عرض مشاركة واحدة
قديم 01-09-2014, 12:05 PM
المشاركة 28
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة
  • غير موجود
افتراضي
الحلقة القبل الاخيرة

 
لماذا ارتجفتى يا مى ..هل هز انكسارها كيانك
واجتاحتك الشفقة تجاهها
تهزين رأسك
يالا البشاعة كيف يفعلون هذا بزرد
اجيب بخفوت من تخدعين-:
لم اعنى بحديثى زرد مطلقاً بل من تهتمين لامره
ويجعلك تثابرين على
الاستماع لهراءات مجنونة مثلى.
يقلقك كلماتى الهامسة التى لم تسمعيها ..ولكن
اعرف ان الفضول يجتاح
اعماقك كما اجتاحت البرودة اعماقى والعجوز الميتة
تأخذنى معها لحكاية
ربما يكون فيها هلاكى

انها تقترب من الرابعة عصراً يا مى ستطول حكايتى
وربما دخلنا فى الليل وقد
حذرتك مسبقا ان اشر الحكايات تروى ليلا..ولكنك
لا تهتمين
كالليل الذى حمل الهانم حملا لبلدة زرد وقد بلغها النبأ
وعرفت المكيدة وكالليل
الذى حمل بدر هلعاً لقبر زرد التى دفنت حية
كانت تنبش القبر نبشاً باظافرها ..فى ليلة حالكة
السواد تنادى
زرد ..زرد
لم تلحظ زرد الكبير يقف بجانبها وقد استطال
واستطال لا يظهر منه فى الليل
البهيم سوى بريق اسنانه الناصعة البياض وضحكة
خبيثة تعلو فمه..ضحكة
لم يعرف زرد الحقيقى مثلها فى دنياه التى اضاعها
كان يعلو يمتد حتى يحيط بدر المنحنية على القبر
تفتحه بيدها المتبعة ..الا ان
- -
حوافر خيل جعلته يتلاشى ويضيع مغتاظاً
ومشاعل رجال الهانم تضئ المقابر المظلمة
وقفت الهانم مرتاعة فوق رأس بدر المنحنية وقد
تعفرت بالتراب وتوقفت عن نبش القبر
وهى تهدر بصوتها العميق الذى يملؤه انات الليل
المكسورة الذاهلة
قتلتوها
قتلتم زرد
تزحف بدر على ركبيتها وهى ترتجف
لالا لالالا انهاا فى اعماق القبر حية
تلف الهانم دثارها حولها وهى ترى علامات الذهول
على وجه بدرقائلة
لم يكن القصد ان نقلتها ..بل لاخراج الجان.
من جسدها..ثم تهمس وهى تهتتز بعنف ..ان ساحرة
كوش تسكن زرد
تغمض الهانم عينيها والدموع تحرقها

وكيف عرفت ساحرة كوش يا بدر..الساحرة لم
تسكن زرد ابدا بل سكنتك انت يا بدر
قتلك ابنتك قربان للساحرة
تصرخ بدر ..ليس انا من سكنته الساحرة ..تصرخ
وهى تبكى ..بل سكنت ابنائى
جميعاً يوماً ذهبت بيهم لبيت النهر المحترق بحثا عن
الكنز ووجدنا تمثال الساحرة
كنت اخفى سرهم..ان رقبتهم معلقة ببدر هذا هو
صك الدم الذى احترق زرد الكبير
ثمنا له . ان ضاعت زرد حلت اللعنة عليهم جميعا
لكل واحد نبؤة ..سبع نبؤات بسبع ابناء .. وفى
الثامنة موتهم
تصرخ بدر وهى تزحف للقبر
ساعدينى يا هانم..ساعدينى ان زرد ترقد فى اعماق
القبر
تصرخ الهانم ردا عليها وهى ترتجف
اللعنة عليك يا بدر
- -
اعرف ان زرد المسكينة تسكن اعماق القبر نتيجة
خسة اولادى ومكرهم
غدروا بالصبية معكم
تصرخ بدر وهى تغالب ضحكات هسترية لا يا هانم
انها حية فى اعماق القبر
لالا يا هانم دفنوها حية عند الظهيرة
لم يمضى وقت طويل يا هانم..ربما..ربما مازالت زرد
حية
اتستعت عينيى شهد الهانم ارتياعا وهى ترتجف غضبا
وقرفا
ركلت بدر فى صدرها فوقعت على الارض .. ثم
صارت كالمجنونة وهى تستغيث برجالها
لفتح القبر
وما هى الا فينة وانهار الحائط المبنى حديثا الذى يسد
باب القبر
كانت هناك ترقد فى الظلمة المخيفة

حتى ان قلوب الرجال ارتجفت هلعاً والمشاعل تنير
وجهها وقد جحظت عيناها
وتحول شعرها الاسود الحريرى لكتلة من البياض
حملوها بكفنهاوقد جلست الهانم على الارض تبكى
من هول الموقف.. ثم وضعت
رأسها فى حجرها والمشاعل تضئ المقابر الشائهة
الباكية المتوجسة خيفة من اقتحام البر لها ليلاً
لمست باناملها وجهها المرتعب المذهول وهى تغمم
زرد.. زرد ثم تحضنها فى قوة
يحضر لها احد رجالها قربة الماء فتقربه من فم زرد
ترفض زرد وتهمس
تقترب الهانم منها
سبعة نبؤات ..سبعة لعنات ..وفى الثامنة موتهم..سبعة
نبؤات يرثها كل من حمل ارث الدم ويكتوى بلعنتها كل
من حمل خطيئة الدم
ثم تتحول بعينها الغاضبة لبدر ..عينيها التى حملت
كل كراهية الدنيا ..كنت اعلم

سرها من البداية ثم عادت ببصرها المضطرب لوجهه
الهانم وابتسمت وقد
طارت روحها شعاعا واسلمت الروح
ارتج على الهانم موتها امامها ..صارت تضرب خدود
زرد
استفيقى ايتها الصبية ..استيفقى ايتها الهانم فحياة
حافلة تنتظرك..ثم تحضنها
يا حرقة قلبى يا زرد..يا الم قلبى يا زرد..يا ابنتى التى
لم الدها يا زرد
اه يا زرد والف اه كيف احتمل فراقك يا حبيبة قلبى
..اه يا زرد يا ابنة عمرى
ظلت الهانم تبكى من هول الموقف ويهتز بدنها من
فرط التأثر ..وعلى ضوء المشاعل
تذكرتهاا ..تذكرت بدر التى جلست ساكنة لا تفعل
شيئاً ..تختلج اعماقها باشياء
شتى ليس من بينها بالتأكيد حزنها على الصبية

نظرت اليها بعينيها الحمرواين من فرط البكاء ..نظرة
واحدة واخيرة ثم نظرت
لكبير رجالها ..نظرة واحدة ..ثبتت نظرها على القبر
فى البداية لم تفهم بدر شيئاً..لم تعى لماذا يحملو ها
قهراً..ارتاعت وهى تلقى فى
اعماق القبر..صرخت وصرخت وضاع صو تها
والرجال يسدون القبر
ويهيلون التراب ويتأكدون تماماً ان لا صوت يصل
منها
ذهبت الهانم بزرد..حيث لم يعرف احد مثواها
الاخير..اغلقت الهانم بلدتها وقصورها فى وجه ابناؤها..واصدرت تعليمات
صارمة بضرب النار اذا ما اقترب احدهم من حدود بلد تها..هذا قانون شهد
الهانم..علقته باحرف
واضحة فى مدخل البلدة..لا ابناء لى ..فقط اعداء

ماتت يوماً بعد يوم دون ربيبتها التى احبتها..انزوت
فى عالمها بعد ان انتقمت من
كل النسوة اللاتى دفن بدر ..وتأكدت من تشرد
اولاد بدر الستة وابنتها فى
شتى الارض
عاشت بعدها عشرون عاماً لم تمنح اولادها مليما
واحداً ..كانت تجوب الطرقات بخيولها ورجالها كل
صباح لعلها تجد زرد اخرى تبثها لوعتها..ومن سخرية
القدر انه فى السنة التى ماتت فيها شهد الهانم قامت الثورة ولم
يحصل اولادها سوى على الفتات
مى ..مى لماذا تلملمين اشياؤك..ما الذى المك فى
القصة..
حال بدر ام زرد ام حال الهانم
لك سرك انت يا مى
تحملنى الممرضة حملا لمحبسى ..انظر اليها ملياً جديدة
انت هنا

لا تحملين ارث الدم ولا خطيئة الدم ...اضحك فى
خفوت وهى تمضى بى عبر الممر
لذا انت خارج قصتى
خارجها تماماً