عرض مشاركة واحدة
قديم 11-01-2013, 09:05 PM
المشاركة 26
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
يا حُلْوتي لو كُنْتِ غازَلْتِني=قَبْلَ مَشِيبي لَرَأَيْتِ العُجابْ!
لكُنتِ أَفْضَيْتِ إلى نَشْوَةٍ=تُنْسِكِ بالبَهْجَةِ نَهْجَ الصوابْ!
فإِنَّني كُنْتُ الفتى عارِماً=يَفْتَرِعُ الذُّرْوَةَ رَغْمَ الصِّعابْ!
عُروقُهُ تَحْوى دَماً لاهِباً=يَجْري بِها مُكْتَسِحاً كلَّ بابْ!
يالَ شَبابي مِن لَظًى مُحْرِقٍ=أَذْهَلَني.. أَذْهَلَ كُلَّ الكِعابْ!
قُلْنَ وقد شاهَدْنَهُ عَاصِفاً=ماذا بِهِ؟! يا سِحْرَ هذا الشَّبابْ!
ورُحْنَ يَحْلَمْنَ بِحُلْوِ الرُّؤى=بِه.. ويُكْثِرْنَ عليه الطِّلابْ!
وهو قَرِيرٌ بالهَوى جارِحاً=أَفْئِدَةَ الغِيدِ.. كماضِي الحِرابْ!
تَعِيْثُ في أَحْشائِهنُ المُنى=وهُنَّ يَسْعَدْنَ بِهذا العذابْ!
أَحْلى المُنى كانَ مِنْها النَّوى=بُشْرى بِوَصْلِ حافِلٍ بالثَّوابْ!
قالتْ وقد رَاوَدَني طَيْفُها=من صَحْوَتي بَيْنَ عَدِيدِ الصِّحابْ!
وهي التي تَسْحَرُ أَعْيُنَ النُّهى=وهي التي تَخْطُرُ فَوْقَ السَّحابْ!
ماذا؟! ألا تَعْرِفُ أنِّي التي=مِن دُونِ كُلِّ الفاتِناتِ اللُّبابْ؟!
ما لَكَ عَنِّي هكذا مُعْرِضٌ؟!=والنَّاسُ. كلُّ النَّاسِ مِنِّي غِضابْ؟!
كأَنَّني الشَّهْدُ حَلا صَافِياً=فاجْتَمعُوا مِن حَوْلِهِ كالذُّبابْ!
يَشْكُونَ مِنِّي الصَّدَّ لكِنَّني=أَرْخَيْتُ –فانْجابُوا- صَفيقَ الحِجابْ!
لم أَحْتَفِلْ إلا بِمُرِّ الهَوى=هَواكَ هذا.. بَعْدَ عَذْبِ الشَّرابْ!
فاصْدَعْ بِحُبِّي إنَّني جَدْوَلٌ=صافٍ. وأَخْدانكَ مِثْلُ السَّرابْ!
قُلْتُ لها يا حُلْوَتي. يا جَنى=رَوْضٍ نَضِيرٍ.. أَنْتِ مِثْلُ الشِّهابْ!
مُسْتَعْلِياً من أُفُقٍ شاهقٍ=مُنْتَشِياً بالحُسْنِ غَضِّ الإِهابْ!
من خُيَلاءٍ يَسْتَوِي لاهِياً..=بالشَّجْوِ.. ما لِلشَّجْوِ إلاَّ التَّبابْ!
وما لَهُ غَيْرُ النَّوى والقِلا..=وما لَهُ غَيْرُ ضَنًى واكْتِئابْ!
ولَسْتُ مِن هذا الذُّبابِ الذي=أَشْقَيْتِهِ.. عَرَّضْتِهِ لِلْخَرابْ!
أَمْسى عَمِيّاً ما يَرى دَرْبَهُ..=كيف؟! وقد خَيَّمَ فيه الضَّبابْ؟!
فلا ذَهاباً يَرْتَجي سالِماً=وما لَهُ عِنْدَكِ حُسْنُ المآبْ!
دَعِي فُؤادِي. إنَّهُ قانِعٌ=بِحَظِّهِ مِن زَيْنَبٍ والرَّبابْ!
هُما. وسِرْبٌ ناعِمٌ يَشْتَهي=هَوايَ.. قد يُخْطِىءُ فيه الحِسابُ!
وأَنْتِ.. قد يَغْدو الذُّبابُ الذي=صَدَدْتِهِ.. يُقْذِيهِ مِنْكِ الرُّضابُ!
فَلْتَحْذَرِيهِ.. رُبَّ مُسْتَوْحِشٍ=يَنْهشُ في جِسْمِكِ نَهْشَ الذِّئابْ!
بَكَتْ.. ولكِنِّي ارْتَضَيْتُ الطَّوى=عن شِبَعٍ يُلصِقُني بالتُّرابْ
أوَّاهِ مِن شَيْخُوخَةٍ لاتَني=تَجْعَلُ مِنِّي الشَّدْوَ مِثْلَ النُّعابْ!
كُنْتُ هِزاراً شادِياً.. مُطْرِبا=وعُدْتُ مِنْها ناعِقاً كالغُرابْ!
لو كُنْتُ مِثْلَ الأَمْسِ ما شَفَّنِي=حُسْنٌ. ولا أَثْخَنَ رُوحي الضِّرابْ!
ولم أَكُنْ أُغْضِي إذا مَسَّني=مِن العوادي جَنَفٌ أَوْ سِبابْ!
لكِنَّهُ الدَّهْرُ.. ويا وَيْلَتا..=مِنْه فقد أَوْجَعَني بالمُصابْ!
ولَيْسَ لي إلا اصْطِبارِي على=سِرْدابِهِ المُظْلِمِ بَعْد القِيابْ!
تَبارَكَ اللهُ.. فَكَم ضَيِّقٍ=نَأْلَفُهُ بَعْد وَسِيع الرِّحابْ!
لَيْسَ عُجاباً أُلْفَتِي لِلأَسى=وهو ضجيعي.. فالنُّفُور العُجابْ!
هذا أَنا. إِنِّي أَلِفْتُ الضَّنى=بعد الغِلابِ التَّمِّ. بعد الوِثابْ

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....