عرض مشاركة واحدة
قديم 05-22-2016, 03:19 PM
المشاركة 3
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
قصص الطفولة اذا هي قصص احداث غدت مزيجا من الذكرى والحلم مزيجا من الكثافة الوجودية والغيبوبة الشاعرية مزيجا يتداخل ويتواشج فيه المنطق واللامنطق. ولكنه مزيج يؤكد حضوره أبدا في عمق ما من النفس يستحيل ايفاؤه حقه مهما تابع الذهن جزئياته وتشعباته.
بل ان معظم كتاب السيرة الذاتية منذ اقدم الأزمان وفي آداب الامم جميعا يميلون الى تجنبه او إهماله ربما بسبب من صعوبته الخاصة . وقد جرت عادتهم اذا ركزوا على احداث طفولتهم ان ينظروا اليها بعين النضج الذي اطرحوه مع تقدم السن وتقدم القدرة على التعليل والتعليق. فهم يحاولون استيضاح ما جرى لهم في الماضي كمقدمة او تبرير لحاضرهم .
وهم يستبقون المعلقين والنقاد بشان تجربتهم بان يعلقوا هم على تجربتهم وينقدوها. وبما انهم لا يجدون دائماً الكثير للتعليق والنقد مما يتصل بسنوات الطفولة، فانهم نادرا ما يتوقفون عندها لاكثر من فصل او فصلين. انهم يستعجلون القلم لبلوغ المرحلة الاهم في نظرهم ، مرحلة المراهقة وبخاصة حين تنفتح النفس على بواكير الأحاسيس الجنسية ولذاتها واوجاعها المتسارعة.
وبعد ذلك يولون عنايتهم للمراحل اللاحقة من تجارب الشباب والنضج ، تدليلا على ما حققوا - او لم يحققوا - من منجزات في ميادين الفعل ، او الفكر او كليهما .
مهما يكونوا محقين في ذلك فاني أثرت اتباع طريقة تغاير طريقتهم ربما مستذكرا قول الشاعر وردزورث " ان الطفل هو والد الرجل " ولكن عن رغبة عميقة في التأكيد على روعة تلك الفترة من حياة الانسان بحد ذاتها ربما لقربها من اصل الكينونية ولا سيما اذا ذهبنا مع وردزورث مرة اخرى الى ان هذا الاصل منبته في السماء عند الله.