبلغ درجة من تنافس الامراء عليه كما حدث للمتنبي فقد تنافس امراء عصره على جذبه الى بلاطهم كان كل منهم يطمع في ضمه الى بلاطه ولم يشتهر سيف الدولة وكافور وغيرهما الإ من خلال مدائح المتنبي.
ويقول محمد كمال حلمي بك (1406ه 1986م) عن المتنبي: كانت طريقته في التأليف احبولة يتصيد بها المطلع على شعره فيكتسبه لنفسه يورد عليه ما يعرف وما يحب وما يطلب فمثله في ذلك كمثل التاجر الكيس يجتهد في ان يبيع الناس ما يريدون فتحبب اليهم في هذا الباب اذا اعطاهم ما يشتهون لانه في شعره ربما كان يعمل لنفسه ليرضيها فارضى نفوسهم تبعا فهو يقول في احدى ساعات كآبته وقد ضل في الحياة:
ما كلُّ ما يتمنى المرء يدركه,.
فمن ذا الذي لا يشاطره رأيه وعاطفته؟ ثم يزيد دليلا جديداً بتشبيه ظريف فيزف السلوى الى القلوب:
تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.
ويضيف حلمي بك قائلا: بهذا التقرب الى الناس يزيد في العروة توثيقا وفي الصلة توكيدا اجل انه شاركهم في آمالهم وآلامهم وصور علل اخلاقهم وامراض قلوبهم ووصف لهم علاج ادوائهم وكأنما اخذ على نفسه ان يترجم عما في نفوسهم في كل ظروف الحياة من اجل ذلك اقبل الناس على شعره واكثروا الاستشهاد به, وهذه مزية لم ينلها كثير من الشعراء، وان لم يكن هو الذي استأثر بها دون غيره.
ويقول بلا شير (1405ه 1985م) ان رواج المتنبي في الاوساط المثقفة بدمشق والقاهرة وتونس ناشيء في زماننا عن مصدر آخر ذلك ان مداح الامراء في الشام ومصر وفارس اصبح بدافع من التأثير القومي وفكرة الجامعة العربية اللذين دفعا المسلمين الى البحث في الشرق الوسيط عن رجال يواجهون رجال الغرب, اقول (بلا شير) اصبح المداح ممثلا للعبقرية العربية المتعصبة في وجه العبقرية الاعجمية فهو يشبه الشاعر فيني وغوته وحتى نيتشه الشرقي مثبتا بوضوح المساواة الثقافية لبلاد واقعة اليوم تحت الوصاية الفكرية والسياسة لاوروبا (اول ما صدر كتاب بلاشير عن المتنبي عام 1935م باللغة الفرنسية).
ويقول شرارة (1988م) لقد كان الناس في العراق والشام ومصر وايران واقطارالمغرب العربي وسائر مواطن اللسان العربي يستشهدون بأبيات المتنبي في مختلف المناسبات ومازال هذا الاستشهاد يصدر حتى في ايامنا هذه، عن اناس يمقتون ابا الطيب ولا يطيقون ذكره,, وليس لهذه الظاهرة من دلالة الا ان شعر هذا الرجل فرض نفسه على محبيه واعدائه معا لما يحمل في قراراته من صحة الفكر وقواعد السلوك المنشود في حياة الفرد والمجتمع.
ويضيف شرارة قائلا: هذه البراعة في وصف الانطباعيات الخاصة التي جعلت ابا الطيب يفوق معظم الشعراء في تاريخ العالم على وجه التغريب لافي دنيا العرب وحدها مهما عيب عليه من هفوات او عد له من سقطات.
ويقول منير البعلبكي (1990م) في قاموسه المورد في (معجم الاعلام) عن المتنبي:
المتنبي أشهر شعراء العرب فهم اسرار النفس البشرية وصاغ تجاربه حكما جرت مجرى الامثال:
ويقول احمد عباس صالح: 1414ه 1994م في مقالة له تحت عنوان خلود: نحن الى اليوم نعجب بشعر المتنبي ونحفظه ونتأمل بعض ابياته بدهشة لانها تجسد امامنا تجربة فكرية او انفعالية على اعلى مستوى، فهل خلود شعر المتنبي للصياغة ام للتجارب التي مر بها وغناها؟ فهو عندما يقول:
كفى بك داء ان ترى الموت شافيا
وحسب المنايا ان يكن امانيا
ينقل القارىء فجأة الى تجربة مخيفة قد يكون مربها ويجعله يتوقف عند هذه الصياغة العجيبة وعند ثراء الشاعر بالتجارب العميقة ويتأملها في دهشة، ويرددها باعجاب ورضا شيء ما هنا يجعل هذا البيت من الابيات الخالدة ما هو هذا الشيء؟ ليست هناك اجابة شافية الا ان يكون الصدق والمشاركة الانسانية في الشعور هو سبب هذا الخلود.
ما ذكرناه سابقا هو غيض من فيض مما قيل عن شاعرنا ابي الطيب المتنبي.
اما ما قاله هو عن نفسه وشاعريته فهو كثير نذكر منه ما يلي:
قال الشاعر:
وما الدهر الا من رواة قصائدي
(قلائدي)
اذا قلت شعرا اصبح الدهر منشدا


فاسر به من لا يسير مشمرا
وغنى به من لا يغني مفردا
اجزني (أجرني) اذا انشدت شعرا فإنما
بشعري اتاك المادحون مرددا
ودع كل صوت (شعر) غير صوتي (شعري) فانني
انا الصائح (الطائر) المحكي والآخر الصدى
اذا صلت لم اترك مصالا لصائل
وان قلت لم اترك مقالا لعالم

وقال أيضا:
لا تجسر الفصحاء تنشد ههنا
بيتا ولكني الهزبر الباسل
ما نال اهل الجاهلية كلهم
شعري ولا سمعت بسحري بابل
وقال ايضا:


أمط عنك تشبيهي بما وكأنه
فمااحد فوقي ولا احد بعدي

وقال ايضا:


أنا السابق الهادي الى مااقوله
اذ القول قبل القائلين مقول

وقال ايضا:


أراكض معوصات الشعر قسرا
فأقتلها وغيري في الطراد

وقال ايضا:


أفي كل يوم تحت ضبني شويعر
ضعيف يقاويني قصير يطاول

http://www.suhuf.net.sa/2000jaz/mar/24/wn8.htm