عرض مشاركة واحدة
قديم 03-01-2013, 07:54 PM
المشاركة 82
أسرار أحمد
( سارة )
  • غير موجود
افتراضي
ها انا قمت على ادخال تعديلات على النص وتطويره لكنني ما ازال في منتصف الطريق.
==

ذلك الشيء

هناك، بعيدا جدا، في مجرة أخرى من بين ملايين المجرات التي تسبح في هذا الكون الواسع منذ الانفجار الكبير، وعلى بعد 500 مليون سنة ضوئية من كوكب الأرض، كانت الحياة تدب هناك بكل همة ونشاط وعنفوان على ظهر واحد من أجمل الكواكب المسكونة في هذا الكون الفسيح الذي لا يُعرف له حدود.

كان كوكبا ساحرا...اسماه أهله كوكب "نيسان". سطحه أشبة بلوحة فنية أبدعتها ريشة فنان. سهول واسعة غنية بتربتها الخصبة ذات اللون الأحمر القاني. جبال راسية متعددة الارتفاع بعضها شاهق يناطح الساحب، تكسو قممها الثلوج ناصعة البياض على مدار ألأيام. غابات كثيفة بعض أشجارها عالية كأنها تعانق النجوم. انهار عديدة متدفقة تمتاز بشلالاتها التي تخلب الأبصار. ينابيع حارة متفجرة، وأخرى تنساب مياهً باردة عذبه رقراقة. مراعي خضراء على امتداد البصر، وأشجار مثمرة، وأزهار بألوان الطيف بل هي أجمل من ذلك بكثير.

أما ابرز ما كان يميز ذلك الكوكب الصغير فهو النهر الأزرق المتعرج الكبير، الذي كان يمتد من الشمال إلى الجنوب ويكاد يقسم الكوكب إلى نصفين متساويين، شرقي وغربي ..وهو ما سهل على أعظم ملوك كوكب نيسان تقسيم مملكته إلى مملكتين يفصل بينهما ذلك النهر العظيم، عندما أحس بدون اجله.
كان ذلك منذ ألف، ألف عام أو يزيد، حينما جمع الملك العظيم حاشيته ووزراؤه، وجلس إلى يساره ابنه البكر ضرغام، وكان عندها طفلا في سن العاشرة، بينما جلس ابنه الأصغر، سلام، ابن الثالثة إلى يمينه.

وعندما ظهر أن المرض قد اشتد على الملك، واقترب الأجل المحتوم، أنصت الجميع ولم يكن احد يتحدث إلا همسا، بينما تحدث الملك بصوت مرتجف اختلط بأنين مسموع، وكان صوته متقطعا غير مفهوم من شدة الألم...

كان جليا للجميع بأن الملك أراد أن يقول شيئا مهما، بل شيئا مهولا، قبل أن يلفظ آخر أنفاسه، وكأنه كان يحتفظ في أعماق صدره بسر عظيم، أراد أن ينقله لأبنائه الأمراء الذين سيحكمون الكوكب من بعده، فتعمق صمت الحضور، وأنصت الجميع بمزيد من الاهتمام و الانتباه، وتسمرت عينوهم على تقاسيم وجهه المتألم وحركة شفتيه التي أخذت تتباطأ شيئا فشيا.

كان الملك قد بدأ يقص عليهم حكاية أسطورية كان قد توارثها ملوك ذلك الكوكب عن جدهم الأول، جيلا بعد جيل...وبدا أن في الأسطورة نبؤه وتحذير من خطر داهم، مزلزل، وشديد، قادم من باطن الأرض أو ربما من السماء.

كان الملك قد بدأ يقص على الحضور حكاية ذلك الشيء الذي سيظهر يوما ما، وسيؤدي ربما إلى تدمير الكوكب وانتهاء الحياة عليه، ولكن القدر عاجله، ولفظ أنفاسه الأخيرة دون أن يكمل حديثه...

استشعر الحضور ما أراد الملك أن يقول، وتمنوا لو انه افحص في الحديث، لكنه مات ودفن سر ذلك الشيء معه، بينما خطر ذلك الشيء والخشية منه ظلا ماثلين في قلوب وعقول سكان ذلك الكوكب منذ ذلك التاريخ.

في اليوم التالي نصب سكان الكوكب أبناؤه الأمراء الأيتام، الكبير ضرغام ملكا على المملكة الغربية، والصغير سلام ملكا على المملكة الشرقية.

وعملا بالعرف المعمول به هناك، تشكلت مجالس للحكم في كل مملكة، أشرفت على تعليم وتدريب الملوك الصغار، خصصت لهم أفضل المدرسيين والمدربين في كل المجالات والميادين.

ومع مرور الأيام اصحب ضرغام فارسا قويا، وقائدا كرزميا، وخطيبا مفوها، يعشق المغامرة ، يعشق العلوم ويميل إلى الحروب. أما أخاه الأمير سلام فقد أصبح هو أيضا قائدا فذا كرزميا، ينطق بالحكمة على صغر سنه، لكنه اظهر شغفا بالطبيعة وحب الأدب وقول الشعر، وكان يطغى عليه روح الفنان.

وما أن تولى ضرغام الحكم ورغم انشغاله في أمور مملكته وأعباء الحكم، لكن اهتمامه الأول انصب وتمحور حول معرفة ذلك الشيء الذي يهدد الحياة على الكوكب ودفن سره بموت والده.

فبادر إلى جمع قادة جيوشه وشكل مجلسا من العلماء والخبراء، وطلب منهم أن يشيروا عليه؟! فتداول الحشد الأمر لأيام وأيام، وأخيرا أشاروا عليه ببناء جيش عظيم، وتوفير السلاح له، والاستعداد للحرب، وفي نفس الوقت بناء فلك طائر عظيم، حتى إذا ما اقترب خطر ذلك الشيء حاربوه إن كانوا على ذلك قادرين، وان تبين انه لا قبل لهم على حربه، وأصبح خطر انهيار كوكبهم ماثلا، والدمار محتوم ركبوا فلكهم وطاروا هاربين وإلى كوكب آخر..فاريين.

وهكذا اصدر الملك ضرغام ملك المملكة الغربية أوامره بتسخير كل مصادر مملكته للاستعداد لليوم الموعود...وبينما اهتم قادة الجيوش بالاستعداد للحرب وتوفير السلاح، ركز العلماء على بناء ذلك الفلك الطائر العظيم...

وأصبح جميع سكان المملكة الغربية كبيرهم وصغيرهم، يعملون ليلا نهار، يبنون المصانع، و يسخرون كل إمكاناتهم وموجداتهم للمجهود الحربي، وبناء ذلك الفلك الطائر العظيم لعله يكون خلاصهم إذا ما فشلوا في هزيمة ذلك الشيء الموعود.

وفي سبيل تحقيق غايتهم المنشودة، أهمل سكان المملكة الغربية الأرض، عزفوا عن الزراعة والأشجار، واقبلوا بنهم على بناء المصانع والعمل في التصنيع، وتحولت أنهارهم إلى مكبات للنفايات، القوا فيها مخلفات مصانعهم السامة، فتحولت الحدائق الغناء ارض جرداء.

تلوث المكان بمخلفات مصانعهم، حتى أنهم لم يعودا قادرين على الشرب من مياه أنهارهم، وتراكمت سحب الدخان الأسود في سماء المملكة وامتدت إلى خارج حدودها بكثير، وأصبحت الغيوم مع الأيام تمطر مطرا اسودا يحرق الأشجار والمزروعات. وهبت على المملكة عواصف وأعاصير تدمر في طريقها كل شيء، لم يكن الكوكب قد عرفها من قبل.

كادت ينابيعهم تجف، وأصبحت شمسهم تختفي خلف تلك الغيوم لساعات طوال، تسود فيها العتمة والظلام في عز الظهر. استفحلت فيهم الأمراض، ولم يعد الناس يلحظون جمال أرضهم وسحر طبيعتهم، ولم يعد احد ينتظر لحظات الغروب.

في تلك الأثناء لم يكن اهتمام الملك الشاب سلام، ملك المملكة الشرقية، بشأن ذلك الشيء، أقل من اهتمام أخاه ضرغام
نحن بانتظار:D