عرض مشاركة واحدة
قديم 03-19-2014, 09:55 PM
المشاركة 48
أحمد الورّاق
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي

ملا حظات أولية :


جاء في ردكم ما يلي : أرجو مراجعة كلامي مرة أخرى، وآية {اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً} ترددت أكثر من مرة في القرآن،

أستاذي العزيز لا يكفي أن تقول أن هذه الآية ترددت كثيرا في القرآن ليكون الأمر كذلك ، بل شيء من التمحيص أفيد ، فدلني عليها في موضع آخر غير الذي ذكرت لك .
هناك أكثر من موضع مثل قوله تعالى: {اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} {اعبدوني ولا تشركوا بي شيئاً} وكل موضع يجتمع فيه العبادة ورفض الشرك في القرآن تكون العبادة مسبقة على النهي عن الشرك، وهذا هو منهج القرآن وعلينا أن نتبعه، وبالتالي النظر إلى تحقيق العبودية الكاملة أولاً وأن تكون الحياة كلها لله وليس فقط النسك ثم نفي وإبعاد أي شرك ثانياً، لا أن يكون المهم هو نفي الشرك مع الاقتصار على النسك فقط.


نحن هنا نتحرى الإفادة للجميع إضافة إلى أنك هنا ذكرت شيئا غريبا جدا أن العبادة أولى من التوحيد ، وهذه مسألة لا يمكن تجاوزها ببساطة و ليست حتى قضية فلسفية ، بل مسألة يقينية لا غبار عليها ، فكيف تكون هناك عبادة بلا توحيد .
من الذي قال أن هناك عبادة بلا توحيد؟؟ هل أنا قلت؟ هذه زيادة من عندك وترجمة خاطئة لكلام غيرك تفتقر إلى التثبت، أنا أقول ما قاله الله، فالله قدم العبادة على التوحيد ولم يلغ التوحيد بل ثنى به بعد العبادة في كل موضع، فأرجو أن تنتبه ولا تقوّل غيرك ما لم يقله، لأن هذا يدخل في الظلم، والله توعد الظالمين وقد قال تعالى {وقد خاب من حمل ظلماً} فالله أمرنا بالتثبت حتى في النقل عن الآخرين وترجمة كلامهم والإخبار عنهم، أنت فهمت خطأ وعبرت عنه خطأ، وقلت أن العبادة بلا توحيد، فحسبت أني أقول أن هناك عبادة بلا توحيد!

فعد إلى الحق يا رعاك الله والعود أحمد والتثبت أفضل وأليق بالمؤمن بل هو واجب المؤمن الذي يخاف الله، ثم إن الآيات قدمت العبادة على التوحيد وليس أنا فإذا كان عندك اعتراض فاعترض على كلام الله، إذا كان كلام الله غريباً فكيف تسمي غريباً ما ذكر في القرآن؟! ولا أظنك ممن هجر كتاب الله إن شاء الله، بل الغريب هو ما خالف القرآن، هكذا يجب أن تكون نظرتنا للغرابة والألفة، ولا نأخذها من المجتمع والإعلام بل من كلام ربنا، فنحن عباد الله ولسنا عبيداً لغيره، وهذا كلام الله نصاً محفوظاً وعلينا أن نتدبره أي نسير دبره وليس أمامه ولا يمينه ولا شماله ولا نغيره ونؤوله ولا نعطله ولا ننتقي منه، هذا معنى التدبر، والله سماه إماماً لنا، والإمام يتبع ويبيِّن لا أن يبيَّن، ولا شيء يبين الحق من الباطل إلا كلام الله وما والاه.


وسأعزز هذه الآية الكريمة من سورة النساء بآية قريبة منها ، فالأولى تحدث المسلمين المؤمنين بالله أصلا ربا واحدا وقلت أنها مجرد تذكير لهم وتوكيد و ترسيخ لإخلاص العبادة لله الواحد الأحد .

قال الله تعالى : " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ " آل عمران (64) -
لاحظ أستاذي الكريم هنا أن الآية تخاطب أهل الكتاب الذين يؤمنون بوجود الله بل يدعون أنهم يخلصون له العبادة و لكن ذلك لا يكفي من غير توحيد ، فهناك كلمة سواء هنا هي عبادة الله بين المسلمين و أهل الكتاب لكن لا تساوي شيئا من غير توحيد ، " ولا نشرك به شيئا " مكررة مرة أخرى ، ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله ، فإن تولى هؤلاء والله يعلم أنهم لا يقبلون ، فقولوا أيها المسلمون : إننا نوحد الله و نخلص له العبادة .

حتى هذه الآية تثبت أن العبادة مقدمة على التوحيد {ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً} ولا حظ أن كلمة "نعبد" ذكرت أولاً ثم "لا نشرك به شيئاً" ذكرت ثانياً.

كما ورد في ردكم أستاذي : قصدي أن التركيز على عبادة الله ألزم من التركيز على عدم الإشراك، وهذا هو منهج القرآن وهذا هو المنطق، بينما الحاصل الآن هو التركيز على عدم الإشراك الذي يسمى التوحيد ثم العبادة
يا أستاذي الكريم ، هذا عذر أكبر من الزلة ، فعندما قلت لكم أن الإيمان توحيد ربوبية وتوحيد ألوهية لا يتم أحدهما إلا بالآخر ، فقد عززت بآيات من كتاب الله لا غبار عليها وتأتي أنت بآية تكرهها على قول يا يوجد في عقلك ، أو فقط لتعاكس ما يقوله المفسرون أو لست أدري لماذا ، لعلمك أخي الكريم أن لا مشكلة لي معي الأخلاق و سأدرج إن شاء الله العديد من الآيات الكريمة و الأحاديث النبوية الشريفة التي تحض على الأخلاق أكثر مما أدرجت إلى الآن ، و لكن لا تحاول لي النصوص و القفز على ما يعززها فقط لتتميز ، فرحمة ربنا خير من كل التميزات .
أنت تحاول تصنيف دوافعي من سيء إلى أسوأ مبتعداً عن فكرة إحسان الظن التي أمرك الله بها، ولم تقل مرة ولو على سبيل الاحتمال أنني أبحث عن الحق وأتدبر القرآن، فهذا يصلح أن يكون دافعاً لي، أم أنه يصلح لك فقط؟ أنا لم ألوي النصوص بل ذكرت لك كل النصوص ، وذكرت أنه لم تذكر في القرآن العبادة إلا مقدمة على نفي الشرك، فهل أنا ألوي كل النصوص والتوت كلها معي؟! هل تؤيد كلامي؟!
اتق الله يا أخي فهذا كلام الله وليس كلامي، أثبت لي من القرآن أنها ذكرت مقدمة حتى يكون اعتراضك صحيحاً.

هل أنا لويت القرآن كله حتى أتميز أمامك وأنت لا تعرفني ولا أعرفك؟! أتميز بماذا؟ وما هي الجائزة التي سوف أحصل عليها غير الانتقاد وإساءة الظن، لكني أحتسب هذا كله عند الله وأعفو عمن ظلمني لأنني أريد أن يعفو الله عني {وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم} بلى وربي نحب، هذا ما وجدته في القرآن فإن كنت مخطئاً فرد علي من القرآن وليس بكلمة "غريب" فهي ليست رداً مقنعاً، فليس كل غريب باطل ولا كل مألوف صحيح.


ورد في ردكم :
بشهادة القرآن فأول ركن هو العبادة، قال تعالى {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً} فهل أنت تعلم الإسلام أكثر من القرآن؟! العبادة أولاً ثم التوحيد، أي توحيد العبادة.

يا أخي الكريم : أنا لا أدعي العلم و لا أنفي على نفسي التعلم ، فهذا بشهادة الله الذي لا إله إلا هو فالإسلام بني على خمس كما في حديث جبريل أولها أشهد أن لا إله إلا الله . "
و أعلم علم اليقين أن الإنسان ما خلق إلا ليعبد الله وحده . ولا تتم العبادة إلا بالتوحيد ، أي الإيمان بالله الذي لا إله إلا هو .

التعبير الأدق أن العبادة تفسد إذا فقد التوحيد كما قال تعالى {ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون} أي والعمل هو العبادة، وليس أن العبادة لا تتم إلا بالتوحيد –كما تقول- فتكون ناقصة، وما لم يتم فهو ناقص، لكن الله أخبرنا أن العبادة تحبط كلها ةوليس فقط تنقص. فالمشركون يعبدون الأصنام، أي أن العبادة موجودة لكنهم أشركوا بها مع الله، وكل شيء يعمل باسم الله والهدف غيره فهو يحبط، والشرك قد يكون كلي وقد يكون جزئي، فإذا صليت مخلصاً لله فهذا العمل لم تشرك به، لكن إذا قمت بالاهتمام بطفل يتيم كي يرى إخلاصك وتظهر في الإعلام فهذا العمل محبط، لأن الله أمر به ولكن أُشرك به غيره، وكل عمل يشرك به مع الله يحبطه الله ولا يقبله، لأنه هكذا صار المشرك به مع الله هو الأهم من الله عند الفاعل، مع أن الله هو الأول والآخر، كما قال تعالى عن المشركين {فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَائِهِمْ ۗ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}، أي أنه حكم ظالم، بما أن الله لا يستطيع أحد أن يظلمه فمن هنا فهم ظلموا أنفسهم، كما قال تعالى {إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم} ومن هنا سمى الله الشرك ظلماً، كما قال تعالى عنهم أيضاً {تلك إذاً قسمة ضيزى}، والله عادل يقبل ما قصد به وجهه ويرد ويحبط ما لم يقصد به وجهه أو أشرك معه غيره ولو بالنية.


ورد في ردكم : كيف يكون مسلماً بلا فضيلة؟ هذا ما تريد أن تصل إليه أن يكون مسلماً بلا فضيلة، فانظر لصفات المؤمنين في القرآن كلها أخلاقية، هذا ما تريد أن تصل إليه أن يكون مسلماً بلا فضيلة، فانظر لصفات المؤمنين في القرآن كلها أخلاقية"


يا سبحان الله ، أوتظن المسلمين ملائكة يا أخي الكريم ، لا يخطؤون ، هل هذا يعني أن كل من ارتكب خطأ يخرج عن دائرة الإسلام ، ما هذه المثالية ،
الله أراد المثالية وليس أنا، أنت تريد إسلاماً بلا مثالية، تريد أن تجعل الخطأ هو الأساس والصواب هو الطارئ، ولا أقول أن هذه هي نيتك، ولكنه مؤدى الكلام الذي تقوله، ولا شك أنك أفضل من هذا الكلام وعندك كلام أحسن منه.

لم لا ننظر أن الفضيلة أساس والخطأ شذوذ عنها يصلح بالتوبة، ألم تر قوله تعالى {كنتم خير أمة أخرجت للناس} وخير أفعل تفضيل أصلها (أخير)، بل في كل موضع يطالبنا الله بالأفضل، وأفعل التفضيل متكرر بخطاب المؤمنين والطلب منهم، كما قال تعالى {الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} وقال {اتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم} وأحسن يعني أفضل، كما قال تعالى {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم} وأقوم يعني أفضل وأكثر استقامة، كما قال تعالى {وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً} ، أي أن الله طلب المثالية وليس أنا، ولماذا لا نطلب المثالية والله لا يؤاخذ المخطئ والناسي لكن يؤاخذ القاصد، ليكن نقص المثالية عندنا في الخطأ والنسيان لا أن يكون في المبادئ والأفكار والنيات، ألست تطلب من ولدك أن يكون الأفضل ويحصل على الدرجات الكاملة؟ لماذا تطالبه بالمثالية في الدرجات ولا تطالبه بالمثالية في الأخلاق؟! أليس كل صاحب عمل يريد أن يكون هو الأقوى والأغنى في السوق وتعتبر هذا حق له ومنطقي وممكن الوصول إليه بالجد والاجتهاد، لماذا لا نحارب المثالية في الطمع والمادية وإنما نمنعها في الأخلاق والفضائل وندعي عدم إمكانية الوصول إليها؟! بينما في الماديات والمطامع نتكلم عن إمكانية تحقيق الطموحات والمآرب الاجتماعية والمادية ونقول لهم لا يوجد مستحيل ونقول لهم:
من طلب العلا سهر الليالي...

إن هذا ليس مبدأ خير أمة أخرجت للناس أن نطلب المثالية في المأكل والمشرب والوظيفة والمسكن والمركب وليس في الأخلاق والفضائل بحجة عدم الوصول إليها بالشكل الكامل مئة بالمئة، يا أخي الاقتراب منها بحد ذاته نعمة، وعندما تطلب من ابنك الدرجة الكاملة لماذا لا تقل له أن الإنسان ناقص، المفروض أن يقبل بدرجو مقبول أو جيد ولا تطالبه بمثالية الدرجات، مع أن حق الله أولى من هذه الدنيا الفانية. وهذا ما تطمحه لولدك ليس شرطاً أن يأتي بمئة بالمئة ولكن أن يحصل على الامتياز لكن في مجال المصلحة، لأن الدراسة تحدد الوظيفة والدخل والمكانة الاجتماعية، أليس أمر ربنا أولى أن نطبق معه هذا المبدأ؟ ونحاول أن نكون مثاليين في أخلاقنا واستماعنا وتبنينا للمواقف والأفكار، طلب الأفضل واجب شرعي.

وما دمنا نطلب الأفضل والأنظف والألذ في المأكل فلماذا لا نطلبه في السلوك؟! ولم يقل أحد أنه من لم يكن كاملاً مئة بالمئة فهو كافر! كذلك لم يقل على من لم يحصل على درجات المئة الكاملة في الشهادة الثانوية أنه تلميذ بليد وفاشل، كيف نريد المثالية للدنيا ولا نريدها فيما يتعلق بالآخرة ونقر بإمكانيتها في الدنيا ولا نقر بإمكانيتها للآخرة؟؟! وإذا كانت غير ممكنة فلماذا يطالبنا الله بها {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} فهي من الوسع، كذلك في أمور الدنيا لا يوجد نجاح مئة بالمئة ومع ذلك يسعى الجميع إليه.
و الله طلب منا أن تكون حياتنا للآخرة وليس للدنيا، مع أن الله قال {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة} وليس العكس أن نبتغي فيما آتانا الله الدنيا وملذاتها ونترك الآخرة.


أولا يعلم الله أن الإنسان بضعفه خطاء ، فلماذا وضعت التوبة و شرعت الحدود ، و لماذا يحب الله التوابين ، و كيف للإنسان أن لا يخطئ ، وأن لا ينسى وأن لا يأخذه السهو و الغفلة وأن لايقع في المحرمات لظرف من الظروف ، ألم يجعل الله كفارات لكل الذنوب والمعاصي ، أليس باب التوبة مفتوحا إلا لمن أراد التمادي في الغي و الكفر والفجور ، أأنت أعلم من الله بعباده و تخرج من تشاء من الدين فقط لأنه أخطأ .

والآن وقعنا في ظلم آخر، فتجعلني أُخرج من ليس كاملاً مئة بالمئة من الإسلام نهائياً بلا عودة، فرية جديدة غير فرية التميز السابقة! أين أدلتك ومستنداتك؟ أم أن التهم توزع بالمجان من شدة التثبت وما ينجح منها ينجح وإلا لم تخسر شيئاً، أنا لم أخرج أحداً عن الإسلام، ولماذا كل هذا الموقف المتشدد في قبول فكرة الأخلاق؟ إما مئة بالمئة وإلا فلا، أنت من يقول هذا وليس أنا، بالنسبة للأخلاق إما أن تأتي مئة بالمئة وإلا فلا يمكن تطبيقها.. هذا تفكيرك وليس تفكيري.

أما الكفارات والحدود فليست هي الأساس، افرض أن الناس صلحوا فحينها لن يوجد جلد ولا قطع يد...ألخ فماذا تفعل، متخيلاً أن الإسلام لا يكمل إلا بوجود الكفارات والحدود حتى لو صلح الناس ولم يسرق أحد ولم يزني أحد، هذه الحدود والكفارات حلول للطوارئ والشذوذ عن القاعدة، وإلا فالأساس أن كل مسلم يطيع ربه ويجتنب ما نهاه عنه، لا تجعل من الشذوذ قاعدة، والشيء القاعدة يستمر في كل الظروف بينما الحدود لا تستمر بكل الظروف خصوصاً إذا صلح الناس فلن توجد، فكيف تكون هي أساس الدين مع إمكانية ألا توجد أبداً؟! إذن التشريعات ليست هي أساس الدين بل هي للشذوذ عن أوامر الدين، فعقوبات المرور ليست هي المرور بل للشاذين عن أنظمة المرور ، ولو لم يشذ أحد فلن يوجد شيء اسمه مخالفات مرورية، والعقوبات دائماً فرع وليست أصل.


هذه رؤية خاطئة أخي الفاضل ، فالله أنبأنا أنه لو لم يخطئ الناس لأتى الله بخلق آخرين يخطؤون ويطلبون المغفرة فيغفر لهم ، كما أن أنبأنا أن كل ابن آدم خطاء و خير الخطائين التوابون ، أم أنك تؤمن بالعصمة لمن لم يعصمه الله من الأخطاء .
أنت الآن صورت أن الله يريد الخطأ ويحبه بينما الله لا يحب الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم، فالله يريد لنا الخير والتقوى ولا يريد لنا أن نخطئ ولا يحب أن يعاقبنا، إذن لأحب إبليس لأنه يريد الخطأ فهو أكثر المخلوقات خطأ، والخطأ ما هو؟ هو الإثم والكفر والفسق والظلم والفساد...الخ، وكلها أخبر الله في كتابه أنه لا يحبها فهو لا يحب المفسدين ولا المعتدين ولا الظالمين، والإنسان التواب هو إنسان مثالي، فالله مدح أنبياءه ووصفهم بأنهم أوابين وتوابين ، والتواب صيغة مبالغة من كثرة الرجوع إلى الله، وكثرة الرجوع إلى الله تدل على الوقوع في الأخطاء، لكنها أخطاء غير مقصودة بذاتها، لأن التوبة رجوع من خطأ، ولم يعبهم هذا بل صاروا مثاليين في توبتهم وسرعة توبتهم، وما الصواب أصلاً إلا في تلافي الأخطاء والرجوع عنها، مثل المسافر ومعه خريطة يصحح بها مساره.

وهذه هي المثالية بالرجوع عن كل خطأ والاعتراف بكل مجانبة للصواب، وليست المثالية ألا تخطئ أًصلاً فهذا مما لا يطيقه البشر ولا يمكن أن يكون أصلاً ولم يطالبنا الله به، والأنبياء بشر، هذه هي المثالية التي تناسب الإنسان، مثالية المبادئ والقيم والنية للأصوب والأفضل هي التي يجب ألا يكون فيها انحراف وليس مثالية التطبيق، ومثالية الإنسان غير مثالية الملائكة، فالملائكة ليسوا بشراً يعيشون على الأرض، إذن مثاليتهم لهم ومثالية الإنسان للإنسان، يجب التفريق بين المثاليتين.

والله وصف بالتوبة أنبياءه لأنهم يتعرضون للخطأ، ليست المثالية ألا تخطئ أبداً وأصلاً كما تظن، فالمثالية أن ترجع إذا عرفت أنك مخطئ وتبحث عن الأقوم كما قال تعالى {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم} ، إذن القرآن يدعو للمثالية وفق القدرات البشرية والاستطاعة كما قال تعالى {اتقوا الله ما استطعتم}.

أليس يردد المسلم {اهدنا الصراط المستقيم} فالمسلم يبحث عن الصواب طول حياته، وهذا الذي أتكلم عنه، أما عن العصمة التي تحاول إلصاقها بشكل أو بآخر كورقة ثالثة فأنا أبعد عن التفكير فيها لأنه لا يوجد معصوم أصلاً من الخطأ لا نبي ولا غيره لأن الله تعالى قال {والله يعصمك من الناس} أي يعصمك من أن ينالوك بسوء يوقف إيصال الرسالة، وقيلت بعد الأمر بتبليغ الرسالة جهراً، وفعلاً عصمه الله ومات على فراشه رغم كثرة أعدائه.

وليتك تنشغل بفهم الآيات أكثر من فهم مقاصدي فكان أجدى بالموضوع ، فكلام الله أولى من كلامي، فما أنا إلا متدبر للآيات وأريد المشي وراءها إن أخطأت أو أصبت وما توفيقي إلا بالله، وكلام ربك أولى بالاهتمام من كلامي أو كلام غيري، وهو الذي علينا أن نفهمه ونفهم مقاصده.


ما قولك في الذي قتل من الناس الكثير و أراد التوبة وجاء واحدا من هؤلاء الذين يسدون باب التوبة و يعتبرون الفضيلة في الحلقة الأقوى فقتله ، و وجد واحدا من أهل العلم فدله على الرحيل لعل الله يقبل توبته ، فهاجر إلى الله فوجده غافرا للذنب قابلا للتوب .

قد يخيل إليك أنني هنا أدعو إلى المعصية و أعوذ بالله من هذا ، و لكن دين الله وضع لنا خريطة الطريق ، لا يزيغ عنها إلا هالك . فالإيمان بالله وحده هو الذي يدلك على هذا السبيل ، إيمان لا تشوبه شائبة أبدا عقيدة صلبة لا تزعزعها كل تلك الالتواءات ، فمن عرف الله عرف الطريق السليم ، فالصلاة كلها تكبير تقول الله أكبر ، أكبر من كل ما يوجد في عقلك أخي الكريم و عقول كل الناس جميعا ، فمن أنت ومن أنا ومن هم هؤلاء كلهم يريدون أن يعلموا الله الأخلاق ، و يتهمون المسلمين بالكفر ظلما وعدوانا .

هذا كلام إنشائي خالي من أي تثبت, يلقى على عواهنة على شكل كليشة جاهزة لكل من اختلف مع أفكارك وتحسبه هين عند الله أن تقوّل الناس مالم يقولوا, بحجة أنك تدافع عن دين الله مع أن دين الله هو كما قال الله {اعدلوا هو أقرب للتقوى} وهو الذي أمرك بالتثبت, وليس وحدك من يهمه دين الله أنا أيضا يهمني دين الله وكل مسلم ولا يهمني أن يكفَّر مسلم أبدا فباب التوبة مفتوح.

أنت جعلتني أعلم الله الأخلاق, كيف ومتى وأين؟! بل كيف وصل عقلك إلى هذا المعنى حتى يسوغ كتهمة؟! وجعلتني أكفر كل إنسان عنده نقص في الأخلاق, لست أخطئه بل أكفره! هل أنت تفهم من كلام الناس ما تحب أن تفهمه؟! ولا أدري لماذا لا تخاف من الله وأنت توزع الظنون السيئة والتهم بدون أي إثبات, وكأن المبدأ: من خالف أفكاري لي الحق أن أتهمه بما أشاء وبلا دليل وأرمي في وجهه كل مافي الجعبة! أثبت! هل الإسلام يأمر بهذا أم أنه يأمر بأن نعدل حتى مع وجود الشنآن وهو البغض؟

إذا أُسقِط بيدك فلا تلجأ إلى رمي التهم على الناس لأن هذا الأسلوب يسمى الهروب إلى الأمام ويؤدي إلى الشخصنة والافتراء على الغير, والله نهى عن افتراء الكذب وأمر بالتثبت. وأنا أكرر عليك أوامر الله وكأن الأمر لا يعنيك وتعتبرها أوامري أنا! في الوقت الذي تدافع عن دين الله! هذا عجيب!

المفترض ألا تسوق أي تهمة حتى تقدم أدلتها الواضحة وليس التي تتخيلها. إذا أنا قلت كل نقص في الأخلاق يعني كفر حينها لك أن تدينني, لك أن تفترضها من خيالك وتنسبها لي فهذا خريجك عن دائرة التثبت ومراعاة حقوق الآخرين والعدل والإنصاف الذي أمرك به دينك, ولا يجعلك ثقة في نقل الأخبار. أنت تردد عبارات التكفير التي تقولها من عندك مع أن كلامي أمامك ابحث فيه أنت وغيرك عن عبارة تكفير واحدة! اختلاق الكذب حرام حتى مع من تكره. وهل إذا قلت حرام تفهمها أنت أنها تكفير؟! وهل ستقول أنني أنا الذي حرمت افتراء الكذب وليس الله وألوي أعناق النصوص لكي أثبت أن الكذب حرام؟! أين الحكمة؟ أين التثبت؟ وأين إحسان الظن بالمسلمين؟ كلها راحت في سياق "حبك" للدين؟! الذي أردد عليك أوامره ونصوصه ولا تهمك!

أنت تركت الموضوع وانشغلت بمقاصدي! تفترض أن لي مقاصد سيئة تريد أن تكتشفها بظنونك وتركت الفكرة وتركت الموضوع! وأوجهك لآيات القرآن وتعود إلي ومقاصدي المفترضة مصرا على ظنونك السيئة والتي بلا دليل! لماذا؟ ألست تقول أن الفائدة للجميع ونريد أن نستفيد شيء؟ أنا لم أتهمك ولا اتهام واحد حتى الآن مع أنني أستطيع, لكن لأنني لا أثق بالظنون السيئة والاتهامات ولا أجزم أنها حقيقة فيك وأكبِرك عنها, فلماذا لا ندع الناس ونياتهم وننظر إلى ما يقولون : هل هو حق أم باطل؟ وإن كان باطل نثبت كيف هو باطل دون الكلام في نياتهم, لأن الجميع يستطيع أن يتهم نيات الآخرين لست وحدك الذي تستطيع أن تتهم النيات, وهذا من أدبيات الحوار التي لا تخفى عليك.

من يلجأ لمثل هذا الأسلوب سوف يشَك بضعف حجته لأنه لجأ إلى الشخص وترك الموضوع, و سوف يُشَك في تثبته في النقل و في صف للآخرين و في تلخيصه لما يقرأ. وباب الظنون واسع مفتوح لا نهاية له والله حذرنا منه فكيف نأتي ما حذرنا منه دون أن نخاف من الله؟! والظن لا يغني عن الحق شيئا, وبئست الأحكام المبنية على ظنون وافتراضات بلا أدلة, والظنون أيسر الطرق إلى الظلم.


كيف يكون مسلماً بلا فضيلة؟ تمنيت لو ابتعدت عن هذا السؤال لأنه يجر الموضوع إلى شيء آخر ، وإذا نفيت الإسلام عن كل من قام بمعصية فهذا ظلم عظيم .

فرق بين من قام بمعصية وبين من هو بلا فضيلة! لا تلبس الأمور!


ورد في ردكم : الإسلام كله اختياري وليس فقط حب الرسول! هل أسلمت أنت مجبراً أم باختيارك؟ دعنا من حب الرسول الآن، فإن قلت إجبارياً فهذه كارثة وعليك أن تسلِم من جديد مختاراً فالله يقول {لا إكراه في الدين}.

يا سبحان الله تخير من شئت و تخرج من الملة من شئت ، قلت لك يا سيدي عندما تعلن إسلامك ، أي أنت مسلم ، شهدت أن لا إله إلا الله وشهدت للنبي برسالة الإسلام ، فلست مخيرا إطلاقا في حب الرسول لأنه من العقيدة ، أما من اختار الكفر فأصلا لا يعنيه الإسلام في شيء و من لا يعنيه الإسلام فلا يعنيه رسول الإسلام عليه أفضل الصلوات وأزكى السلام .
طيب ما الذي جعلك تختار الإسلام وتعلن دخولك فيه؟ هل ستختار الإسلام وتدخل فيه دون أن تفهمه؟! لا يمكن! دون أن تعرف أنه هو الأفضل؟ لا يمكن! هل تختار دينا دون أن تحب رسوله؟ وهل ستحبه هكذا لأنه رسول؟ أو لأنك عرفت ميزاته ؟ وما هي ميزاته؟ أليست أخلاقية؟ أليس صادقا أمينا والصدق أخلاق؟ ألست الأخلاق خير وهو يدعو إلى الخير؟ أليس يدعو للبر والتقوى؟ أليس البر أخلاق وخير؟ هل أنا ألف وأدور؟ أم أن الأمر واضح؟

ثم كيف أخرج من أشاء وأدخل من أشاء في رحمتي وأخير من شاء؟! من أنا؟! ولماذا أنت مشغول بي وتعطيني أكبر من حجمي؟! أنا إنسان يبحث عن بصيرة ليعبد الله فقط من خلال كلام الله وما والاه لأنه يعلم أنه محاسَب والذي يحاسبه بعلم السر وأخفى, فالآخرة أهم من الدنيا والأهم يحتاج التبصر ولا يكفي مجرد تقليد من حولنا كما نقلد في الملبس والمأكل, لن ينفعني أحد يوم الحساب ولن يكون معي مجتمع يدافع عني. سوف يحاسَب كل إنسان في موضوع التبصر: هل كان يستطيعه ولماذا لم يفعله؟ بينما يفعله في الأمور التي تهمه كالعلاج والمكسب ولا يكتفي فيه بالتقليد والثقة. ورسول الله قال (لا يكن أحدكم إمعة).

لماذا لا تنشغل بالأفكار؟ الله الذي خير وليس أنا, لماذا تقول أنني أنا الذي أخير ولا تقول أن الله الذي يخير وكلامه أمامك في آيات كثيرة؟ ألا يعبر القرآن عن الله؟! كلما أذكر كلاما الله نسبت فكرته لي ولعقلي! أنت بهذه الحالة تقع في رفض مضامين قرآنية من حيث لا تدري من خلال نسبتك مضمونها لعقلي أنا حتى تخلص نفسك من الصدام مع الآية. الله يقول بالنص : {من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} هذا التخيير تنسبه لي وتجعلني أنا الذي أخير ولا تعرج على الآية! وتحسب أنك انتهيت من الموضوع, لكن ماذا تفعل في قول الله؟ دعك مني ومن عقلي التافه. أليس في هذه الآية تخيير للناس وعليهم تحمل العاقبة من الله؟ أنت تصطدم مع الآيات فتتجه إلى ذاكرها والمستشهد بها وتتهمه أنها يلوي عنق الآيات بينما هي صريحة أمامك! لأنك لا تريد أن تقول أن الآية خطأ لأنها تخالف بعض أفكارك فتضع اللوم على من استشهد بها! ولا يحميه عندك أنه يقف وراء الآية ستقول أنه يفهم الآية كما يريد! وكأن كلام الله لا يحمي! مع أن كلام الله هو الفصل وهو الحكم في كل ما اختُلف فيه, وكلام الله واضح مبين.

الدين الحق يؤخذ بالبصيرة وليس بالوراثة وتقليد المجتمع دون بصيرة, المسلم مطالب أن يعبد لله على بصيرة وليس على وراثة فقط, بحيث لو كان ولد في أي بلد كان عقيدته من عقيدة أهل ذلك البلد! وهذا الفرق بين عقيدة البصيرة وعقيدة الوراثة وبالتالي تدين البصيرة وتدين الوراثة والتقليد.


لديك خلط كبير في بعض الأشياء و تدخل هذه في تلك أم تود تطويل ما يمكن أن يكون قصيرا لكن لا بأس فأنا مؤمن أنه عندما يكون هناك نتيجة خاطئة كإختزال الدين في الأخلاق ، لابد أن الاستدلال خاطئ ولو بدا متسلسلا ، فهناك خطأ منهجي ما و بدأت تظهر تلك الأخطاء تباعا \

أين هي تلك الأخطاء ما دام أنها بدأت تظهر؟! رغم التسلسل الذي حيرك. تريد أن يفهم أن القارئ أنك اكتشفت أخطاء ولما جاء موضع ذكر الأخطاء أوقفت الكلام! هذا أسلوب مناورة ودعاية كي تزعم أن الحق معم والحق لا يقوم بالدعاية بل يقوم لالإثباتات الناصعة وبالترابط الذي تسميه النسلسل, كل حقيقة مترابطة مع الحقائق الأخرى وإلا لن تكون حقيقة.

أما كلمة اختزال الدين في الأخلاق فهذا يعني أن كلمة أخلاق مختزلة وصغيرة في مفهومك, وتحتاج أن تعيد النظر في مفهوم فضيلة أو أخلاق فهو أوسع مما تتصوره يا رعاك الله. بموجب كلامك إذن الرسول اختزل الدين في الأخلاق ووقع في نفس غلطتي! لكن لا تريد أن تصطدم مع اي نص وتريد أن تصطدم معي فقط! فالرسول يقول: (إنما يعثت لأتمم مكارم الأخلاق) أي اختزل الدين في الأخلاق قل أ، هذا الحديث خطأ في معناه لأنه اختوال, لن تقول وتقول أنني أنا الخطأ لأنني الجزء الأضعف في الموضوع! لو قلتُ هذا الحديث خطأ لقلتَ لا, ولو قلتُ أن بعث الله لرسوله لأجل الأخلاق واكتمالها لقلتَ: باطل وافتراء على دين لمقاصد سيئة من ضمنها حب الظهور! مع أن المعنى واحد! فياللعدالة في الأحكام!


ورد في ردكم ما يلي : أنا لم أقل أن الإسلام أخلاق فقط دون عبادات

أحيانا تصيبني الحيرة في تفسيراتك ، قلت أن الدين كله أخلاق يا سيدي و الآن الدين لي كله أخلاق ما هذا الخلط .
قلت لك حتى العبادة نفسها أخلاق وشرحت ذلك بالتفصيل حتى الركوع والسجود, وكأني لم أقل شيئا! إذا تعرف عبادة ليس فيها أخلاق أو ضد الأخلاق قلها لنا حتى ينحسم الموضوع و حينها لا يقال أن الإسلام كله أخلاق تماما كما تقول وسوف أعترف معك ولا جاء الرسول ليتمم مكارم الأخلاق بل جاء لأمور أخرى ليست الأخلاق فقط! ما هي الأمور الأخرى التي لا توصف بأخلاقية أو غير أخلاقية ولا علاقة لها بالأخلاق؟ هل عندك مثال؟ قله واحسم الموضوع لصالحك. و مادمت لم تذكر حتى الآن فلماذا تجادل وتكابر و أنت لا تملك أي دليل يدحض ولم تستطع أن تجيب هل العقيدة أخلاقية أو غير أخلاقية؟ وعدم استطاعتك الجواب هي في صالح فكرة أن الإسلام كله أخلاق: مع الخالق والمخلوقين والمخلوقات, ولكن تختلف الصفة والكيفية, فمن الإسلام ما يصنف كمعتقدات ومنه ما يصنف نسك أو عبادات ومن ما يصنف معاملات ومن ما يصنف تشريعات وعقوبات, والجميع في إطار الفضيلة والخير -ودعنا من كلمة أخلاق مادمت لا تحبها.

لم تستطع أن تفهمنا كيف يكون دين بلا أخلاق, أو عقيدة لا علاقة لها بالأخلاق, ومع ذلك تصر على الجدال! السؤال هو كيف تستطيع أن تستمر في جدال بلا أدلة! لو كنت مكانك لم أستطع ولأقررت بالحق بعد وضوحه ولا أبالي. الآن فكر في ما الذي يمنعك مادمت لم تستطع أن تدحض شيئا ولا عندك دليل ولم تجب بكلمة واحدة هل تصف العقيدة أنها أخلاقية أو غير أخلاقية.

أنت تناقش أمرا عظيما, أنا أريد أن أثبت خيرية الإسلام وأنت تعارضني! هل فكرت في هذا الموضع الذي أنت فيه؟ كأنك تقول أن الإسلام ليس كله خير وأنا أقول الإسلام كله خير وفضيلة و بر ومحاسن أخلاق, وعلى هذا نتجادل! الإسلام كله عبادة لأنه عبودية لله, ومع ذلك ترى أن مقاصدي سيئة بينما مقاصدك حسنة! وأنا من يريد أن يظهر الإسلام أنه كله خير لهذا أصبحت مقاصدي سيئة بينما أنت مقاصدك حاشاها! مع أنك تجادل في الخيرية المطلقة للإسلام! أي تريد أن تثبت أن الإسلام لم يأتي كله لأجل الخير والفضيلة والأخلاق بينما مقاصدك كلها خير! أما مقاصد الإسلام ليس كلها خير! هل يليق هذا يا أخي؟ أن تكون مقاصدك كلها خيرية بينما مقاصد الإسالم ليست كلها خيرية؟ أتدري بهذا أنك جعلت نفك أفصل من الإسلام؟ أم تقول أن لك مقاصد ليست من الخير؟ لماذا لا تعامل الإسلام مثلما تعامل نفسك على الأقل؟ لماذا حصرت مقاصدك في الخير ولم تحصر مقاصد الإسلام في الخير؟ و الخير هو الأخلاق.



ورد في ردكم : " أنا هنا أساير طريقة التفكير السائدة التي تفصل بين الأخلاق والعقيدة، هذا الفصل الخطير.
حلال علينا وحرام عليهم ، تساير طرحا معينا متى شئت و ترجع عنه ماشئت ، هذا ليس من العلمية في شيء .
أساير لأجلك لأن هذا هو الذي تفهمه وتقر به فقط! واضح أنك منشغل بخطئي وصوابي أكثر من خطأ أو صواب الموضوع, وهو موضوع مهم كان الأجدر باهتمامك. كلمة يساير غير كلمة يغير ويتناقض!


ورد في ردكم : " نعم الدين كله عقيدة إذا سايرتني كما وضحت لك

الدين يا أستاذي ليس أن تسايرني أو أسايرك ، فهذه ليست مسألة توافقات ، هذا دين الله ، قبل أن تكتب فيه كلمة يجب أن ترتعش الأصابع خشية أن تهوي بكل أعمالك و إلا قلت الله و رسوله أعلم كما كان يقول كبار الصحابة ، وكان الإمام مالك عليه رضوان الله يقول بكل شجاعة لا أعلم و العلم لله ، وما أوتينا من العلم إلا قليلا ، وما عقلنا إلا بالقاصر عن المعرفة الحقيقية إلا ما علمنا الله في كتابه أو في سنة نبيه الكريم .
لم أر أصابعك ترتعش وأنت تكيل التهم بلا دليل وتعرض عن الآيات الواضحة وتنشغل بتخطئة عبد فقير لا يستحق اهتمامك مقابل الموضوع الواضح الذي يتعلق بكلام ربك, لماذا لم ترتعش وأنت تقول: أنت تخير الناس! بينما الآيات الجلية الواضحة أمامك تخير! تنتقد شيئا قرره القرآن وهو التخيير بين الإيمان والكفر, وتخلص نفسك بنسبته لي متجاهلا الآيات وكأن الله لم يقل شيئا بهذا الخصوص, أين تحكيم كلام الله؟ وأين اتباع النص؟ والآن تحور الكلام على طريقتك المعهودة بأني أريدك أن تساريني في دين الله أو أسايرك في دين الله, تريد أن تجعل من هذه الحبة قبة لتعوض خسارتك في الحوار! و أنا أتكلم عن طريقة الحوار و الكلام وليس مسايرة في الدين, أسايرك أنت في الكلمات التي تعرفها وتفهمها وأبتعد عن الكلمات التي تثير حساسيتك دون تغيير المضمون ولا الموقف, مسايرة في الأسلوب وليس في المضمون. ومع ذلك مادام هذا اتخذته مثلبا لن أسايرك وأستخدم كلماتك التي تفهم بها. الله ذم من يجادل بلا علم ولا كتاب منير واربأ بك أن تكون منهم.


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه ، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ماكان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله بها سخطه إلى يوم يلقاه " من موطأ الإمام مالك "كتاب الكلام" باب ما يؤمر به من التحفظ في الكلام ، و هو حديث صحيح أخرجه البخاري و مسلم عن أبي هريرة .

مع أني أشكرك على الموعظة, لكن لماذا لا تقول هذا الكلام عن نفسك أيضا وتخوف به نفسك وتعظ به نفسك و أنت ترد كلاما يعتمد على كلام الله دون تغيير ولا تأويل؟ لماذا ترده وأنت ليس عندك علم؟ ولماذا لا تقول لا أعلم ما دمت لا تعلم جوابا مقنعا عقلا ولا مستندا على كلام الله استشهادا كما هو واضح من حوارك. وأيضا لماذا لا تخاف من كلمة تهوي بها سبعين خريفا؟ لماذا لا تخاف من رفض الحق بعد أن تبين؟ فالاجتراء بلا علم مخيف والرفض والتثاقل إلى الأرض والجمود بلا علم مخيف أيضا, السلبية ليست دائما آمنة. هل الخوف على غيرك وأنت لا خوف عليك؟ ألا تخاف من كلمة واحدة فقط قلتها، كلمة "أنت تخير الناس " وتنسبها لي بينما الله قالها في آيات عديدة صريحة وواضحة, وتنتقدها أيضا! ألا تخاف من نقدك كلام الله من خلال نسبته لي؟! لماذا تخاف على غيرك ولا تخاف على نفسك؟ من الذي أعطاك الضمانات؟ أنا أعتمد على كلام الله أنت تعتمد على ماذا؟ فالله هو الذي قدم العبادة على إفراده بها, وأنت ترفض! الله الذي خير الناس أن يؤمنوا أو يكفروا وأنت ترفض هذه الفكرة وتنسبهما لي ولعقلي القاصر, ماذا رفضت أنا من كلام الله؟ نبهني! سأكون لك من الشاكرين. هل الذي يرفض مضامينا قالها الله يخوّف بالله من لا يرفض شيئا مما قاله الله؟!
نعم كلنا يجب أن نخاف من الله, و ما يدريك أن يدي لا ترتعش؟ و ما يثبت لي أن يدك ترتعش وتتفصد عرقا وها أنت ذا تتملص من الآيات ببساطة وكأنها لم تُقَل؟!

واضح أنك لا تريد أي شيء لا تعرفه حتى لو كان حقاً وأفضل مما تعرفه, ليس هذا منهج الإسلام, منهج الإسلام الحق أحق أن يتبع حتى لو كان جديدا على مسامعنا فلسنا نحن المقياس بل الوزن يمئذ الحق, والله أمرنا أن نتبع الأحسن من كلما ما نرى ونسمع ولم يقل نتبع القديم أو المنتشر, بل ذم أهل مكة لاتباعهم آبائهم وأجدادهم بلا بصيرة وتثاقلهم عن التغيير إلى الأفضل كما قال: {اثاقلتم إلى الأرض}. الدين يطلب منا أن نتبع الحق أي حق ممن جاء وفي أي زمن جاء و من أي شخص جاء, وإذا وجدنا ما هو أفضل علينا أن نغير للأفضل حتى نكون خير أمة أخرجت للناس. نحن نردد كل يوم اهدنا الصراط المستقيم, أي في كل ما نعرف وما لا نعرف و في كل جديد, ولسان حالك يقول أننا عرفنا الصراط المستقيم وتمت الهداية إليه وانتهى الأمر وكل جديد هو باطل, إذن لماذا نقول اهدنا الصراط المستقيم؟ سيكون لا حاجة لها! وأنت هكذا تقفل باب الاجتهاد والاجتهاد بحث عن الأفضل.


جئت بهذا الحديث خصوصا ردا على كلامك أستاذي الذي قلت فيه :
لا يصلح أن يكون لنا تحسس من مصطلحات ككلمة أخلاق وفلسفة وعقل، فإما أن تبين المشكلة فيها منطقياً وإلا فلا قيمة للتحسس؛ لأن فلان تحسس منها فأنا أتحسس ولأنه نفر منها أنا أنفر! فهذه ليست بصيرة.

بما أنك جعات الموضوع شخصيا أكثر و تدخل به إلى الأنا و الأنت ، فاعلم أخي الكريم أن هذا المنبر الذي نكتب فيه هو المنبر الاسلامي " وهو مكان يقصده من يريد أن يعيش لحظات بين يدي الله بعيدا عن المشاحنات ، فهو مكان تحفه الملائكة ، فيه قرآن وحديث و ليس مكانا للسجالات الفكرية والفلسفية " منذ البداية تمنيت أن يكون هذا الموضوع مطروحا في منبر الحوارات الفكرية . أنئذ تبقى الأفكار مجرد رؤى تحتمل الصواب والخطأ ، أما هنا فعذرا فهو لليقينيات.

وهل هناك يقينيات بلا عقل؟ وإذا كانت الأفكار مبنية على كلام الله فكيف تصنفها؟ فهل ترفضها لأنها أفكار؟ تريد أن تفصل الإسلام عن العقل معاكساً كلام الله وتوجيهه خطابه لقوم يعقلون؟! وهذا العمل الذي تقوم به أليس بسبب فكرة عندك والفكرة من العقل؟! وإذا كان المنبر لقال الله وقال رسوله فلا تقل غيرها واذكر النصوص فقط، ذكرنا لك قال الله وقال رسوله ولم تأبه به، ونسبت مضمون الآيات لي وانتقدته، راجع نفسك يا أخي ولا تقذف بالعموميات ، فديننا دين البصيرة ولا بصيرة بلا عقل ، فالقرآن لقوم يعقلون ، وإذا كنت تكره العقل فاعترض على القرآن الذي وجه كلامه لأولي النهى ولم يكره العقل كما كرهته، ألا تخاف من مخالفة القرآن ولا ترتعش يدك لذلك؟. لن أقلل قدر شيء كبره القرآن ولن أفعل العكس، فهكذا أكون متبعاً وأسير على منهج كتاب الله. وإذا أبعدت العقل فكيف ستفهم قال الله وقال رسوله؟ بأي وسيلة سيكون الفهم؟ بالحفظ فقط؟ مع أن الحفظ جزء من نشاط العقل. وإذا كان العقل مرفوض فما هو ضد العقل الواجب اتباعه؟؟ أليس ضد العقل الجنون؟! فهل تأمر الناس به؟