الموضوع: كشكول منابر
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-20-2019, 08:23 AM
المشاركة 2140
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: ( مليون رد ) ك ش ك و ل = م ن ا ب ر
(12)
ومن حقك الآن أن تسأل: إذا صح أن الالتفات إلى القومية والاعتزاز بالكرامة، قد جعلا الشاعر يخوض في أغراض غير التي ألفها الشعراء من قبل، ويتناول من المعاني ما غاب عن السابقين، وند عن الغابرين، فكيف نفسر قوة الأسلوب الطارئة، والعزوف عن المحسنات البديعية التي فتنت الناس عهوداً طوالا!؟ وأنا أجيب بأن الاتجاه إلى الأمور الجدية يصرف المرء دائما عن الصغائر، ويبعده عن العبث الذي لا طائل تحته، فما قيمة مراعاة الجناس والطباق والتورية فيما يتطلبه صاحب الهمة من الإصلاح، وما قيمة مراعاة النظير وحسن التعليل لراغب في تصوير عواطفه والانبعاث على سجيته. لقد كبرت آمال الشعراء ونفوسهم فترفعوا عن كل صغير تافه، والتمسوا تحقيق المآرب من أقرب المسالك فأزالوا ما يعترضهم من عقبات، وألبسوا معانيهم الأسلوب السهل الجميل، وهو لا يحملهم عناء، ولا يصرف وقتهم في التماس الزينة، واصطياد الزخارف. على أنهم وجدوا طلبتهم فيما بعثت به المطبعة من أشعار الفطاحل في عصور العربية الزاهرة: فقد وجدوا جريراً والفرزدق والأخطل والكميت وقطري بن الفجاءة وإضرابهم إذا ما عالجوا الشعر، دفعوا إلى المعاني في أسلوب قوي رصين لا يشوه من جماله، ولا يحد من بلاغته تلك الزخارف الكثيرة التي مسخت طبيعته بعدهم نحو ألف من الزمان، وحالت دون تحليقه في كل سماء، واندفاعه إلى كل غاية .