عرض مشاركة واحدة
قديم 11-15-2016, 02:03 AM
المشاركة 54
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
سقوط امبراطورية
[1]
في 20 آب وصلت إلى آيوا سيتي في الولايات المتحدة للمشاركة في برنامج الكتابة الدولي الذي شارك فيه 36 كاتب من 30 دولة في اطار منحة «برنامج فولبرايت». بعد ذلك بعشرة ايام بدأت محطات التلفاز الحديث عن الايام المتبقية للانتخابات. كل ليلة ذكروا بتحمس أن وقتنا في أمريكا آخذ في النقصان. في 28 تشرين الثاني، عندما صعدنا إلى الطائرات في طريق العودة، تبين أنه لسنا نحن فقط وحدنا الذين ودعنا أمريكا، بل الأمريكيون ايضا ودعوا أمريكا التي عرفوها.
أنا لست شخصا محايدا حتى لو كنت في اعماق البحر، حيث سأبحث عن الطرف المضطهد بين الاسماك من اجل تأييده. لذلك كنت إلى جانب بارني ساندرس في وجه هيلاري كلينتون، والى جانب كلينتون رغم جميع اخطائها في وجه ترامب. وحين توقعت الاستطلاعات سقوط هذا العنصري كنت خائفا من أنه رغم ذلك سينتصر. تنبأت بأن موجة الكراهية الكبيرة التي أوجدها لن تتوقف، إلى أن وصلت إلى نهايتها، إلى أن انتهت مصادر الطاقة الداخلية لديه. فلا يمكن كسر الموجة، إنها تنكسر وحدها.
ومن اجل التهدئة هناك من يقولون إن ترامب براغماتي، لكن المسألة اكبر من ترامب. مستقبل أمريكا الآن أسير للشيطان الذي حرره ترامب من القمقم: عنصرية فظة، كراهية كبيرة، رجولية قبيحة، اهانة النساء. وهكذا بدل اجواء التضامن الذي يجذب من اجل العمل، توجد الآن اجواء مسمومة حيث يتم استبعاد اشخاص من جميع دوائر الحياة. هكذا هي الطبيعة، تُبدل الفصول. وحينما لا يوجد في الافق من يُبدل أمريكا بقيادة العالم، يبدأ الانهيار من الداخل. يقول المثل «دوده من عوده». المفارقة هي أن المتطرفين القوميين هم الاعداء الاكثر لقوميتهم. إنهم يبحثون دائما عن العدو في الداخل، القريب: السود، المكسيكيون، المسلمون، اليهود واليساريون. واذا استيقظت جرثومة العداء فإن التفكك هو مسألة وقت.
لقد تجسدت عظمة أمريكا بقدرتها على عناق موجات المهاجرين من جميع أنحاء العالم على مر الاجيال. هؤلاء المهاجرون بذلوا الجهود من اجل النجاح. وفي نهاية المطاف عملوا من اجل نجاح أمريكا. أمريكا مدينة لهم أكثر مما هم مدينون لها. واضافة إلى ذلك فإن العلماء من جميع أنحاء العالم يتركون بلادهم ويأتون إلى أمريكا كي يزيدوا من قدرتها العلمية. لقد شعروا إلى حين صعود نجم ترامب، بأنهم من أبناء البيت. والآن عندما تختلف معاملتهم، فإن من يخطط للهجرة إلى أمريكا سيفكر مرتين. ومن هو موجود فيها يبدأ في التفكير بالمغادرة. يصعب العيش في مكان لا يرغب في وجودك.
يجدر بجميع الأمريكيين، في المقابل، أن يعرفوا أن كثيرا من دول العالم لن تذرف دمعة بسبب مشكلات الولايات المتحدة ـ لأنهم عانوا من سياستها. في الشرق الاوسط بالتحديد، أمريكا هي الركيزة لقوى الظلام في العالم العربي. في رحلة الطيران من نيويورك إلى فيينا، المحطة المرحلية في الطريق إلى تل ابيب، أعلن الطيار أن ترامب متفوق بـ 238 مقعدا مقابل 215 لكلينتون. حزنت، لكني تنفست الصعداء لأن مضيفينا لم يُطيلوا زيارتنا. لماذا وجع القلب؟ يكفيني الترامبيين في البلاد.
العالم عبارة عن سخرية، فكرت بيني وبين نفسي: إن الترامبيين لدينا تمت رعايتهم من قبل معارضي ترامب في الولايات المتحدة. من يرعى ترامبيين لدى الجيران لا يجب أن ينزعج عندما يقتحمون صالون بيته.

عودة بشارات
هآرتس 14/11/2016

سقوط امبراطورية
صحف أجنبية