عرض مشاركة واحدة
قديم 02-06-2011, 02:32 AM
المشاركة 39
رشيد الميموني
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
التدريس و بيداغوجية العصر


من بين الحكايات التي أرددها كلما طلب مني تلامذتي ذلك و الحصة تشارف على نهايتها ، حكاية تعييني بإحدى القرى النائية حيث لا ماء و لا سكنى ولا فصل للدراسة بالمعنى العام .. إذ كنت مضطرا للاستقرار بأحد الأقسام التي أدرس بها ، وجلب الماء من منبع ناء بمساعدة بعض التلاميذ . أما فصل الدراسة فكان عرضه يوازي عرض السبورة المهترئة وارتفاعه يكاد يفوق قامتي بقليل . ورغم ذلك قررت تحدي الصعاب ،هذا مع تأخر وضعيتي كمدرس رسمي . و لم يمنعني كل هذا من الاهتمام بتلامذتي .. وأول شيء فعلته هو أني طلبت منهم تنفيذ بعض التعليمات الضرورية في رأيي وأهمها :
- النظافة قبل ولوج القسم ، وهذا يتطلب منهم إحضار الماء معهم .
- إحضار وجبة معينة كالبيض والحليب ، لاقتناعي بأن التغذية أساس الفهم والاستيعاب .
ونظرا للحالة الرثة التي كانوا عليها ، فإني كنت أقتني – أثناء العطل - بعض الملابس المستعملة الجيدة والمعروضة بالمدينة بثمن بخس وأحرص على توحيد اللون ، ثم أهبها لهم ..
و بما أن فصل الشتاء كان يجعل الفصل مقفرا لعدة أيام بسبب تعذر مجيء التلاميذ واستحالة عبور النهر ، فإني كنت أضطر للذهاب إلى المدينة لجلب بعض الحاجيات الضرورية .. و كنت أتغيب لتغيب تلامذتي ، إلى أن توصلت باستفسار ، تلاه تنبيه ثم إنذار يحمل وعيدا باتخاذ إجراءات زجرية ضدي "لتلاعبي بمصلحة التلاميذ" ..
إلا أن أحد الزملاء العاملين بالمدينة قادني يوما إلى ركن بالمقهى ليفضي إلي بما هو أدهى وأمر .. قال لي هامسا إن هناك أقوالا في الخفاء تتهمني بما يلي :
- استغلال التلاميذ في جلب الماء وحاجيات أخرى .
- ابتزاز التلاميذ و إجبارهم على إحضار وجبات غذائية لي .
- الاتجار بالملابس المستعملة وبيعها للتلاميذ بالإكراه .
توقفت فورا عن كل ما برمجته منذ البداية دون أي تعليق .. اما عيون تلامذتي فقد كانت تحمل أكثر من علامة استفهام .
حين انتهيت من حكايتي ساد الصمت و لمست رغبة في بدء النقاش ، لكن .. دق الجرس .