عرض مشاركة واحدة
قديم 01-14-2017, 08:23 PM
المشاركة 9
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أهلا بالسادة الاساتذة

كامل الشكر للدكتور زياد الحكيم .

موباسون رائد الطبيعية الفرنسية ، النهاية المؤلمة ، النهاية التي لا تفرح الكثيرين ، واقعية ترصد الجانب المظلم من الحياة ، الجانب الصادم ، الجانب الذي يقود إلى اللاجدوى .
لا أخفي إعجابي بالكاتب في العديد من نصوصه وقدرته الجبّارة على تبرير انتقاده للحياة كحياة ليس كشخوص و لا أنماط ، بل يجلد التجربة الإنسانية عامّة ، موباسون واحد من الذين يغزلون الحبكة ويهتمّون بالتفاصيل الصغيرة ، وليس هذا عبثا ، بل ليقودك إلى رؤيته ، أن التفاهة ليست أكثر من الاشتغال بالتفاهات .
موباسون في "العقد" بالذات ينطلق من الحلم أو ما يعطي المعنى عند الفرد للحياة ، واختار المرأة وعلاقتها بالعقد لؤسس النظرة المثالية الرومنسية التي تعتري الوجود الإنساني في بدايات حياته ، يستثمر هذه الرابطة " أنثى ـ جواهر" للتعبير عن العلاقة الوجدانية بين الإنسان والحياة ، حب البقاء ، الظهور ، التملك .... لكن في المقابل أسس للامعقولية هذه النظرة المثالية بوضع البطلة في ظروف لا تسمح لها بالأحلام الكبيرة ، كإشارة أن الإنسان ليس قادرا بالفعل على مجاراة هذه الأحلام الوردية ، و لا يملك المقومات التي تجعله ينهض بهذه المسؤولية ويحقق هذه الأحلام . الحياة عند موباسون كفيلة بتلقين الإنسان هذا الدرس القاسي ، فالبطلة استمتعت و حقّقت وجودا حالما في لحظة ما ، لكن مقابل ماذا ؟ استنزفت هذه الليلة وقتها و جمالها أي وجودها ، لم يكتف موباسون بهذا فقط ، بل أصر على أن ما استنزف هذه البطلة مجرّد عقد زائف . يعني أن الحقيقة التي أخذت لبّها و عرّتها من مقومات الأنثى مجرّد حقيقة زائفة .

يصل بنا موباسون إلى خلاصة مفادها أن الحياة زائفة و لا يوجد فيها معنى حقيقي ، فكل يجري ويسير و يكدح ومنتهى هذا السعي هو حقيقة اللامعنى . حقيقة نظرة سوداوية مطبقة للحياة ، لكن ما العمل إن كان الرجل يستطيع أن يشكل هذه المأساة في قالب فني جبّار .

رواد العبثية غالبا يؤمنون بأن الفن هو ما يستطيع تقديم قبح الحياة في قالب مقبول ، أو بصيغة أخرى أنّ اللامعنى يتخذ في الفن معنى .

شكرا