عرض مشاركة واحدة
قديم 08-06-2010, 01:04 PM
المشاركة 2
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: تعلم كيف تعود الى الله

رأينا فى الجزء الأول من هذه الخواطر كيف أن أزمة العودة إلى الله تنقسم إلى أزمة عقل وأزمة قلب وأزمة ثالثة تجمع العنصرين معا

وعالجنا الأزمتين الأول .. وتبقت الثالثة لنعالجها ونقف عند قضيتها




أزمة الخط المستقيم


من أكبر الأزمات العقلية فى طريق العودة إلى الله هو محاولة العقل للعودة بغير إرشاد القلب ,
فما يغفل عنه الكثيرون أن الطريق إلى الله لا يسرع بالعاقل ولا يبطئ بالغبي الغافل بل يبطئ بالعاقل المتغافل
وبالعكس
فالعقل غالبا ما يكون طريقا للهلاك وهذا أمر طبيعى لأن العقل إذا سلك طريق التساؤل والعودة إلى الله طرح أمامه مفردات المادة والإدراك فى أمر يعوزه العجز للاعتراف بوجود خالق قادر منعم ومتفضل
ولذا فالمقولة الشهيرة أن الله تمت معرفته بالعقل تحتاج معها إضافة لتصبح قابلة للمنطق
فيكون الطريق بالعقل والقلب , فالقلب عماده المشاعر والأحاسيس وهو الذى يضيف لمحة التأثر المطلوبة لجمود العقل
فالعقل بلا قلب لا يعرف الخوف ولا يعرف الهيبة ولا يعرف العجز لأن مفردات العقل بطبيعتها تفجر الغرور الإنسانى فتدفعه للتساؤل بلا حدود وفى غياب التأثر القلبي يستمر التساؤل إلى ما لا نهاية رافضا أن يستكين لمفردات المنطق الإلهى طمعا فى منطق عقلي يقنعه
ولذلك ضل الملحدون وغيرهم الطريق عندما قالوا بعدم وجود إله وكيف يمكن أن يوجد إله لا يدركه بصر وفى هذا جاء القرآن الكريم مترجما لتلك الحقيقة , حقيقة أن العقل وحده لا يصلح حيث يقول عز وجل
[أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى القُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ] {الحج:46}

فالآية الكريمة جعلت الإدراك العقلي للقلب لا للعقل لأن العقل هو الطريق أو الوسيلة بينما المنفذ الفعلى هو القلب الذى يصدق أو يكذب النتائج
وقد تكرر مفهوم نسبة الإدراك للقلب لا العقل فى آيات القرآن الكريم مثال ذلك قوله تعالى
[أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ القُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا] {محمد:24}
وضلال الملحدين والمنكرين لوجود الخالق يدحضه المنطق العقلي ذاته حيث أن مفردات العقل ذاتها تقود إلى أن وجود الإله فى محل الإدراك ينفي ألوهيته بطبيعة الحال ,
إذ أن هذا الكون الذى لم نعرف منه إلا جزء بسيطا من سمائه الدنيا يبلغ مقداره 13 مليار سنة ضوئية فى الاتساع ومثلها فى العمر ويبدو أمام الإدراك لغزا غير قابل للحل ,
كيف يمكن لخالقه أن يكون تحت بصر الإدراك ,, لو كانوا يفقهون ؟!

هم بهذه الطريقة مع أمثالهم من عبدة المذاهب البشرية هبطوا بقدرات العقل إلى دركها الأسفل فخرج منهم كما رأينا ملحدون ومشركون وصنف آخر أعجب وهم العلمانيون عندما وقفوا يدافعون عن قدرات العقل الإنسانى باعتباره يستطيع بالتطور أن يطور تشريعاته بما يتناسب والتقدم العلمى الهائل الذى يرونه أمامهم ويعبرون عن ذلك بأن الدنيا أصبحت قرية صغيرة مملوكة للقدرات الإنسانية
ولعمرى إنهم فى ضلالة ما بعدها ضلالة ومن أشد إعجاز القرآن آياته التى أخبرنا عن أمثالهم فى قوله تعالى
[حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ] {يونس:24}
وقد كنت أتعجب من حماقة إبليس لعنه الله وهو يتحدى رب العالمين وهو يثق تمام الثقة بمصيره الذى أخبر عنه القرآن فإذا ببعض البشر أشد منه حماقة وهم يقرئون بأعينهم ولا يفقهون بقلوبهم هذا الوعيد المباشر الصريح بأن مصدر الهلاك الأعظم للبشرية عندما تأخذ الأرض زخرفها ويظن الغافلون أنهم قادرون عليها
ومما هو أغرب أن تلك العقول التى تتبجح بالعلم والإدراك والدفاع عن العقل تعجز عن ربط حقائق بسيطة تطرحها العقول والتجارب أمامهم وهم يرون بأعينهم هذا الكون الفريد الذى تشغل فيه شمسنا بمجموعتها حيزا أشبه بثقب إبرة فى هذا الكون الفسيح الذى لا زلت أدعو القارئ للتبصر فى جزء بسيط من سمائه الدنيا يبلغ اتساعه 13 مليار سنة ضوئية
أى حاصل ضرب 13000000000 × 12 × 365 × 24 × 60 × 60 كيلومتر

وتبلغ درجة حرارة الشمس فى قلبها حوالى 15 مليون درجة مئوية وعلى سطحها خمسة آلاف درجة لو نقصت هذه الدرجة بمقدار درجتين فقط , أى شيئ لا يذكر فهذا معناه بدء عصر جليدى على الأرض !
فأين هو مثال تلك القدرة على الضبط والإحكام ؟!
هذه الشمس بكل هذا المقدار الرهيب من الحرارة لا تستطيع أن تضيئ حول محيطها إلا ما مقداره 500 كيلومتر من صفحة السماء والباقي فى ظلمة حالكة ,
والأكثر إثارة للذهول أن هذا المقدار من الطاقة والحرارة يعتبر أشبه بقطعة الثلج أمام النجوم العملاقة التى تعتبر شمسنا أمامها من النجوم الباهتة حيث يبلغ مقدار طاقتها مليون مليون شمس فى الكويزرات العملاقة
فتخيلوا معى مقدار الطاقة المنبعثة من كامل نجوم السماء الدنيا وما علاها من سماوات ,
وتخيلوا السماوات السبع فى مجموعها بكل من فيها وما فيها عندما نستمع إلى أقوال المفسرين عن الكرسي الذى يستقر فوقه عرش الرحمن حيث وصف دنيانا بأنها إلى جوار الكرسي ـ لا العرش ـ كحلقة المغفر إذا ألقيت فى الصحراء وحلقة المغفر هى حلقة الحديد التى تربط بها الدواب
هذه الحقائق لو أننا وضعنا كوكب الأرض إلى جوارها ,,
ما الذى يمكن أن يساويه ؟!
فإذا وضعنا الإنسان إلى جوار كل هذا الهول ..
ما الذى يساويه ؟!
وهل يمكن بعد كل هذا أن نقبل تبجح القائلين برفض التشريع السماوى الداعين للمنهج العلمانى القائم على عدم صلاحية شريعة الله عز وجل لهذا العصر المتقدم ؟!
ولأن رب العزة لا يأخذنا بحماقاتنا فقد ترك لنا من الأدلة المبسوطة على حقارة شأن الدنيا وأهلها ـ إلا من أدرك واعتبر ـ عندما نلمح فى أطراف الأرض ألغازا تتحدى قدرة العلماء من سائر أقطار العالم وهم يقفون أمامها عاجزين عن النوم وعن الحل , والقائمة لا تؤذن بحصر حول النظام المفرط الدقة للأجرام السماوية وآثار ذلك على الأرض وما يحتشد من ألغاز علمية لا زالت رهن البحث من مئات الأعوام ككهوف تاسيلي وبوابات الشمس وأعماق المحيطات والآثار العلمية الحديثة التى يبلغ عمرها ما يزيد عن خمسة وثلاثين ألف عام هذا بالإضافة للقدرات التى تخرجها الطبيعة
فإعصار واحد مثل إعصار تورنادو الشهير الذى يتكرر كل عام يأتى بوقت محدد ومع ذلك تعجز أعتى التكنولوجيا عن التصدى له لتقليل الخسائر فقط فضلا على منعها ؟!
ومن آياته أيضا أن الدواب التى تقبع بلا عقل يمكنها إدراك الكوارث الكونية والطبيعية قبلها بوقت يمتد لساعات فى حين يعجز الإنسان بأجهزته ومعداته عن توقعها بنسبة صحيحة إلا فيما ندر
وهذا يؤكد على القول المأثور أن من اعتمد على عقله ضل , ولكن أين المتأملون ؟!

ولو غابوا عن تلك الحقائق كيف غابوا عن مثل هذا الوعيد فى قوله تعالى
[وَذَرْنِي وَالمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا * إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا {المزمل ـ 11 , 12 }

ومن غريب الأمور أن بعض علماء الغرب الكبار وهم فى الأصل أبعد ما يكون عن الدين إلا أنهم تمكنوا بالعقل المقترن بالمنطق القلبي الحر الخالى من الغرض والهوى من ولوج باب الإيمان من أوسع أبوابه عقب التأمل فى بديع صنع الله بهذا الكون ونقلت وسائل الإعلام مقولة مأثورة لأحد مشاهير العلماء فى علم الفلك قال
{ إنى على يقين من أن هذا المجال ـ مجال الفلك ـ لا يمكن لأحد أن يخوضه بعقله فى غير إيمان بوجود إله أو حتما سيفقد هذا العقل ْ}
والعبارة ترجمة بالغة الدقة لأن صفحة السماء والتأمل فيها تخرج بالعين البشرية من قصورها وغرورها المعهود لتدرك شأن الإنسان الحقيقي فإن أبي العقل اعترافا باله مالك قادر لهذا الملكوت فلابد أن التفسيرات ستعجز عن بناء إجابة منطقية للسؤال الصعب , أى انتظام وأية قدرة , ومن الطبيعى عندها أن يفقد الإنسان عقله
وفى آخر لقاء صحفي مع عملاق الفيزياء ألبرت أينشتين ذكر أمام الصحافة الحاشدة مقولة تشير إلى إيمانه المطلق بأن وجود الله حقيقة علمية لا مفر منها لتكتمل المعادلات فى هذا الكون بتلك الصورة التى عليها لأن افتراض وجود الله هو الحل الوحيد لعلاج قصورها .
فعلق أحد الصحفيين قائلا { عجبت لمن حبس الطاقة فى معادلة كيف يؤمن بوجود الله }
فرد أينشتين بعنف { إخرس .. أتظننى ملحدا إننى مؤمن بوجود الله وهذا ما لا ينكره عاقل }

والوصول إلى الله بطريق الإدراك العقلي السليم الممتزج بصحوة القلب يكون أفضل طرق الوصول دون شك مصداقا لقوله تعالى
[إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ] {فاطر:28}
فبلا شك أن إدراك العقل لمدى قدرة الله تعالى اللامحدودة وطلاقتها فى خلقه يقود المرء ببساطة إلى أن الوقوف بالعقل أمام خالق العقل ومحاولة الإستقلال بسلطة التشريع أو التعديل فيما لا يجوز فيه ذلك , أمر هو من الحماقة أحد وجوهها دونما شك
هذا عن العقلاء الذين أحبوا الإنفراد بالعقل وحده طريقا دونما تهذيب لقدراته بالقلب المستعد القابل للهداية فأخذهم الكبر والغرور البشري المعهود ,

ولكن ماذا عن العقلاء الراغبين الذين قادهم ذات العقل الراغب للهداية إلى التيه
هؤلاء هم للهداية طارقو أبواب لكنهم عجزوا عن إدراك أن هذا الطرق لا يفيد حيث أن الأبواب مفتوحة على الدوام ومع ذلك يصرون إصرارا غريبا على طرقها وسماع الإذن بالدخول أولا قبل أن يلجوها !
هؤلاء الذين لم يدركوا مدى العظمة التى يمثلها كبرياء الخالق
وأعنى بهم أولئك المؤنبين ضمائرهم بأخطائهم السابقة بشكل يجاوز الحد , بل ويمتد بهم العصف النفسي إلى ما هو أخطر إلى درجة ترك أعمال الخير مخافة الرياء وإلى حمل الهم النفسي والقنوط من رحمة الله تعالى تحت تأثير الخوف المرضي من الخطأ أو الذنب
وهؤلاء لم يسلكوا حكمة الإسلام العريقة التى تقول بالوسطية دوما , لأن مبالغتهم فى الخوف من الذنوب أوقعتهم فيما هو أشد ألف مرة إلا وهو القنوط واليأس
وهؤلاء لا يدركون حقيقة بسيطة للغاية تبسط نفسها أمام كل مبصر وهى أن الإنسان مخلوق على طريق الخطأ بطبيعته وليس مطلوبا من أى إنسان ألا يذنب بل المطلوب منه فقط ألا يصر على ذنب .. وما أبعد الفارق بين هذه وتلك
فلو أن الإنسان مطلوب وواجب عليه ألا يخطئ لما دخل الجنة أحد قط حتى الأنبياء والرسل والملائكة .
وفى هذا ورد حديث المصطفي صلي الله عليه وسلم قائلا
{ لا يدخل الجنة أحد بعمله ولا أنا ولا عيسي بن مريم إلا أن يتغمدنا الله برحمته }
فلو أن خلق الإنسان كان فيه الإلزام بالعمل الصارم بلا خطأ لكان معناه أن البشر تدخل الجنة بعملها وتدخل النار بتقصيرها وهو ما يعد أمرا مفروغا من نفيه ..
ولهذا جاء قول رسول الله فيما معناه { لو أنكم لا تخطئون لأتى الله بقوم يخطئون فيستغفرون فيغفر الله لهم }
بل حتى الملائكة وهم خلق لا يعصون الله ما أمرهم لا يدخلون بهذا العمل وقد ورد فى التفاسير أن هناك من الملائكة من هو ساجد لا يقوم وراكع لا يرفع وتقوم الساعة عليهم وهم على هذه الحالة قائلين { ما عبدناك حق عبادتك }
فما أعجب المتنطعين الراغبين فى تعذيب أنفسهم بما لم يرتكبوه بعد وكأن الله تعالى لم يقل فى كتابه العزيز
[مَا يَفْعَلُ اللهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللهُ شَاكِرًا عَلِيمًا] {النساء:147}
فالله أكبر من هذا وأعظم وأجل من أن يقف بالحساب أو يبالى
وقد ورد فى الأثر عن أحد الصالحين أنه قال لأحد الناس
{ من سيحاسبنا يوم الحساب }
فقال الرجل { الله عز وجل }
فقال الرجل الصالح { إذا نجونا ورب الكعبة فإن الله كريم والكريم لا يدقق فى الحساب }
ألم يقل الله عز وجل فى الحديث القدسي عند خلق آدم أنه يرسل أهل الجنة إلى الجنة ولا يبالى وأهل النار إلى النار ولا يبالى
فسبحانه من رب هو أدرى بأن الإنسان ظلوم كفار .. ولهذا كان مغفرته سابقة لغضبه
فليس على المسلم إلا إخلاص النية وعدم الشرك بالله والإيمان التام الخالص لوجهه وبعدها ليس مطلوبا منه إلا السير بطريق الإخلاص فى النية وهى أخطر ما يطلبه الله عز وجل حيث أن الإخلاص جعله الله سرا مخفيا حتى عن الملائكة والشياطين وجعله الطريق الوحيد للنجاة ..
أما الأخطاء والذنوب فهى عوارض الحياة اللازمة لها مهما فعلنا وما علينا إلا تفادى العمد فيها وحسب
فالعلماء الفلكيون قرروا أن الكون لا يعرف الخط المستقيم قط بل كل ما فيه عبارة عن منحنيات حتى الأجسام التى تطرق الفضاء يجبرها الفضاء الكونى أن تسلم المسار المنحنى أو الدائري أو الأسطوانى ولهذا أيضا وصف القرآن الصعود فى السماء دائما بلفظ العروج لا الصعود لأن العروج معناه المسار الدائري حتى لو كان الإتجاه لأعلى
ولهذا قال العلماء عبارتهم السابقة أن الكون لا يعرف فى هندسته الخطوط المستقيمة ,
ولفظ الاستقامة محل نظر لأن العلماء أرادوا بها وصف الخط المباشر غير المنحنى أو المنكسر ووصف المباشر يختلف جذريا عن المستقيم لأن الإستقامة معناها الإنتظام فى المسار بغض النظر عن شكل المسار مباشرا أو منحنيا
فالأرض مثلا تدور فى فلك منتظم مستقيم لا يختل فى مساره شبه الدائري حول الشمس وكذلك سائر الأجرام
وهذا يقودنا للربط بين التعبير الفلكى والحقيقة التى نحن بصددها أن الاستقامة المطلوبة من البشر ليست معناها السير فى خط مباشر لا يختل يمينا أو شمالا لأن هذا ضد طبيعة الخلق الإنسانى القائم على الخطأ والسهو والكبر والنسيان
فضلا على أن الإستقامة المطلوبة من البشر لو أنها تعنى السير المباشر لكان معنى هذا دخول الناس للجنة بأعمالها كجزاء طبيعى لعدم انحناء المسار فى انتظامه وهو ما يعد غير متحقق بشكل قاطع
وبهذا الشكل فحتما هناك مقصود ومدلول مختلف لمعنى الإستقامة فى القرآن الكريم فى قوله تعالى
[فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ] {الشُّورى:15}

فالإستقامة هنا معناها الإلتزام بأوامر الله بعد الإيمان والتوكل عليه فى الحساب لأن المسار بطبيعته للإنسان لا يمثله الخط المباشر بل الاستقامة فيه هى المسار المنحنى بلا خلاف والفارق يكمن فى الطاعة بحسب انتظام هذا المسار المنحنى ذاته
فليس مهما أن تزايد على نفسك بالطاعة والحذر بقدر ما هو أهم أن تنتبه لحقيقتين وهما
أن تسلك طريقك مخلصا النية فى عدم الخطأ ,
والثانية أن توقن تمام اليقين أن كل ما فعلته وما ستفعله هو لا شيئ أمام نعمة الله تعالى لأن الغرور بالنعمة أو العمل أو العلم هو طريق إلى جهنم بلا جواز سفر
فعلى الذى يرهق نفسه بالخشية من الخطأ أن يجعل تلك الخشية قاصرة على ما هو أولى ألا وهو الخشية منه جل وعلا ألا يقبلنا يوم الحساب .. والله عز وجل ذو رحمة وفضل لا ينفذ قط ولا يمل الله حتى تملوا
وإنه من المثير للدهشة أن الإنسان يمل والخير أمامه أضعاف الشر وسبل النجاة عديدة وسبيل الهلاك واحد فقط .
بينما الشيطان لا يمل قط ولا ييأس ويبذل الجهد أعواما لينال من الإنسان عثرة واحدة , وبعد كل هذا الجهد المضنى يعود الإنسان إلى رشده فيستغفر الله فيضيع عمل الشيطان كله بضربة واحدة ..
ومع ذلك لا يمل ولا يكل !
فهلا عدنا لأنفسنا فى لحظة صافية ,, لنتعلم كيف نعود لله عودة شافية