الموضوع: كشكول منابر
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-20-2019, 08:18 AM
المشاركة 2135
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: ( مليون رد ) ك ش ك و ل = م ن ا ب ر
(7)
ولا بأس من أن نعرض هنا صوراً من استجابة هؤلاء الشعراء إلى عواطفهم؛ في موضوعات الفكاهة والدعاية ووصف الطبيعة وشكوى الزمان، ففيها على أي حال طلاقة وإحساس، وقوة ملامح الشاعر التي تميزه عن غيره من الشعراء. ونحن لا ننكر أننا سنجد في هذا كله سذاجة في بعض المعاني، وسنقع على بعض الضعف في الأسلوب، ولكننا مع هذا سنستجيب لاحساس الشاعر وسنقبل عليه متأثرين بكثير مما قال - وتتضح لنا شخصيته التي كانت تختفي في الأغراض السابقة وراء حجب كثيفة من التقليد. ستتضح لنا بين الحين والحين ويختفي ضعفه وفتوره، كما تختفي علة المريض أحياناً في ومضات من عودة الصحة وسلامة العافية. قال الشيخ صالح التميمي ينعى على أرض أقام فيها فلم يطب له فيها المقام:

ما إن تحركت الغصون بأرضها ... إلا تحرك في الحسوم أذاها

أشجارها خضر وأوجه أهلها ... صفر محا كسف السقام بهاها

لولا قضاء الله حتم واجب ... أبت المروءة أن أدوس ثراها

وقال أحدهم يشكو الدهر:

رمت قلبي رمال الدهر حتى ... رأيت دمي يسيل من العيون فلو كان الزمان يصاغ جسما ... لكنت أذيقه كأس المنون

وقال الشيخ يحيى المروزي العمادي العراقي:

على ثياب لو يباع جميعها ... بفلس لكان الفلس منهن أكثرا

وفيهن نفس لو تباع بمثلها ... نفوس الورى كانت أعز وأكبر

ومن ذلك قول الحاج عمر الأنسي البيروتي المولود سنة 1822 في وصف ثقيل اشتكى من كثرة الذنوب:

شكا ثقل الذنوب لنا ثقيل ... فقلت له استمع لبديع قيلى

ثلاث بالتناسب فيك خصت ... فلم توجد بغيرك من مثيل

ذنوبك مثل روحك ضمن جسم ... ثقيل في ثقيل في ثقيل

ولعلك تدرك شيئا من ضعف الأسلوب في هذه الأبيات.

وفي الأبيات التي سنعرضها عليك فيما يلي، خفة روح، وتصوير فكه وهي لنيقولا الترك يتحدث عن سرواله وعمامته.

وسروال شكا عتقا وأمسى ... يراودني العتاق فما عتقت

وكم قد قال لي: بالله قلني ... وهبني وكنت عبدا وانطلقت

أما تدري بأني صرت هرما ... وزاد علي أني قد فتقت

فدعني حيث قل النفع مني ... وعاد من المحال ولو رتقت

ولا تعبأ بتقليبي لأني ... بممر أبيك نوح قد لحقت

ولم يبرح يجدد كل يوم ... على النعي حتى قد قلقت

وقلت له: عتقت اليوم مني ... لأني في سواك قد اعتلقت

فأشعرت العمامة في مقالي ... له فاستحسنت ما قد نطقت

فراحت وهي تشدو فوق رأسي ... لي البشرى إذا وأنا عتقت

نعم في هذه الأبيات مرح وإحساس، ولكن فيها بجانب ذلك

عسراً في القافية، واضطراباً في الأسلوب؛ لأن الصياغة لم

تسلس بعد للشاعر، ولم يمرن على الأسلوب السهل الرصين.

ومن أمثلة وصف الطبيعة الجميل في هذا العهد - وإن تعمد

فيه الشاعر المحسنات - قول أمين بن خالد الجندي:

يا حبذا الربوة من دمشق ... بالفضل حازت قصبات السبق

كم أطلعت بها يد الربيع ... من كل معنى زائد بديع

وفتح الورد الكفوف إذ دعا ... داعي الصباح للها ورجعا

وفككت أنامل النسيم ... أزرار زهر الرند والشميم

وسقطت خواتم الأزهار ... من فتن الأغصان كالدرارى

والتف سيف البرق في أوراق ... مذ شام خيل الريح في سباق

ما بكت السماء بالغمام ... إلا وصار الزهر في ابتسام