الموضوع: عورة وطن
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-29-2015, 12:37 AM
المشاركة 14
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
التركيب


عورة وطن

صاح فيه غاضبا : لم نزعت عن مصلحة جبايات الوطَن راية الوطن ؟

قال: هناك سلبوني ما كان يسترني أيها القاضي ، فسترت بها عورتي ...


هل للأوطان عورات ؟
تحضرني قصيدة للشاعر محمد بن ابراهيم عنوانها المطعم البلدي و مطلعها كالتالي :

إن كان في كل أرض ما تشان بــــــه * فإن طنجة فيها المطعم البلدي

عندما نحب يصيبنا العمى عن أخطاء الحبيب فلا نراها ، لأن غشاوة الحب تمنع البصر عن البصيرة فلا تشتغل آليات النقد فيكون العقل مغيبا و تعتري النفس حالة مس جزئية ، فالمحب مستعد للتجاوز حتى و إن ناله بعض تعسف من المحبوب ، لكن هذا لا يكفي لتبرير عصمة الحبيب من النقص و القصور الذي يصطبغ الموجودات .
إذا كان محمد بن ابراهيم وجد في طنجة ما قض راحته وأزعج روحه ، فالمختار السوسي واحد من رواد الحركة الوطنية حين نفاه المستعمر من المدينة حيث يمارس نضاله إلى قريته و مسقط رأسه حيث فرضت عليه إقامة جبرية قال :

وعهدي بها مسكية الترب والصبا *** شذا ونثير الدر بين المحاصب
إذا وجهها في اليوم أجرد كالح *** تصرصر فيها معصرات الجنائب

و أنا إذ جئت بهذين العلمين كمضرب مثل ، لأقول أن الظرف أحيانا يبرز عورات الأوطان . و يجعلها ظاهرة جلية ، ويرغم أفراده على إطلاق ألسنتهم بما تحسه نفوسهم .

الكاتب في النص جعل العدالة هي اللبنة الأساس للأوطان ، فكل رشاد مرتبط بالعدالة ، و كل ازدهار مرتبط بالعدالة ، الكاتب في نصه رسم القاضي رسما واضحا و هو يدافع عن الجاني و يقاضي الضحية ، المباني التي ترفع فيها الرايات أصبحت تمارس فعالا لا علاقة لها بالوطنية ، بل مجرد تستر بالوطنية لممارسة أبشع مظاهر القهر و السلب ، فالكاتب على لسان بطل النص تساءل أي عدالة هذه أيها القاضي حين غضضت الطرف عن كل أشكال الفساد و استغلال النفوذ و كراسي المسؤولية لذبح الحقوق و اغتصاب عقد الوفاء و الثقة بين المواطنين ومؤسساتهم ، أيها القاضي إن تلك البنايات لا تستحق تلك الأعلام ، فذاك العلم شريف لا تستحق رفعه غير الأيادي الشريفة .

أيها القاضي نداء مصحوب بهاء تنبيه ، يختزل المرارة التي يحس بها الذي يقف بين أيادي ممثلي العدالة " العورة " التي أدت إلى نشر الفساد و ساهمت في التطبيع مع اللاقانون . النص صرخة في وجه الظلم ، النص درس في الوطنية و نداء حي لإعادة الاعتبار للوطنية الصادقة .

شكري للأستاذ مصطفى الطاهري .