عرض مشاركة واحدة
قديم 08-16-2011, 04:20 PM
المشاركة 1043
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
سليم الشيباني
يتمه: يتم الاب وهو صغير.
مجاله: مؤرخ

لبنان 1914
"... من يتمه صَنَع أبطالاً
كتبها: معين حمد العماطوري
ربما كان اليتم والفقر للإنسان حافزاً قوياً لصنع النجاح، "سليم قاسم الشيباني" الطفل الذي قدم من جبال لبنان مع والده الذي رأى مقتله أمامعينه، استطاع أن يخلق من الضعف قوة، ومن الفقر إرادة عمل.
أما حكايته فيرويها لموقع eSuweda ولده الخبير الاقتصادي الدكتور "ناهي الشيباني" الذي قال:

«
ولد والدي "سليم الشيباني" في قرية "سهوةالخضر" عام 1914 التي تبعد واحداً وعشرين كيلومتراً عن مدينة "السويداء" ودخلالمدرسة لمدة خمسة وأربعين يوماً فقط وكان من أكثر المثقفين في منطقته.

التحق والده عام 1922 أي جدي "قاسم" بصفوفالمجاهدين ضد الاستعمار الفرنسي، إذ كان السبب المباشر لانتقال جدي إلى سورية أنهضرب أحد أبناء القادة الفرنسيين عندما شتمه في "بيروت" وتوارى عن الأنظار، ثم فرإلى سورية وعلى الفور التحق بصفوف الثوار، ثم عاد خلسة إلى لبنان ليصطحب زوجتهوابنه أي والدي "سليم" وأبناء أخيه، حيث عمل الفرنسيون على تعذيبهم بسبب فرار جدي "قاسم" إلى سورية والتحاقه بركب الثوار.

وعندما استشهد جدي "قاسم" كان والدي "سليم" عمره عشر سنوات، فعاشيتيم الأب مع زوجة والده التي كانت تظلمه كثيراً، لكن قبل الخوض في معاناة والدي معالحياة لابد من إلقاء الضوء على حكاية استشهاد جدي "قاسم" قصة استشهاده
الشيخ سليم الشيباني
غريبةإلى حد ما، حيث كان يحرث الأرض قرب قرية "سهوة الخضر" وفجأة قدم عليه أربعة جنودفرنسيين سألوه عن مكان تواجد بعض الثوار ومنهم "قاسم" المذكور، يعني سألوا جدي عننفسه، قال لهم: "سأخبركم عن ذلك وسأحضر لكم المعلومات وابتعد عنهم بضعة أمتاروتناول بندقيته التي كان يخبئها بين الأعشاب وانبطح أرضا وطلب إليهم رمي الأسلحةوكان ذلك، أخذها مع ابنه "سليم" إلى القرية ووزعها على أبناء أخيه، وبعد عدة أياموبينما كان يعمل في الأرض ومعه ابنه الوحيد الذي هو والدي "سليم" تم تطويقه من قبلكتيبة فرنسية وألقوا القبض عليه وطلبوا منه معلومات عن الثوار فرفض ذلك، عندهاأطلقوا النار عليه وأصابوه بكتفه ورغم ذلك رفض تقديم المعلومات وكان دمه ينزف علىرأس ابنه الذي كان يبكي وهو متمسك بأبيه، وعندها أطلق الفرنسيون عدة رصاصات على رأسجدي "قاسم" وتركوه قتيلا عند غياب الشمس بعدما نجا من الموت في معارك "الكفروالمزرعة، والمسيفرة"، وبعدها ذهب الابن إلى القرية ليخبر
جانب من سهول سهوة الخضر
الأهل والثوار بما جرى».

وتابع الدكتور "ناهي الشيباني" بعد أن روىحكاية استشهاد جده "قاسم" معاناة والده "سليم" قائلاً: «تذوق والدي من صغره مرارةاليتم والفقر وعمل بالأرض التي تركها والده، وقرر أن يتعلم، عشق القراءة في الكتبالتي كان يستعيرها من الآخرين لأن الفقر حال دون قدرته على شراء الكتب، وعندما بلغسن الثامنة عشرة كان يحفظ آلاف أبيات الشعر لكبار الشعراء كما حفظ كامل ديوان "عنترة بن شداد"، ولم يكتف بالكتب الأدبية وإنما كان مولع أيضا بالجغرافية والتاريخوعرف بجغرافية معظم دول العالم، وعرف تاريخ حياة أكثر قادة العالم البارزين فيالعصور القديمة والوسطى، كما حفظ بالتواريخ كافة الحروب المهمة التي قامت فيالمنطقة العربية وآسيا وأوروبا.

كانمؤرخا لكافة الأحداث الرئيسية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وبشكل يومي منذ عام 1930 إلى أن توفي عام 1989 وما زالت مذكراته هذه محفوظة حتى الآن، ومن شغفه بالعلمقام بتعليم كافة أفراد الأسرة حتى بلغنا مراتب جيدة، وذلك في ضوء إمكانات ماديةمحدودة جداً حيث كان ينقل لنا الخبز والمؤن على ظهرهأيام الثلوج من قريتنا وكان يحض أهل قريته وكافة معارفه على التعلم ويقدم كل مايملكه من خبرات إلى من يرغب في التعليم، ويمكن القول إن ما فعله هذا ليس إلا ردةفعل نتيجة الفقر واليتم والجهل التي نالت منه في بداية عمره».