عرض مشاركة واحدة
قديم 01-22-2016, 07:34 AM
المشاركة 54
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
التعرض للسلطان والرد عليه
قالت الحكماء: من تعرض للسلطان أرداه، ومن تطامن له تخطاه، وشبهوه في ذلك بالريح العاصفة التي لا تضر بما لان له من الشجر ومال معها من الحشيش، وما استهدف لها من الدواح العظام قصفته. قال الشاعر:
إن الرياح إذا ما أعصفت قصفت ... عيدان نبع ولا يعبأن بالرتم
وقال حبيب بن أوس - وهو أحسن مل قيل في السلطان - :
هو السيل إن واجهته انقدت طوعه ... وتقتاده من جانبيه فيتبع
وقال آخر:
هو السيف إن لاينته لان متنه ... وحداه إن خاشنته خشنان
وقال معاوية لأبي الجهم العدوي: أنا أكبر أم أنت؟ فقال: لقد أكلت في عرس أمك يا أمير المؤمنين. قال: عند أي أزواجها؟ قال: عند حفص ابن المغيرة. قال: يا أبا الجهم، إياك والسلطان، فإنه يغضب غضب العصبي، ويأخذ أخذ الأسد.
وأبو الجهم هذا هو القائل في معاوية بن أبي سفيان:
ونغضبه لنخبر حالتيه ... فنخبر منهما كرماً ولينا
نميل على جوانبه كأنا ... نميل إذا نميل على أبينا
وقدم عقيبة الأسدي على معاوية، ورفع إليه رقعة فيها هذه الأبيات:
معاوي إننا بشر فأسجح ... فلسنا بالجبال ولا الحديد
أكلتم أرضنا فجردتمونا ... فهل من قائم أو من حصيد
أتطمع بالخلود إذا هلكنا ... وليس لنا ولا لك من خلود
فهبنا أمة هلكت ضياعا ... يزيد أميرها وأبو يزيد
فدعا به معاوية، فقال: ما جرأك علي؟ قال: نصحتك إذ غشوك، وصدقتك إذ كذبوك. فقال: ما أظنك إلا صادقاً، وقضى حوائجه.
ومن حديث زياد عن مالك بن أنس قال: خطب أبو جعفر المنصور، فحمد الله تعالى وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس اتقوا الله. فقام إليه رجل من عرض الناس، فقال: أذكرك الله الذي ذكرتنا به يا أمير المؤمنين. فأجابه أبو جعفر بلا فكرة ولا روية: سمعاً وطاعة لمن ذكر بالله، وأعوذ بالله أن أذكر به وأنساه فتأخذني العزة بالإثم، فقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين وأما أنت، فوالله ما الله أردت بها، ولكن ليقال: قال فعوقب فصبر، وأهون بها لو كانت، وأنا أحذركم أيها الناس أختها، فإن الموعظة علينا نزلت، ومنا أخذت. ثم رجع إلى موضعه من الخطبة.
وقام رجل إلى هارون الرشيد، وهو يخطب بمكة، فقال: " كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون " . فأمر به فضرب مائة سوط. فكان يئن الليل كله ويقول: الموت! الموت! فأخبر هارون الرشيد أنه رجل صالح، فأرسل إليه فاستحله فأحله.