عرض مشاركة واحدة
قديم 09-14-2017, 11:34 AM
المشاركة 13
زهرة الروسان
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
دليل قاطع

تقدم نبيل لخطبة شهد، لكن شهد رفضت الزواج منه أو من أي إنسان آخر. مضت عدة أسابيع وشهد مصرة على الرفض مع أن جود يثق تمام الثقة أنها لن تجد أفضل من نبيل، فهو يفهمها جيدا و يجيد التواصل معها أكثر من جود نفسه... حين أعلم جود نبيل برأي شهد، لم يتفاجأ كثيرا، وطلب السماح له بمقابلة شهد و إقناعها بالموافقة... وافق جود على طلب نبيل. وفي اليوم التالي طلب من شهد التحضر للمقابلة، بشرط أن يجلسا في غرفة الضيافة تحت إشراف خالتها... وافقت شهد على المقابلة وراحت تنتظر قدومه بفارغ الصبر... وصل نبيل في موعده المحدد. القى التحية، وجلس الى شهد ليقنعها... لاحظ أثناء حديثهما أنها لا تحتاج للإقناع، فلم يكن صعبا أن يرى بوضوح نظرة السعادة تعلو وجهها الجميل... فكلما شعرت شهد بالسعادة، ازدادت عيناها اتساعا. ايقن أن سبب رفضها لا يتعلق به، وإنما هو أمر تخفيه... لربما ذات الأمر الذي حدثه عنه جود. فسألها محاولا دفعها للحديث: هل أنت سعيدة؟
-لا، أنت من يبدو سعيدا جدا... ما الذي يسعدك؟
-يكفي أنني أعلم أنك لم ترفضي الزواج بسببي... لكن أخبريني لم لا تريدين الزواج؟
-إنه أمر خاص. يخصني وحدي... أمر يصعب شرحه، أو حله.
-ربما وحدك لن تتمكني من حله... لكنني معك وربما أتمكن من مساعدتك.
-قصتي يصعب حلها... لكانت حلت قبل أكثر من عشرين عاما.
-وما شأن هذه القصة بزواجنا؟
-هي الشأن بحد ذاته... لو أنني عشت طفولة عادية، لو أنني أعيش مع أسرتي الحقيقية، لو أن أمي مازالت حية أو على الأقل تمكنت من تربية ابنها ولم يتزوج أبي... لو أنني لم أقابل هذه الأسرة من الأساس لكان الأمر مختلف... هل تذكر، في آخر لقاء علاجي، حين أحضر جود عمال لتصليح المكيف واضطررنا للجلوس جميعنا في المطبخ!
-طبعا أذكر.
-في ذلك اليوم قمت وغسلت الأطباق بدلا من خالتي... وقلت لي مداعبا بعد أن مدحت عملك أنك مستعد لغسل الأطباق عني بأجر مرتفع... أنا لم أتمكن من نسيان نظرتك تلك لكن أنا لا أستطيع دفع هذا الثمن بهذه الظروف...لا أستطيع ترك جود هنا... هو أمانة من أمي ولا يمكنني تركه.
-هو لم يعد طفلا... أمك حملتك أمانة الاهتمام به ولم تطلب منك ملازمته للأبد. سيأتي يوم يتزوج فيه ويتركك، لن يبقى معك طوال حياتك.
-أنت لا تفهم يا نبيل. لو أنني مؤتمنة على تربيته وحسب لحلت المشكلة... أنا أحمل ثقلا على كاهلي، حرمت من نوم ليال كثيرة، كان علي تسليم الأمانة منذ أن رحلت لكني لم أفعل.
-لماذا؟ لم لم تسلمي الأمانة؟
-لقد خفت. منذ رحيل أمي وأنا أستيقظ ليلا فزعة بشكل مستمر وذلك الكابوس يراودني وأنا أرى تلك النظرة الخائفة في عيني أمي وهي تحاول إخفائي... لا يمكنني نسيان الأمر... كنت هدأت بعد رحيل أبي... وما عاد الكابوس يراودني بتلك الكثافة. وقد كدت أن أنسى... لكن، منذ أن رأيتك، و علمت بطلبك، عاودني هذا الكابوس... يوميا. وكأن أمي أرادت تذكيري بذاك الحمل.
-شهد، تخفيك من ماذا؟
-تخفيني!...لا شيء... لا تهتم. لقد انقضى الأمر منذ زمن.
-تبدين خائفة شهد... حدثيني علي أتمكن من مساعدتك... من حمايتك.
-ما دمت اخفي الأمر عن الجميع فأنا بخير. لا تقلق علي أبدا.
-وكيف ستحلين المشكلة؟ كيف ستزيلين هذا الحمل دون أن تتأذي... ومن الذي سيؤذيك؟
-لا أعرف كيف أحلها... فأنا لا أملك دليلا قاطعا... الدليل هو ما سيحميني.
-ربما أنت تملكين الدليل، لكنك لا ترينه بوضوح... ترين هذه النظارة، هي طريقتي لكشف ما يخفيه من أحدثه... فهي تخفي نظراتي وتوضح لي نظرات الآخرين... لكنه تخفي عني أشياء أحتاجها ومع ذلك تكون عادة حولي.
-لا أظن ذلك... نبيل، أنا... موافقة على الزواج.
-حقا!
-أجل، لكن بشرط... جد لفداء زوجا جيدا يسعدها ويأخذها بعيدا.
-بعيدا! لماذا؟
-هي أرادت ذلك، أخبرتني مرة أنها تحلم أن تكون كسندريلا... تحلم بأمير يأخذها بعيدا على فرس أبيض... ويبعدها عن هذا العالم.
-هذه ليست محبة أليس كذلك!
-في الواقع لا، لكنه أحد الحلول ليساعدني على ازالة الحمل عن كاهلي.
-وما شأن فداء بالأمر؟
-لا شأن لها، لكن علي تقليل عدد أصحاب القرار في المنزل لحظة إخبارهم الحقيقة.
-كما تريدين. مع أنني لا أفضل تركك دون حل المشكلة.
-لا بأس... مضت أعوام وها أنا بخير ولن يكون عام آخر بالأمر الجلل.
خرج نبيل من المنزل محتارا حول شرطها الغريب... وازداد فضولا لمعرفة القصة. فمن يرى قوة شهد و صمودها لا يمكنه تخيل أنها من الممكن أن تخاف من شيء مهما كان