عرض مشاركة واحدة
قديم 09-15-2010, 02:34 AM
المشاركة 30
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ

p { margin-right: 0cm; margin-left: 0cm; font-size: 12pt; font-family: "Times New Roman","serif"; }p.MsoNormal { margin: 0cm 0cm 0.0001pt; font-size: 12pt; font-family: "Times New Roman","serif"; }
الأستاذ محمد إسماعيل عتوك
باحث في إعجاز القرآن البلاغي والعلمي



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة




قال الله تعالى:﴿ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ (العنكبوت:41) هذا مثل ضربه الله تعالى لكل من اتخذ من دون الله وليًا معتمدًا، يلجأ إليه، ويحتمي بحماه، وهو لا يجلب له نفعًا، ولا يدفع عنه ضرًّا، شبَّه فيه حاله هذه بحال العنكبوت اتخذت بيتًا؛ لتحتمي به من الأهوال والأخطار، وتأوي إليه، معتمدة على خيوطها القوية، وهي لا تدري أن هذا البيت لا يقي حرًّا، ولا بردًا، ولا يجير آويًا، ولا يريح ثاويًا.
فهؤلاء الذين اتخذوا من دون الله أولياء، هم وأولياؤهم مثل.. والعنكبوت وبيتها، الذي اتخذته من دون البيوت مثل آخر، وبين المثلين وجه شبه، دلت عليه كاف التشبيه، وهو ضعف المعتمد. والفائدة: التحذير من حمل النفس على التغرير بالعمل، الذي يقوم على غير أساس. وقد ورد هذا المثل في مطلع النصف الثاني من سورة العنكبوت، وهي سورة مكية، وموضوعها العقيدة في أصولها الكبرى( الوحدانية، الرسالة، البعث والجزاء ).
ومحور السورة الكريمة يدور حول الإِيمان، وسنة الابتلاء في هذه الحياة؛ لأن المسلمين في مكة كانوا في أقسى المحنة والشدَّة، ولهذا جاء الحديث عن موضوع الفتنة والابتلاء في هذه السورة مطوَّلاً مفصلاً، وبوجه خاص عند ذكر قصص الأنبياء، وأقوامهم الضالين، الذين بهرتهم قوى المال والجاه والسلطان، فظنوا لجهلهم أنها مانعتهم من عذاب الله تعالى. وتبتدئ السورة الكريمة بعد المطلع﴿ الم ﴾ بهذا البدء الصريح:﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ﴾؟ وتمضي السورة تتحدث عن فريق من الناس، يحسبون الإِيمان كلمةً تقال باللسان، فإِذا نزلت بهم المحنة والشدة، انتكسوا إِلى جحيم الضلال، وارتدوا عن الإِسلام تخلصًا من عذاب الدنيا؛ كأن عذاب الآخرة أهون من عذاب الدنيا﴿ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ.. ﴾ الآيات.
ثم تمضي السورة تتحدث عن محنة الأنبياء عليهم السلام، وما لاقوه من شدائد وأهوال في سبيل تبليغ رسالة الله تعالى، بدءًا بمحنة نوح، ثم إِبراهيم، ثم لوط، ثم شعيب- عليهم السلام- وتتحدث عن بعض الأمم الطغاة، والأفراد المتجبرين؛ كعاد، وثمود، وقارون، وهامان.. وغيرهم، ثم تذكر بإجمال ما حلَّ بهم من الهلاك والدمار نتيجة ظلمهم وطغيانهم: ﴿ فَكُلاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾(العنكبوت:40).
وبعد هذا الاستعراض السريع لمحنة الأنبياء، ومصارع هؤلاء الكفار والمشركين من الطغاة المتجبرين في الأرض‏,‏ والمفسدين، وما ترك ذلك من آيات وعبر لمن جاء بعدهم، يأتي هذا المثل؛ ليؤكد لكل طاغية متجبر أنه لا سلطان في هذا الوجود لغير الله‏ تعالى,‏ ولا ملجأ، ولا منجى منه إلا إليه‏ سبحانه وتعالى,‏ وأن قوى أهل الشر، مهما تعاظمت وتجبرت‏، هي هزيلة‏ ضعيفة‏ واهنة‏,‏ وأن اللجوء إليها، والاحتماء بها، كاحتماء العنكبوت ببيتها الواهن‏‏,‏ والذي تصفه الآية الكريمة بأنه أوهن البيوت: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾(العنكبوت:41).


يتبع ....