عرض مشاركة واحدة
قديم 02-11-2017, 03:12 PM
المشاركة 41
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أيضا وصف حال المنزل الذي احتضنه لسنوات عندما وصل اليه عائدا بعد ذلك الغياب الطويل مبالغ فيه، ولا يمكن تصديقه، والمشكلة ان عقل الانسان الباطن للمتلقي هو الذي يحدد الأثر والوقع للنص وإذا كان الوصف مبالغ فيه او غير منطقي او غير مقبول او معقول يقع الأثر السلبي تلقائيا حتى من دون ان يتعمق المتلقي في التفكير في العبارات وهذا ما يؤثر سلبا على النص ويحدد ان كانت القصة ناجحة ام لا ...

كما ان وصف القاصة لحالة المتحدث الشعورية عندما شاهد الوضع في منزل والدته " لأول مرة أشعر بأن قلبي مهترئ " فيه فذلكة لغوية ومحاولة لاستخدام عبارة في غير موضعها...فهل في مثل ذلك الموقف يشعر الانسان بمثل ذلك الشعور؟ يجب البحث عن كلمات وعبارات تناسب طبيعة الحدث ولا تؤثر سلبيا على مصداقيته...كان يمكن مثلا استخدام كلمة مرتجف هنا او مضطرب اما الاهتراء فهنا ليس موقعه حتما...

أيضا القول بأن " عرفت من جارتنا أن أمي ترقد في مستشفى البلدة منذ أسابيع" فكيف للمتلقي ان يصدق هذا الوله على امه وقد غاب عنها كل ذلك الغياب؟ ولم يعرف انها كانت في المستشفى كل تلك المدة؟ وهل يعيش في عالم خالي من الاتصالات ؟ ولم يأبه بها حتى وصل الى هناك فجن جنونه شوقا لها وحنية عليها؟؟!! كلام لا يمكن تصديقه ذهنيا على الأقل مما يوثر على مصداقية النص...

ولا اعرف كيف خطرت هذه العبارة على بال القاصة " هرعت إلى هناك مثل فقير يتجوع لرغيف ساخن" وهل الوصف والتشبيه هنا مناسب لمثل هذا الموقف؟ لماذا لا يكون وصف لموقف فيه خوف والم مثل ام تبحث عن رضيعها ؟! ...اما ان تشبه القاصة اسراعه الى المستشفى بعد ان عرف ان امه التي لم يراها منذ 15 عاما بإسراع الفقير للحصول على رغيف ساخن فهو وصف غير مناسب للموقف حتما ، ففي نهاية حركة الفقير جائزة واشباع، وفي نهاية اسراع المتحدث الى المستشفى الم وحسرة وخوف ومرض وموت...وهذا مؤشر ان القاصة أغراها استخدام الكلمات الرنانة حتى ولو لم تكن مناسبة للموقف وهذه هي الفذلكة اللغوية بعينها في محاولة للابهار ...

أيضا الوصف " لا أعرف كيف وصلت إلى غرفتها في المستشفى، كان كلّ شيء كحلم مرّ على بصري مثل لمحة برق في ليلة عاصفة " غير مناسب للموقف، فهذا وصف رومانسي جميل يصلح لموقف شاعري وليس لموقف في مستشفى وكل ما يرتبط بذلك الموقف من احتمالات؟؟!! والاغلب ان تكون الدقائق قاسية بطيئة في مثل ذلك الموقف...فالوقت الجميل هو الذي يذهب بسرعة البرق اما المواقف المؤلمة فتجثم على قلب الانسان وتبدو الدقائق دهرا يسير سير السلحفاة ...

ثم عبارة " جاست روحي الدهشة، وجثوت على ركبتي" وهل يدهش الانسان في مثل هذا الموقف ام انه يصدم ويرتبك او أي شيء اخر يصف الألم وصعوبة الموقف لكن ليس الدهشة حتما؟

ثم عبارة " جئت بعد أن استقام النبض الذي لطالما انتظم من أجلي " اظن ان الاستقامة والانتظام واحد وكان على القاصة إيجاد طريقة أخرى لوصف الموقف...وربما كان من الأفضل استخدام عبارة توقف النبض بدل استقام النبض ...

وكذلك عبارة " لا زالت رائحة الحبق عالقة بكفها" لا اظن ان احدا يمكن ان يصدق بأن رائحة يديها في مثل تلك الظروف كانت رائحة حبق وربما كان يمكن التحايل على الموقف والقول كنت ما أزال اشتم رائحة الحبق في يديها...

واخيرا ماذا تعني هذه العبارة " خرجت من تلك الغرفة جازما أن قلب أمي هو النافذة الوحيدة المطلة على الحياة" فكيف يمكن ان يكون قلب امه الذي توقف عن النبض هو النافذة الوحدة المطلة على الحياة؟ اظن ان لا معنى للعبارة وهي غير مناسبة لسياق الحدث ، وانه تم سوقها هنا كنوع من الفذلكة اللغوية ليس الا...

ويا ليت النص توقف هناك فلم يكن للعبارة الأخيرة وهي " أن تصير شخصا مشرقا مثل أمي هذا ما لا يستطيع أحد فعله، عندما تقتدي بها حتما ستكون لامع لكنك أبدا لن تشرق" أي حاجة لإغناء النص ولا تخدم النص حتما خاصة انها جاءت مباشرة وعظية ، وكأنها ناشزة عن جسم النص ككل...والقصد منها تمجيد الام وتوجيه المتلقي بكلام وعظي حول قيمة الام وليس باسلوب سردي غير مباشر يمكن ان يوصل الرسالة بصورة غير مباشرة ...

على الرغم مما قيل حول موضوع الفذلكة اللغوية ومحاولة الإبهار أجد النص بديع ويستوفي كافة شروط السرد الجميل، واتصور ان القاصة لديها القدرة على انتاج قصص ناجحة جدا وغاية في التأثير إذا ما اخذت بهذه النصائح بحيث تصبح نصوصها أكثر مصداقية وواقعية وبالتالي أعظم تأثيرا على عقل المتلقي خاصة ان هذا تحديدا ما نستهدفه في هذه الورشة ولهذا جاءت هذه الدراسة لتوضح للجميع عناصر السرد الجميل وكيف نبدع قصة ناجحة جداً ذات اثر عظيم...

...


انتهى،،